ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

المرأة شعراً تصالب الزوايا

رحاب حسين الصائغ - العراق

 

      المرأة نقطة التقاء الجهات الأربعة في هذا الكون، بشغف شديد قرأت القرآن  لمدة سبعة أيام، من أجل أن أجد ما يشير إلى الخرافة السائدة بأنَّ المرأة من أغوى آدم بأكل التفاحة المحرمة، لم أجد في القرآن غير أن آدم قد أغويَ، فعصى ربه، هنا تسقط مقولة الخرافة السائدة.

المرأة هي مركز أللا شعور عند الإنسان فكل محاولاته في التعبير عن مكنون وجوده يقوده للبحث عن الأنثى تشبيهاً ووصفاً، لذا التعبير عن المحنة في عموم فواصل الحياة، المرأة هي عصب الموضوع، الشعر هو الماء المتدفق في شريان اللغة، يقدم صورة معبرة على وجود هذا الكائن القوي الضعيف، يرمز لها بكثير من الرموز الجمالية المعبرة، ( بزهرة ربيع العمر/ غضب الليل/ عاصفة القلب/ نافذة الروح) في خيال الشعراء، لا بد من وجودها في مضمون قصائدهم الشعرية، لذا علينا التوقف عند مصدر الإلهام ( المراة) ونجهد أنفسنا في البحث والتحليل عن هذه المخلوقة التي يدفئ حضورها إحساسنا الممتزج كموج البحر بالشاطئ لحظة الألم، تاركاً خوافقه آية لما يحمل عمقه وسحره، علينا الإشراع بالغوص في تلافيف حنانها ورقة قوة حضورها.

للشعراء محنة مع ألذات والوطن، الخلاص والحرية، بين رفض وقبول، والشاعر عندما يبحث إنسانياً في أعماق وجدانه ومشاعره يجد المرأة ملاذ خصب وقريب من الحقيقة المعاشة.

 

 

الشاعرة رنا جعفر ياسين، العراق/ لا تترك للهذيان مساحة في مجمل صورها الشعرية الشاهدة على حالة خراب وطن، تُقَطَعْ أوصاله، تتضمنه عمليات تضيق بها النفس، فنجدها تعبر بما تملك من نبض قد مسه الألم والعذاب، معاصرة للحالة شاهدة للمأساة بأم عينها، كتبت على الحجر المتساقط من جماجم طغاة، فوق أجساد بريئة لم تنل غير الخوف والموت، فكانت المرأة جزء من الوطن الذي حشد ألمه المعتق ولامست ويلاته صميم الحياة، لم تسلم المرأة من هذه العذابات حتى في أدق التفاصيل، فكتبت الشاعرة رنا جعفر ياسين قصيدتها ( المطعونة بالحلم) تقول:

 أعود...

تؤنسني العوالم المشوهةُ بالأشباح

 القمر المطعون بالصدمة يبادلني احتجاباً

وينسكب الكون

عاصرت رنا ظروف الاحتلال الأمريكي على العراق، قبل أن تهاجر إلى مصر، في الحلم تعود... الحلم المطعون كما وشمت عنوان قصيدتها " المطعونة بالحلم " تذكر أنها دأبت وحشة الحلم وعوالمه المشوهة لم تفارقها، الشاعرة رنا شابة في مقتبل العمر يافعة، كونها أنثى، وفي مثل عمرها تستيقظ على دخان غاضب تصفه بالمشرق، كم هي متألمة في غرز هذه المفردة بعمق القصيدة، محملة بصور ما يحيط عالمها، لم تعد تجد فرق بين الصحو والنوم الحالتين مطعونان بعلانية مستلبة على مرأ ومسمع اليوم بكامله، كأنها تقول أين الحياة:

ودخان غاضب يغلف الأجساد

مشرقاً

بعطر شهوة محنطةٍ

يلمسنا الخوف / نجلس معاً

ميتين

وخارجين من الحلم بجوعٍ ٍ رث

رافضين الإستبشار

نحيط التسكع بجدال كالح

فيعود...

ثم تتابع عند عودتها من الحلم المطعون، تستعيد مأساة الموت في تلك الأيام بصورة صادقة عن شهوة الموت، تبحث عن قناعة لشعورها بأنه لا يوجد أي أمل بانجلاء هذا الشبح، الذي ترك بصماته فوق معاني الساعات، إنها مازالت تود العيش، تريد أن تصحَ لتجد فجر يشهق من نور جمالها الفتي وينصرف بإشراقه الرائع، تجد لا فائدة، الموت هو الطاغي على كل شيء حتى الحلم طعن بقولها:

يخشى بالطبع صحوةً

يسميها الأغبياء احتواء.

وأعود أنا للسلام الغامض

وأتجملُ

فالحياة أفضل

لكن الأبهى هو الموت.

أما قصيدة ( عرس بلون الاحتضار) للشاعرة رنا جعفر يكون إبداعها في تصوير الحالة المعاشة أبهَى، عندما تقول: وطن تحنط كالفواصل، المرأة في هذه القصيدة تحمل مراسيم العرس هيكل تراث عريق من طقوس تمارس فيه تمثل تاريخ فرحة الفتيات  والأمهات والجدات، لكنه بلون الاحتضار المرأة حظها وافر من المعانات في وطن عاش حربا وحصاراً واحتلال، عرف أنواع  الفواجع، وللعرس حضور واسع، ترصد الشاعرة رنا مشاعر المرأة، المعذبة وهي تعد ليوم عرسها، هو وصم لتاريخ مشيد من ملامح حياة كسرت فيه حتى لحظات الفرح بقولها:

 كبر الفراغ

وطن نما

وطن تحنط كالفواصل

بين موتين تباعاً

ركضا صوب العروس

 وهي تعني ما تحمله الأيام لطفلة المستقبل ا( المرأة) الأم والجدة همهما أن تسعد ابنتهم بيوم عرسها، ويعملان على جمع الحلي  وما يجملها، " تسترجع الشاعرة رنا من التراث مثل قائل: ( الذهب زينة وخزينة) لم تترك ما ترشق به سواقي  الحزن ، وما يواكب اليوم؛ نهار العرس في العراق من ألم بقولها:

يا طفلة الجلنار

خذي من سطوع المدفع الجالس عند الباب

ذخيرة.. نيشان عرسك

أسرعي

لم يعد الذهب المجمد عند جدتك خزينة

الحرب غير الخرائط

والتقاليد هوت كالوطن القانت / كالقط الجريح

أثثي يبتا على جنح الموت لم يبق بيوتاً تتجذر

 والأرض في كل انفجار تبدل الجلد

وتدفن في ثناياه بقايا ذكريات الآخرين

ثم تعود للبوح عن الحاضر المحطم، بأنواع الفواجع المرصعة في جهاز العروس، وشم خلفته ويلات الحرب، يقولها:

تجهزي.. لا تتركي فرضاً

         . . .

اشتري درعاً لحنتك

فما من حنةٍ إلاَّ وفيها من شظايا الاحتفال نصيب

الإعداد للعرس من شؤون المرأة، لذ نجد الشاعرة رنا تخبر العروس أن تكون اعداداتها مغايرة في الظرف الآني، أن تستعد ليوم موتها، واصفة عمليات العنف الذي يدور في العراق، عبر موت لم يترك، طفلة/ أم/ شابة/ زوجة/ جدة/ الجميع تحت مطرقة الحالة بقولها:

لا تحلمي

لا تحلمي.. وتجملي

عانقي زوجاً تخشب

قبليه

ولا تؤاخذي الحرب إذا دنست القبلة بالخوف

فلا نشوة تخلو من جحيم الموت

كل النساء مدنسات.. حتى وإن سالت دماء

فالحرب لم تبق بكارة

حتى إذا كان هناك دمٌ يراق

فالحرب لم تبق بكارة

أغمضي جفنيك

نامي

قبليه

وعانقيه

وجهزي الأكفان أيضاً

هكذا نجد الشاعرة رنا تضع إيطار للحياة في العراق، والمرأة لم تسلم أحلامها من هذا الطغيان الذي طفا فوق الأيام، وأصبح عنوان للهلاك والمقدر من الحلم بدون أي اعتبار للإنسان والإنسانية.

