ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

الروائية المصرية عائشة ابو النور وثقافة الصمت

د. وجدان الصائغ - العراق

 

تشكل القاصة والروائية المصرية  عائشة ابو النور وعبر نتاجها السردي  خطاً سردياً متقناً  ولاسيما في مجموعتها (ارحل لنلتقي ) الصادرة في طبعتها الاولى  عام 2 199 وطبعتها الثانية عام 2003 عن مكتبة الاسرة  اذ نشهد توقاً واضحاً الى الانعتاق من اسار القولبة التدوينية المكرورة للمعمار السردي وسعيها الى منح السرد فضاء بصرياً  جديداً يقترب في تسطيراته من المعمار الطباعي لقصيدة النثر او التفعيلة  ليعيد الى الذاكرة اشادة الروائي العالمي نجيب محفوظ بترميزاتها التي تجمع بين الشعري والسردي وهو تمرد لايفتت الفضاء التدويني للبنية السردية فقط وانما يطال  تقنياتها الاساس مثل بناء الحدث ورسم الشخصية ، وسأقف على سبيل المثال عند قصتها (وسكتت شهرزاد) التي شكلت النص الاخير في المجموعة وهو امر له دلالته الواضحة ، والعنونة بوصفها العتبة الاولى فانها تستجلب ملامح شهريار وشهرزاد معاً الا ان المخيال السردي يخرجهما من دائرة الراوي والمروي له ليمنحهما هوية سياسية وليكونا وجهين للحاكم والمحكوم ،  فلايمكن النظر لشهريار على انه الكينونة الانسانية الراعفة بسبب من انتهاك الانوثة حرمة الوثاق الزوحي وانما نجد الخطاب السياسي قد اعطاه هوية محايثة ووجهاً يتماهى مع النسق السياسي المشغول بمباهج الاحلام عن الواقع المتخم بالحرمان واللوعة  ومثل هذا الانخطاف الترميزي ينسحب على شهرزاد ، قارن الآتي:

(وينتهي  الكلام / وتسكت شهرزاد عن الكلام / وعن سرد القصص والحكايات / بعد ان ادركت مع الايام جريمتها/ وبانها كي تنقذ رأسها من الفصل عن جسمها/ شغلت شهريار عن كل شيء آخر في الحياة/  ساعدت تغييب عقله/ وتخدير ارادته / حتى تفشت الفتن والمكائد/ والمجاعات في البلاد/ وشهريار غائب ، غارق في حكايات الامس/ مشغولاً متلهفاً لسماع بقيتها مساء اليوم)  تشكل شهرزاد الضمير الواخز ونبراته الراعفة التي تدين مسايرة الاستلاب الفكري الذي يمنح الذات الخاضعة لسلطة النفي الثقافي جرعة اكبر من اوكسجين الحياة (كي تنقذ رأسها من الفصل عن جسمها) بل ان المتن يعري الخطاب الثقافي الذي   يخضع لمتغيرات ايديولوجية تصادر الذات في خضم عارم من الحروب والهزائم والخيانات وما يتولد عنها من جهل وفقر وتخلف  ، وتسعى هذه الاستهلالة  الى ان تضمر وبوعي فني تراجيديات الانسان المعاصر وتشظياته المتوالية المرموز لها بـ( الفتن والمكائد  والمجاعات ) وهي تعكس بالضرورة الوعي الحاد بالمحنة  المتمظهر في احساسات الذنب (بعد ان ادركت مع الايام جريمتها) التي تلقي بظلالها على المشهد في اطار حركة ارتدادية تتوق لاعادة ترتيب الاوراق لاخلطها في خضم فوضوية الاحداث السياسية  وهو وعي يؤشر ذروة الاغتراب المكاني والزمني والنفسي  الذي  تعالجه الانا الساردة بثقافة الصمت التي هي نمط آخر من انماط الرفض لما يجري تأمل ما ورد في هذا المنعطف السردي :

(كانت نية شهرزاد قد عقدت على عزمها  / بالسكوت والكف عن الكلام/ بعد سرد قصتها الاخيرة/ التي ستختتم بها سلسلتها/ في ليلتها الاولى والاخيرة بعد الالف / وانطلق صوت شهرزاد يحكي ويقول/ بلغني ايها الملك الحكيم ذو الرأي الرشيد/ انه في العام الفين من بعد الميلاد / وعند اعتاب القرن الواحد والعشرين/ سوف تشهد المملكة وماحولها من بلاد / فوضى وانهيارات / حروب ومجاعات/ زلازل وفيضانات/ بطالة وجرائم/ ..../ وانهم في ذلك الزمان سيتبعون دين سياسي جديد/ اسمه الديمقراطية/ ويحكى ايها الملك الرشيد / انه في ذلك الزمان الغريب / سوف يعبث العابثون بشعار الديمقراطية/ يمطونه ويلونونه وفق مصالح واطماع/ رؤسائهم ، بالاتفاق مع اصحاب رؤوس الاموال ) بالعودة الى تاريخ التدوين النصي المثبت في اسفل المتن السردي 17/12/ 1992 نكتشف طرافة النبوءة التي يشهدها الراهن السياسي المتخم بالعزاءات والشعارات واللافتات الملونة ، وتأسيساً على هذا يمكن النظر الى القصة على انها بوابة استشرافية ترصد بدقة مايحصل في هذه اللحظة الراعفة حيث الديموقراطية والحرية وشعارات تحرير الانسان بل ان هذه القصة النبوءة تتوغل بمخيال متفحص لتستكشف تفاصيل الجرح الناغر وعبر متواليات سردية متخمة باحساسات الانكسار والخيبة التي تلمح غياب قيمة الفرد ازاء ضخامة اللافتات المستوردة التي لاتحمل الا حرية الدمار وديموقراطية الفوضى . القصة وبمكابدة جمالية تبلور خاتمة مضاءة بموت شهريار حين تضع شهرزاد الرامزة لضمير الانسان العربي في مواجهة حادة مع شهريار الرامز للنموذج السياسي المكرور وقوالبه السائدة وعبر دايولوج راعف يستدرج القارىء الى النهاية الصادمة لتكون القصة برمتها  بياناً ثقافياً وسياسياً يؤرخ لجراح الذاكرة العربية .

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا