ف |
شعر مترجم |
قراءة في القصص القصيرة جدا بالمغرب " أكواريوم " لعبد الحميد الغرباوي نموذجا د. جميل حمداوي - المغرب
إضاءة:
يعد عبد الحميد الغرباوي من أهم الكتاب المغاربة الذين برعوا في فن السرد القصصي تحبيكا وتخطيبا، وقد توج مسيرته الإبداعية بإصدار مجموعته القصصية : " أكواريوم" التي ظهرت في طبعتها الأولى سنة 2008م عن مطبعة القرويين بالدار البيضاء ضمن منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. وتجمع المجموعة بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، وتضم الأضمومة 38 لقطة قصصية قصيرة جدا في 72 صفحة من الحجم المتوسط.
أ- من الرؤية الاجتماعية إلى الرؤية الإنسانية:
تستند المجموعة القصصية " أكواريوم" لعبد الحميد الغرباوي إلى مجموعة من التيمات والمحاور الدلالية التي تترجم لنا تداخل الاجتماعي والإنساني داخل المجموعة السردية وانصهارهما فنيا ومرجعيا في بوتقة موضوعية واحدة. ومن بين هذه المحاور الدلالية نذكر العناصر المعنوية التالية:
1-العبث الوجودي:
تصور قصص عبد الحميد الغرباوي مجموعة من الحالات الوجودية والوضعيات الاجتماعية كالفهم الخاطئ للحياة، والتقاعس عن العمل و التواكل السلبي من أجل نيل العلا وتحقيق مطالب المجد والطموح. ويعني هذا أن ثمة فئة من البشر لايفهمون جوهر الحياة التي تستلزم الكد والجد والصبر والتفاني والتضحية من أجل الظفر بسعادة الدنيا والآخرة:" لوحظ على عبد النور، ومنذ فترة قصيرة، والسهر ليلا إلى جانب عامود نور كما لو كان على موعد مع شخص أو حدث ما... لم يجرؤ أحد أن يسأله... كان قليل الكلام شديد الانطواء... لكن عبد النور كان لايني يردد بداخله:" من طلب العلا سهر الليالي".. في ذات الوقت.. وفي مكان آخر... شخص حالته حيرت كل من يعرفه... ذهب ذات ليلة لينام وهو يردد بداخله:" مافاز إلا النوم"... ومنذ تلك الليلة لايزال نائما...."[1]
ويقدم لنا الكاتب أيضا في قصة:" وحيد" إحساس الشخصية بالوحدة الوجودية القاتمة التي ترتكز على معاناتها من العزلة الذاتية والاغتراب الوجداني والمكاني، وشعورها بالاختناق والذوبان الكينوني في هذه الحياة القاسية الكئيبة:
" ركب القطار، والوحدة كف شرسة تحط على صفحة وجهه تخنق أنفاسه... في القطار، تعارف، تحدث، ضحك، كما لم يضحك من قبل.... انفتحت نفسه للحياة... نزل من القطار، كانت الكف الشرسة في انتظاره... أفلت ذاته منها ومضى... والضحكات والحكايات يتردد صداها في داخله..."[2]
ويركز الكاتب في مجموعة من قصصه القصيرة جدا على التدقيق في الانفعالات الإنسانية الشعورية واللاشعورية، والتقاط الأمزجة البشرية في صراعها الذاتي أو الموضوعي كما في قصة:" تقابل" التي تصور عصبية النادل في التعامل مع زبناء المقهى:
" طوال النهار وهو يتحرك بين الموائد بخفة تنم عن دربة وتجربة طويلة في المهنة رغم أنه لم يتجاوز الأربعين إلا قليلا... علمته الأيام أن يستحمل بعض الزبائن ثقيلي الظل... لكنه اليوم لم يتمكن من ضبط أعصابه حين أصر زبون غريب بعدم تأدية ثمن قهوة لم يستسغها فتحول طرف من المقهى إلى ساحة معركة.. في المساء جلس كغيره من الزبائن في مقهى، أشعل سيجارة ثم طلب قهوة متمنيا ألا يكون طعمها فاسدا.."[3]
ويجسد الكاتب كذلك في قصة:" مزاج" عصبية الزوج وهو يحطم كل شيء في المنزل بعد أن تضايق بكل شيء، فلم يجد من حل سوى مغادرة البيت ومعانقة الفراغ:
" هكذا، ودون سابق تفكير، حطم مزهرتين، وصحن" طاوس"، ومزق صورتها.. ركل بقدميه كل شيء واللاشيء وهو يصرخ ملء حنجرته.. فجأة، توقف عن الركل والصراخ... مرر أصابعه في شعره، سوى من ياقة معطفه، أغلق الباب، وخرج يسير على الرصيف، يغني بصوت خفيض، يداه داخل جيبه تقبضان على الفراغ."[4]
إذا، فالكاتب من خلال هذه القصص القصيرة جدا يقدم نماذج بشرية في قمة العبث و الانفعال والاغتراب والمعاناة الوجودية.
2- عالم الطفولة:
تعكس ريشة عبد الحميد الغرباوي في قصصه القصيرة جدا الواقع الطفولي المأساوي بنبرة تراجيدية حادة بتجسيده للوحات سوداوية قائمة على التقاط بشاعة الحرب ورسم وحشية العنف :
" الولد الذي يجلس اللحظة يرسم، منذ قليل كان يجهش باكيا... شده الحنين إلى والدته، والده، أخته الذين أحرقتهم طائرة مغيرة فبكى.... يرسم الولد كوخا بمدخنة وحوله عشب، فلا دخان يخرج من المدخنة، ولا نداء يأتيه من عمق الكوخ... واخضرار العشب يتحول إلى اصفرار.... يرسم الولد شمسا فلا تضحك... عندليبا فلا يغرد... يرسم الولد طائرة حربية فتنطلق مسرعة لتحرق الأعداء...."[5]
ويطالب الكاتب بحماية الطفولة ونبذ الحروب والدمار كما في قصة:" بنت الشاطئ" ، وقصة:" الضحايا"، واستبدال لغة التخريب والتقتيل والتنكيل بلغة التسامح و المحبة والصداقة والسلام كما في قصة: " النشيد":
" كان الجد واجما، صامتا، يتابع ما تبثه التلفزة من أخبار، حين أقبلت حفيدته صائحة بصوت رقراق:" جدو...جدو"، وارتمت في حضنه.. كانت عيناه لحظتها، مشدودتين إلى بناية انهارت بفعل قنابل فوق أجساد صغيرة، وبالتحديد إلى طفلة شقراء مسجاة على الأرض تكاد بملامحها تشبه حفيدته تماما... تملكه رعب قاتل أدخله في شبه غيبوبة، لم يخرجه منها سوى صوت الصغيرة الكرواني وهي تمسك وجهه بيديها الحريريتين في محاولة منها للفت انتباهه إليها وصرف نظراته الشاردة عن الشاشة... - نعم حياة جدو... - هل أسمعك نشيدا حفظته اليوم؟ ودون أن تنتظر منه موافقة، طلبت منه إطفاء التلفزة، وما أن لبى طلبها حتى تراجعت خطوة إلى الخلف ووقفت في شموخ تصدح بنشيد يمجد المحبة والسلام... وما لبث الجد أن رفع عقيرته منشدا ليكون صوته وصتها نشيدا واحدا..."[6]
ويصور الكاتب أيضا برقة إنسانية رغبات الأطفال المتكاثرة والملحة مع تعقد الحياة، وغلاء المعيشة في المجتمعات الطبقية، وعجز ميزانية الأسرة المثقلة بفواتير الحياة التي لاعد لها ولاحصر. ومهما امتنع الوالدان عن تحقيق هذه الرغبات فإنهما بسرعة يستسلمان لها كيفما كانت العواقب وخيمة. ومن هنا، يبرز لنا الكاتب الدفء الأمومي وعاطفة الأم المتقدة بالحنان والشفقة تجاه فلذات أكبادها مهما كانت الظروف معقدة والوضعيات في غاية الصعوبة:
" قال لها وعيناه دامعتان: " قدماي لن أضعهما إلا في الحذاء الرياضي الذي وصفته لك..." مستسلمة، قالت: " وأين يوجد هذا الحذاء؟" بفرح طفولي أجاب: " في قيسارية" طوب 2000". أخرجت كل ما في خزانتها الصغيرة من أوراق نقدية، وقصدا " طوب 2000". أشار الولد إلى الحذاء... سألت البائع عن ثمنه... بمرح مصطنع أجاب: " لا غلا على مسكين، بستمائة درهم فقط"... انقبض صدرها...فتحت حافظة النقود... عدت الورقات، كانت ستمائة درهم...فقط"[7]
ويناء على هذا،يتبين لنا أن الكاتب قد أعطى للطفولة في مجموعته القصصية أهمية كبرى باعتبارها تمثل الخير والبراءة والحب الإنساني الحقيقي.
3- السياسة الزائفة:
يسخر الكاتب أيما سخرية من مفارقة الانتخابات الزائفة التي يتلاعب فيها الانتهازيون بضمائر الناس، فيستغلون فقر الضعفاء وجوع بطونهم من أجل الحصول على أصواتهم المربحة. ثم ، يداعبونهم في البداية بالخطب الطنانة ويسوفونهم برقة الكلام المعسول وحلو الخطاب اللذيذ. وبعد ذلك، يتناسونهم إلى الأبد بسبب انصرافهم إلى كراسي الثراء في البرلمان عقلا ووجدانا وطمعا. لكن الجائعين يحنون إلى الانتخابات المقبلة، وينتظرونها على جمر اللظى لإشباع بطونهم الجائعة مرة ثانية وثالثة وهكذا دواليك:
" قبل أن تبدأ الحملة، وحتى أثناءها، وفي سرية مكشوفة للعيان، طمأنهم بوعود ووزع عليهم مالا بسخاء، ومنح أطفالهم حنانا مفتقدا ورغيفا وشوكولاطة وملابس... نسي الكبار لفترة عوزهم، ونسي الأطفال جوعهم وعريهم... فاز بمقعد في البرلمان فنسيهم.... وسريعا عاد إليهم العوز والجوع والعري... إلا أن سؤالا واحدا ووحيدا ظل يطن بدواخلهم، طنين الذباب: " متى تأتي الحملة المقبلة؟"...[8]
وتزداد سخرية الكاتب من عالم الانتخابات المزيفة في قصة:" سد الرمق" التي تبين لنا مدى استهتار البرلمانيين البرجماتيين بالشعب الذي ينتحب جوعا ويتما وظلما وفقرا، بينما يزداد البرلماني غنى على غنى وغرورا على غرور:
" انبرى النائب البرلماني الجديد محذرا: - الشعب لايزال يتذمر من الجوع... فسارع نائب برلماني قديم إلى الرد قائلا: - وهل يريد أكثر مما أعطيناه؟... رد البرلماني الجديد: - وماذا أعطيتموه؟... رد البرلماني القديم المحنك: - أعطيناه ما يكفي من الوعود لسد رمقه!..."[9]
وتبلغ السخرية مداها عندما يرصد الكاتب الوعي الزائف والخاطئ عند شيوخ العرفان والاستلاب والتواكل الذين يتصالحون مع الواقع نفاقا ورياء على حساب الحقيقة والممارسة والتغيير، إنهم يذكروننا بسياسة اللاعنف عند غاندي:
" أمره الشيخ بالجلوس فجلس... خاطبه الشيخ قائلا: - انصت إلى جيدا...هذي نصيحتي إليك..إن كنت تريد العيش في سلام... - اطع والديك..اطع من هو أكبر منك..لاتبد امتعاضا ولا تذمرا، لا تغضب، لاتحتج، ابن عن قناعتك، داهن وساير، قل دائما، عند كل سؤال عن الأحوال، الحمد لله والشكر لله، كن مرحا، طلق المحيا، لاتحلم، لاتذهب بعقلك وفكرك بعيدا فتتيه، لاتنظر إلى أبعد من أنفك، لاتستفز أو تتهم أحدا واحذف من قاموسك الخاص مفردات من قبيل: الظلم، الاستبداد، الاستعباد، الصراع الطبقي، الإضراب، المحاسبة... فجأة، أمسك الشيخ عن الكلام، مسح على لحيته الزعفرانية، مطرقا إلى الأرض، ثم رفع رأسه، أشهر في وجهه سبابته وفي شبه همس استطرد منبها: ولا تنس قول:" عاش الوطن""[10]
ينتقد الكاتب سياسة السراب انتقادا بشعا قائما على التهكم والسخرية والمفارقة الكاريكاتورية التي تعبر عن تخلف الشعوب التي تؤمن كثيرا في شيوخها المتنطعين الذين يستغلون الدين لقضاء مآربهم الشخصية ومهادنة السلطة على حساب الشعب، وخدمة مصالح الإمام ولو كانت ضد مصلحة الرعية والمأموم.
4- العدوان القاتل:
يعكس لنا الكاتب في قصصه القصيرة جدا نوازع الشر وغرائز الحقد البشري مع تصوير نزعة العدوان والصراع الجدلي بين أفراد المجتمع بسبب الشره والطمع والتناحر حول أطماع الدنيا وتركتها التافهة كما في قصة:" الوريث"
: " يبحث عنه طويلا... تحت الفرش، وفي مخابئ منسية معتمة، تنبعث منها رائحة رطوبة قوية، وفي صناديق عتيقة مقفلة يدوية الصنع سوداء ثقيلة... فكر في مطرقة رآها مركونة في ركن قصي من الغرفة، لكن المطرقة لا تشبهه في شيء... وفي الأخير، اهتدى إلى عكاز أبيه الذي ودع الحياة منذ أيام قليلة... بسمل وحوقل. استجمع كمية من الأكسجين داخل صدره، زفر... ثم خرج على الناس شاهرا سيفه..."[11]
وتتمثل العدوانية المتهالكة في قصة:" الجعبتان" التي تصور بشاعة الحقد الإنساني وتعطش الإنسان إلى الدماء ونحر الآخر:
" أقبلا... كل واحد من الاتجاه المقابل للآخر... وكل واحد يحمل جرابا... قال أحدهما: " لعل القادم يتضور جوعا..." وأدخل يده في الجراب.. رآه الآخر، قال: " لعل القادم عدو يتهيأ لتصفيتي..." وأدخل يده في الجراب.. اقتربا... أخرج كل واحد يده.... كانت الرصاصة أسرع من كسرة الخبز..."[12]
وعليه، فهذه القصص ترسم لوحات جنائزية للعدوان الوحشي الكاسر والشر القاتل من أجل أطماع دنيوية زائلة وأوهام خادعة وأطماع ماكرة.
5- الفن الذابل:
يستحضر الكاتب عبر ثنايا قصصه القصيرة جدا صورة درامية لفنان فقير يعاني من الإهمال والتهميش والإقصاء يرسم داخل بيت حزين مقفل على نفسه لوحة امرأة تشع بالأمل والفرح المعسول، وبجانبها عجوز تستعد للرحيل وتتأهب للنهاية الأخيرة بعد أن تأملت شبابها اليانع واستمتعت برونقه وابتهجت بفارس أحلامها أيما ابتهاج. ومن هنا، تطفح هذه القصة بالفجائعية المرة والنبرة السوداوية من خلال استعراض جدلية الشباب والكهولة وجدلية الحياة والموت. وبالتالي، تتحول اللوحة إلى لقطة تشكيلية انطباعية تعبر عن حالة الفنان المفلس الذي ينخره اليأس القاتل والحزن الأسود الذابل:
" لوحة على حائط رمادي، في غرفة رمادية مهملة... اللوحة، ذات إطار من خشب رقيق، عتيق، أسود... يتوسط اللوحة رسم لامرأة ربيعية الملامح... وخلفها فرس جموح بيضاء... اللوحة فقيرة الألوان، لكنها منجزة بإتقان... لعل راسمها فنان... مجهول... عابر سبيل... بوهيمي فقير.. أدواته: فرشاة واحدة متآكلة الشعر، وأنابيب صباغة شبه فارغة... المرأة/ اللوحة.. عيناها الباسمتان، الحالمتان، المتألقتان، في عيني العجوز... العجوز الممدة على سرير واطئ.. قبالة الحائط... ابتسمت العجوز للمرأة/ اللوحة... ابتسمت لها وهي تساعد للرحيل..."[13]
ويستحضر الكاتب أيضا تجربة فنان يمارس التشخيص الدرامي والتمثيل الأدائي ، فيعيش على الخشبة الركحية مجموعة من المواقف المسرحية المتناقضة . ثم، تتأرجح حياته بين غنى الوهم وفقر الواقع، وتتحول حياته إلى صرخات باكية ومشاهد من المآسي والأوجاع الدامية كما في قصة :" الأميرة" وقصة:" الممثل":
" وقف يتلاعب بالأوراق المالية المتكدسة فوق السرير، يصرخ دهشة، حيرة... كانت الصرخة آخر حركة في المشهد الأخير... أسدل الستار... أسرع إلى غرفة الممثل، وصدى التصفيق يتردد عبر الممر المؤدي إليها.... أحكم إغلاق الباب خلفه... نظر إلى وجهه في المرآة، وأجهش باكيا..."[14]
يجسد الكاتب، إذا، معاناة الفنان في صراعه مع الواقع المادي المزري الذي لايعترف بالفن والإبداع ، بقدر ما يعترف بسلطة القوة وسلطة المال وسلطة الجسد غواية وافتتانا.
6- الرعب المخيف:
يثور الكاتب في قصصه أيما ثورة عارمة على عالم الرعب والخوف والإرهاب الذي يهدد الإنسان ويحد من حرياته الخاصة والعامة، ويندد بالدمار الذي يلحق بالبشر ويحولهم إلى جثث هامدة وأرواح خامدة:
" دخل عبد الباقي بيته واتجه رأسا إلى آلة التشغيل عن بعد، لحظة قصيرة جدا، وأضاءت شاشة التلفاز على قناة إخبارية... خلص عبد الباقي إلى أن أخبار اليوم عادية، ولا تحمل جديدا، وكان على وشك أن ينتقل إلى قناة أخرى، حين قرأ: خبر عاجل.... لم يكن الخبر سوى تكرار لما سبقه من أخبار غير أن الكلمة الأخيرة فيه هزته: " ...وخلف الانفجار مئة وأربعين قتيلا، فقط!..."[15]
ويستنكر الكاتب غياب القانون والحق و العدالة الإنسانية في هذه الأرض الخرساء التي أصبحت جحيما لايطاق بسبب التفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي وهيمنة شطط السلطة ولغة القوة والعنف والإرهاب ، وأصبح الإنسان- كما قال هوبز- ذئبا لأخيه الإنسان:
"- انظر... - أين...؟ - هنالك.. شخصان يحملان لافتة... هل ترى المكتوب عليها؟ - نعم،..." أين العدالة يا أمنا الأرض؟" - مجنونان، أنسيا أن أمنا خرساء، ومن قديم الزمان، نزعوا منها اللسان؟!!!"[16]
هكذا، يستهجن الكتاب لغة الرعب والموت، وينتقد سياسة العدوان والخراب. وفي المقابل، يدعو إلى لغة الحق والقانون من أجل تحقيق مجتمع عادل وحر.
7- المجتمع المتفسخ:
يرصد الكاتب مجموعة من الظواهر الاجتماعية المتفشية في كثير من المجتمعات المنبطحة قيميا وحضاريا، فينتقدها أيما انتقاد كظاهرة الاختلاط بين الذكور والإناث في الأماكن العامة والحمامات الشعبية بدون حشمة ولاحياء ولا وقار، ناهيك عن تردي القيم الأخلاقية الأصيلة في المجتمعات المنحطة، وتفسخ المجتمع حضاريا مع انهيار الأعراف والعادات والتقاليد والأصول التي تستوجب مراعاة الأخلاق ومقاصد الشرائع السماوية:
" بعد سفرة طويلة، مرهقة، وصل عبد الباقي إلى المدينة القابعة في أقصى نقطة من البلاد... اشتاق لرؤية الوالدة، ومن أجلها كان مستعدا لقطع الكرة الأرضية طولا وعرضا... بعد أن عانقها وقبل راحتيها، خرج يبحث عن حمام شعبي ليزيل عنه تعب السفر... كانت عيناه، حين تجاوز عتبة حمام شعبي داخلا، قد التقطت في قراءة خاطفة على لافتة معلقة أعلى الباب: حمام الزهور للرجال فقط...لكن شيئا ما في العنوان أثاره فتراجع قليلا إلى الخلف، أعاد القراءة: " حمام الزهور للرجال فقط... والنساء...""[17]
وعلى أي، فالكاتب يشخص في هذه القصص انهيار المجتمعات المفلسة التي فرطت في مقوماتها الدينية والروحية ومبادئها الأخلاقية والحضارية، فاستحقت بذلك الخزي والعار والعقاب الرباني الدنيوي والأخروي.
8- عالم البسطاء:
ينقل لنا الكاتب في عالمه القصصي مشاهد حياتية واقعية من عالم البسطاء الذي يتسم بالعمل والكد والجد من خلال رؤية اجتماعية تنبض بالمعاناة والمرارة الإنسانية . كما تتقطر هذه اللوحات الدرامية بالفطرة العفوية والحياة الطبيعية بدون تزييف فني أو تلوين جمالي مصطنع أو مبالغ فيه:
" حفار في ورشة بناء... يقضي يومه يحفر ويحفر إلى أن يجف ريقه، وينضب عرقه... في المساء، وككل مساء،.. يعرج على بائع خبز خشن، وبقايا سكر ونعناع وخليط من شاي.. الحفار، بعد قليل، سيدخل كوخه، ويسرع كعادته، إلى تشغيل المذياع الصغير، ليسأله عن أحوال الدنيا، وهو يهيئ له شايا."[18]
ومن هنا، يتغلغل الكاتب في تفاصيل الحياة وخبايا المجتمع، فيرصد معاناة المهمشين اجتماعيا، و الذين يعيشون خارج دوامة النفاق الطبقي والرياء الاجتماعي.
9- عالم المرأة:
لم ينس الكاتب في مجموعته الإبداعية :" أكواريوم" من استعراض قصص حول المرأة وخباياها النفسية الشعورية واللاشعورية، فيذكر لنا بكل صدق واقعي اهتمام المرأة بالمظاهر الزائفة من أجل إغراء المقابل الآخر، وجذبه إليها عشقا وغواية وفتنة لكي يقع في كيدها الآسر وشركها العميق وأحابيلها المعقدة:
" كانت تسير على رصيف.. جميلة الملامح، تتدفق حيوية وعذوبة... كان يسير على الرصيف المجاور... وسيم ، أنيق... الحر شديدا...كان... لكن لم يبد عليها ما ينم عن تضايق من وطأته... هو الآخر لم يكن يبالي... نظر إليها... نظرت إليه... تمتمت: آه، إلهي، " ليتني أحظى برجل مثل هذا الرجل..." تمتم:" مظاهر...إياك ثم إياك من المظاهر يا قلبي..."[19]
ويكشف الكاتب كثيرا من القضايا التي تتعلق بالمرأة في علاقتها بالرجل كالتماطل في الزواج بسبب الفقر المدقع، أوالتردد في اتخاذ الموقف المناسب، أوالشك في المعشوقة المتظاهرة، أواستغلالها من أجل اقتناص الفرص الشبقية . وفي نفس الوقت، يصور الكاتب مشاعر العاشقين، ويبرز أهواءهما وانفعالاتهما الإيروسية إيجابا وسلبا، مع التركيز على المرأة التي تستسلم لمتطلبات الآخر إرضاء للذات الغرائزية مخافة من العنوسة القاهرة ونظرات المجتمع الشامتة:
" وعدها بالزواج... وبعرس آخر طراز... ظل الوعد قائما... اللقاءات أضحت مملة... وذات صيف ملتهب جلس جوار كهل في طاكسي كبيرة... تبادلا كلاما كثيرا... وبعد أن استأنسا إلى بعضهما البعض، سأل الكهل الشاب: " متزوج؟..." رد الشاب محرجا: " أنتظر..." ضحك الكهل وهو يناول الشاب مجلة مفتوحة على صفحة... " لاداعي للانتظار؟... انظر، ألسن جميلات فاتنات؟ ماعليك سوى الاختيار....".. صفعته صورتها بين صور طالبات الزواج..."[20]
هذا، وينقل لنا الكاتب الصراع الجدلي بين الذكورة والأنوثة التي تتحول في بعض الأحيان إلى مشاهد العنف والاغتصاب والعدوان عن طريق التنكيل بالمرأة زراية واحتقارا ومهانة:
" جلس في مقهى ليشرب قهوته سريعا وينصرف، فوجد نفسه مشدودا إلى عمارة تشرف نوافذها مباشرة على المقهى... خلف كل نافذة ثمة حكاية..حياة... قال في داخله... وأشعل سيجارة.. فجأة برز وجه سيدة من إحداها... الوجه بدا حزينا ومنهمكا.. لاحظ كما لو أن السيدة بشعرها المشعت تلوح بيدها.. ارتبك أشاح بصره عنها...لكن قوة ما غريبة جعلته يعود إليها... كانت لاتزال تلوح...ولحظة أراد أن يرسم بيده السؤال: " ماذا...؟" ، برز من خلفها وجه جهم وبيد حانقة جرها من شعرها إلى الداخل. مسح الفضاء الخارجي بعينين فاحصتين متقدتين غضبا وأغلق النافذة..."[21]
هكذا، نجد عبد الحميد الغرباوي في مجموعته القصصية:"أكواريوم" ينطلق من رؤية اجتماعية يدين فيها المجتمع البشري المنحط في قيمه ومبادئه الأخلاقية. وفي نفس الوقت، يحمل رسالة إنسانية إلى العالم تقوم على إشاعة الخير والحب والسلام والتسامح والمحبة.
ب- من رمزية الحكاية إلى أناقة اللغة والأسلوب :
1- النزعة القصصية:
يكتب عبد الحميد الغرباوي قصصا وحكايات خاضعة للتحبيك السردي من خلال التركيز على الأحداث النووية الأساسية، والتعاطي مع المؤشرات الزمنية المحددة لنسقية الأفعال وترتيبها، واختيار الأفضية والشخصيات المسماة بدقة ،والاستعانة بالمكون الوصفي والتصوير البلاغي لتقديم نصوص موحية ومعبرة، والانطلاق من منظورات سردية ذاتية وموضوعية، داخلية وخلفية، والتأرجح بين السرد والحوار والتذويت الداخلي. وتتخذ القصص طابعا كلاسيكيا بسبب تسلسل الأحداث سببيا وزمنيا كما في هذه القصة المتعاقبة كرونولوجيا ومنطقيا:
" كان الجد واجما، صامتا، يتابع ما تبثه التلفزة من أخبار، حين أقبلت حفيدته صائحة بصوت رقراق:" جدو...جدو"، وارتمت في حضنه.. كانت عيناه لحظتها، مشدودتين إلى بناية انهارت بفعل قنابل فوق أجساد صغيرة، وبالتحديد إلى طفلة شقراء مسجاة على الأرض تكاد بملامحها تشبه حفيدته تماما... تملكه رعب قاتل أدخله في شبه غيبوبة، لم يخرجه منها سوى صوت الصغيرة الكرواني وهي تمسك وجهه بيديها الحريريتين في محاولة منها للفت انتباهه إليها وصرف نظراته الشاردة عن الشاشة... - نعم حياة جدو... - هل أسمعك نشيدا حفظته اليوم؟ ودون أن تنتظر منه موافقة، طلبت منه إطفاء التلفزة، وما أن لبى طلبها حتى تراجعت خطوة إلى الخلف ووقفت في شموخ تصدح بنشيد يمجد المحبة والسلام... وما لبث الجد أن رفع عقيرته منشدا ليكون صوته وصتها نشيدا واحدا..."[22]
ويعني هذا أن قصص عبد الحميد الغرباوي تشتمل على مجموعة من المكونات السردية كالأحداث والشخصيات والفضاء والوصف والمنظور السردي وبنية الزمن والتخطيب الأسلوبي.
2- المستوى التركيبي:
يجمع عبد الحميد الغرباوي في أضمومته السردية بين القص القصير كما في:" نكاية في القص...جدا" ، والقص الطويل كما في " قصص قصيرة جدا". وهنا، يلعب الإضمار والحذف دورا مهما في تحبيك القصص وتلغيزها وتنكيتها كما يظهر ذلك جليا من خلال علامات الترقيم التي تحمل دلالات سيميائية مفتوحة. وتحضر الفواصل والنقط لفرملة الجمل وضبط إيقاعها التنغيمي والدلالي ضمن خاصية الاقتضاب والتكثيف. وقد وظف الكاتب مجموعة من الأنماط التركيبية كالنمط الحكائي كما في الأرنب والسلحفاة:" في آخر سباق جرى بين الأرنب والسلحفاة، اعتبر سباق القرن، فاجأ ثعلب جائع السلحفاة الثانية فظلت أسيرة مخالبه، ليفوز الأرنب... إلا أن الحكاية أبت، وبإصرار منها، أن يظل الأرنب يسخر من السلحفاة، وأن تظل السلحفاة تعتمد على حيلة جدتها الكبرى لتفوز على الأرنب في كل سباق".[23] واستعان الكاتب بالتركيب القصصي كما في قصة:" حالتان وجوديتان"، والتركيب الحواري الدرامي كما في قصة:"مجنونان". ويلاحظ أن الكاتب عبد الحميد الغرباوي في بعض الأحيان يقتضب في قصصه ويوجز، وفي بعض الأحيان يوسع ويمطط حبكاته السردية والقصصية. ويعني هذا أن الكاتب مازال لم يتخلص من قبضة السرد الروائي والقصصي، ويكتب القصة القصيرة جدا بعقلية القصة القصيرة أويكتبها بصيغ التعبير الروائي كما يظهر ذلك من خلال استعمال كثرة النعوت وتفصيل الأحداث وتكرار العبارات كما في قصة :" الوريث" مثلا:" " يبحث عنه طويلا... تحت الفرش، وفي مخابئ منسية معتمة، تنبعث منها رائحة رطوبة قوية، وفي صناديق عتيقة مقفلة يدوية الصنع سوداء ثقيلة... فكر في مطرقة رآها مركونة في ركن قصي من الغرفة، لكن المطرقة لا تشبهه في شيء... وفي الأخير، اهتدى إلى عكاز أبيه الذي ودع الحياة منذ أيام قليلة... بسمل وحوقل. استجمع كمية من الأكسجين داخل صدره، زفر... ثم خرج على الناس شاهرا سيفه..."[24]
ويخضع التركيب الجملي للانزياح التركيبي عن طريق تخريب الرتبة النحوية والتشويش على نظام الجملة تقديما وتأخيرا وتخصيصا ، وفي هذا المنحى التركيبي تقترب القصة القصيرة جدا من خصوصيات الشعر ووظيفته الجمالية القائمة على تقاطع المحور الاستبدالي مع المحور التركيبي انتهاكا وخرقا للمألوف والمقنن. ويكثر الكاتب من الجمل الفعلية الدالة على الحركة والتوتر والتي تنسجم مع التعاقب المنطقي والكرونولوجي للأحداث المتعلقة بالمحددات الفضائية تزمينا وتفضية واتساقا وانسجاما.
2- اللغة والأسلوب:
تتسم لغة عبد الحميد الغرباوي بالرقة والليونة والسلاسة والسهولة، أي إنها لغة لينة ومهذبة ومألوفة ومتداولة الاستعمال. بيد أنها لغة وامضة مشعة مدهشة بإيحاءاتها الرمزية ونبضاتها الساخرة . كما أنها لغة تتقطر بالفكاهة والابتسامة الذكية كما في هذه القصة التي تنبض بالإنشائية والبيانية ضمن أسلوب سهل ممتنع:
" لوحظ على عبد النور، ومنذ فترة قصيرة، والسهر ليلا إلى جانب عامود نور كما لو كان على موعد مع شخص أو حدث ما... لم يجرؤ أحد أن يسأله... كان قليل الكلام شديد الانطواء... لكن عبد النور كان لايني يردد بداخله:" من طلب العلا سهر الليالي".. في ذات الوقت.. وفي مكان آخر... شخص حالته حيرت كل من يعرفه... ذهب ذات ليلة لينام وهو يردد بداخله:" مافاز إلا النوم"... ومنذ تلك الليلة لايزال نائما...."[25]
وتتلون الأساليب في قصص عبد الحميد الغرباوي إخبارا وإنشاء مع تنوع المقامات والسياقات النصية والتداولية، فيكثر الاستفهام والإثبات والنهي والشرط والاستدراك والنفي والأمر والترجي والتوقع :
" لاتقل لهم كل شيء، إذا ما بكيت أو صرخت، أو ضحكت... لاتقل كل شيء.. فقد تسحقهم قاطرة كلامك، أو تبلعهم مرايا حكاياتك. قل لهمن فقط: " كان في زماننا لمطر ألحان شجية، ولفاكهة الفصول ألوان، وكان للفرنك رنة".[26]
ومن هنا، فروعة عبد الحميد الغرباوي على مستوى الكتابة السردية وسمو إبداعه القصصي يتجلى في لغته الأنيقة وأسلوبه السهل الممتنع.
3- بلاغة الصورة:
تقوم بلاغة الصورة عند عبد الحميد الغرباوي على المفارقة والسخرية والتهجين والباروديا والفكاهة واستعمال صيغ التعبير التراثية وتشغيل الرمزية المعبرة كما في مجموعة من الحكايات الرمزية التراثية التي تحمل مجموعة من العبر الحاثة على العمل والصبر والمثابرة ونبذ العدوان والغرور :
" كان الفيل يتمتع بحب جميع الحيوانات لما ترى فيه من تواضع ونكران الذات. وهذا ما لم يعجب الزرافة التي قالت:" لو كان للفيل رقبة طويلة مثل رقبتي هذه، لكان من السهل إدراك سر حبنا له، لأنه حينئذ سيكون أطول حيوان في الغابة." واستفز الطاوس الذي قال بزهو وخيلاء:" أما لو كان للفيل ذيل جميل مثل ذيلي هذا، لكان من السهل معرفة السر، لأنه حينئذ سيكون أجمل حيوانات الغابة." أما الدب فانبرى قائلا:" لو كان للفيل مثل قوتين لصبح من السهل فهم كل شيء، لأنه سيكون أقوى حيوانات الغابة." إلا أن الفيل، في تلك الثناء، كان همه وشغله الشاغل أمر الغابة التي لم تعد نباتاتها تكفي لغذائه..."[27]
وتظهر ملامح الرمزية أيضا في قصة أخرى تدعو إلى الصبر والتحدي والصمود:
" كان يختبئ في أحد الكهوف قائد عسكري مهموما حزينا يفكر في حال بلاده لأنه لم يحالفه الحظ في أكثر من معركة.وفجأة، رأى عنكبوتا. كان العنكبوت قد بدأ في نسج خيوط حول جسمه. فخطر ببال القائد أن يرى ماذا سيفعل العنكبوت لو قام بتمزيق الخيوط التي نسجها. ومد يده ومزق الخيوط. وبسرعة عجيبة بدأ العنكبوت في نسج خيوط جيدة. وكرر القائد هذا العمل ست مرات متتالية. وفي كل مرة كان العنكبوت يقوم في الحال، ودون أدنى تردد، بنسج الخيوط حول جسمه من جديد. وتعجب أشد العجب من إصرار العنكبوت وقوة إرادته وعدم استسلامه لليأس. وقال في نفسه: " الآن سأمزق الخيوط للمرة السابعة، ولو قام العنكبوت بنسجها من جديد، فإن هذا سيكون بمثابة درس لي، لأنني – تماما مثل العنكبوت- هزمت ست مرات في المعركة". وبالفعل، قام بتمزيق الخيوط للمرة السابعة. ولدهشته البالغة أخذ العنكبوت يعمل بجد إلى أن انتهى من نسج خيوط جديدة. لكن الذي لم يكن القائد على علم به، أن العنكبوت، وفي كل مرة، كان يعود وهو في قمة الغضب، وعلى حافة اليأس، لنسج خيوط جديدة، كان لايفتأ يفكر في كيفية الخلاص من هذا المعتدي الغريب."[28]
ولم يكتف الكاتب بالرمز والمفارقة الساخرة ، بل التجأ إلى التشخيص الاستعاري والمجاز المؤنسن للتعبير عن آلام الإنسان وآماله كما في القصة التالية:
" يداه الحالمتان، تستيقظان، دائما، مغلقتين قابضتين على الخواء..."[29]
ومن ثم، فالكاتب قد تخلص في قصصه القصيرة جدا من رتابة التقريرية المباشرة المملة عبر الإيحاء المجازي وتوظيف الصور القصصية الرمزية الدالة.
خاتمــة:
ونستنتج، مما سبق ذكره، أن عبد الحميد الغرباوي كاتب قصصي أنيق اللغة والأسلوب ، يستخدم صورا سردية موحية وحكايات رمزية عجيبة. وبالتالي، فهو ينتقل في قصصه من عالم الصغار إلى عالم الكبار، ومن عالم الشر إلى عالم الخير، ومن عالم الرجولة إلى عالم الأنوثة. وبالتالي، يحمل في أضمومته السردية رؤيتين متكاملتين ألا وهما: الرؤية الاجتماعية والرؤية الإنسانية. ويعني هذا أن عبد الحميد الغرباوي كاتب اجتماعي ملتزم بقضايا المجتمع ومهتم بتفاصيله الدقيقة وخباياه الظاهرة والمضمرة، كما أنه كاتب إنساني يدعو إلى إنسانية الإنسان من خلال إشاعة فكر السلام والتسامح والمحبة والمودة والتعايش مع نبذ منطق القوة والعنف والإرهاب والحروب المدمرة. كما يرى الكاتب في الطفولة عالما مستقبليا نابضا بالحلم والبراءة والسعادة والوئام الحقيقي. وأقول، بكل صراحة موضوعية، لقد انتعشت القصة القصيرة جدا بالمغرب أيما انتعاش فني كتابة وإبداعا ورؤية ، وستزدهر أيما ازدهار مع مجموعة من الكتاب المتميزين وأخص بالذكر الدكتور عبد الحميد الغرباوي الذي أثرى هذا الفن المستحدث بمواضيعه الاجتماعية والإنسانية الجادة ، وبفضل روعة لغته الزاهية الأنيقة وأسلوبه السامي الراقي برقته الجذابة وليونته المعسولة ونصاعة ألفاظه البيضاء الجميلة. [1] - عبد الحميد الغرباوي: أكواريوم، مطبعة القرويين، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص:5؛ [2] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:13؛ [3] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:19؛ [4] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:14؛ [5] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:6؛ [6] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:23؛ [7] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:10؛ [8] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:6-7؛ [9] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:21؛ [10] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:22؛ [11] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:7؛ [12] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:25-26؛ [13] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:8؛ [14] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:20؛ [15] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:9؛ [16] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص: 11-12؛ [17] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:9؛ [18] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:11؛ [19] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:21-22؛ [20] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:18؛ [21] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:7؛ [22] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:23؛ [23] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:27؛ [24] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:7؛ [25] - عبد الحميد الغرباوي: أكواريوم، ص:5؛ [26] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:31؛ [27] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:26؛ [28] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:27؛ [29] - عبد الحميد الغرباوي: نفسه، ص:31.
|
|
|
|