 

الشاعر زياد السعودي، الأردن/ قصيدة ( مافوكة) بروعة الحب يدخل عالم القصيدة، باحثاً عن ما في القلب من مشاعر ذاتية تحمل أحاسيس في مجملها مستندة على صدر الحياة مع المراة، قوارب مسافاته لعناق كل أمل داخله، مأخوذ من كبرياء المرأة الشامخ وجودها في حبه الجاد، فهو لا يعرف الهزل أو المراوغة في هذه المشاعر، يعلم ان للمرأة نوع من التعالي لا تتنازل عنه، لكن إن وجدت القلب الواسع الذي يلفها بعناية تحت جناحه يجعلها ترافقه خيط القلب بقوله:

مأفوكة

ربوع القلب لولاك

ما بها دَيّارُ

ظاهرها فزعٌ

لا ينتهي

في جوفها نارُ

ما كان لك

إلاَّ أن تكوني

حبيبتي

الشاعر زياد السعودي، لا ينفك عن التواصل بين عشق المرأة والأرض، المرأة تزرع مقابض قوافيه وتسقيها من بحر النفس وعمقها، تناغيه بلغة قريبة من فؤاده، وهو لم يبخل عليها بكل ما يملك من قوة لهذا الحب، بقوله:

والحب لدية

عفة ووقار

وأن تلمس

صقيعي

جمرة مودةٍ !!

فلكل صب عاشق

نظام التوازن في عالمه تجاه المرأة لا تسيطر عليه شوائب الغيرة، يقدر ما يحمل أفقهِ من فهم لهذه العلاقة الناعمة والطرية من خلال غرس منابرها بالقول السديد، بقوله:

ينتحر القصيد

على زبد الموج

ينسلُّ  المداد

ويذيب أرصفة الروح

ويصبح العبور مستحيلاً

إلاَّ من خلال مساء

أشيدهُ لعينيك

فلعينيك هذا المساء

وتلك الدروب 

يثمن أركان سروره مشارف هياماته في رؤى  سواحلها  تحدد بدقة البعد العاطفي لاستراتيجية هذا الحب، يخوض بإمكانياته قصة انصهاره، لكنه يبقى متمسكاً بالمرأة، ليشدوا معاً معاني الانتصار مستنهضاً قواه، بقوله:

كفى نُحرق

نكوم جمراً على جمر

لنحصد ناراً

تزرع في داخلنا

ألف أـلف انكسار

لا تتركيني

حبة حزينة

غارسا خنجر الانتظار في خاصرة الألم، يمطر مسافات الحنان المتواجد في وجدانه بكل زخَّاة المطر الدافئ، ويطارد سؤود الفراغ ليفيض على مشارف حبه المعنى بالانفجار الذي يحيطه، حين يكونا سوية،يقوله:

في قصة لا تنتهي

كوني مجموعة أنهار

ينتحرن في بحري

لا تستثيري جراحاتي

الهائجة

تحت عباءة النسيان

جئتُ

احمل بين كفي

جمر الانتظار

 

( رنا جعفر ياسين، العراق/ زياد السعودي،  الأردن)  كلاهما خرج بمفهوم الحب على طريقته وفهمه، الشاعرة رنا، تتحدث عن معانات المرأة  وصورة الوطن وما ينعكس من جراحات على الإنسان في محنته (الحرب) ترصد تاريخ مثخن بالندب يسجلها على جلده، لا تمحى حتى بعد عصور قادمة من الزمن، الشاعر زياد، استند على خيوط استمدها من الحالة الإنسانية لوضع المرأة في أفق تفكيره، المتمثلة بالحب وصوته الخافق في عمقه الانساني، شاركها حبه للوطن،  رنا وزياد،  شذبا الواقع بلغة شعرية متماسكة، هادرة صوب  حياة لا تعرف الهدوء والراحة، إلاَّ  مع  الشعور بالألم الحافر لحظاته بقوة فوق الأيام.  

 

الشاعرة رنا جعفر ياسين   

-       ولدت في بغداد/1980

-  درست في كلية الهندسة المعمارية- جامعة بغداد.. ولم تكمل دراستها فيها بسبب سفرها خارج العراق( بعد تردي الأوضاع الامنية وتعرضها للخطف في شهر أب عام 2006 ).

الشاعر زياد السعودي

-       مواليد مدينة عمان/ الاردن

-       عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب.

-       عضو الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب. 

-       عميد ملتقى الفينيق الادبي.

-       صدر له: السجل الأبجدي لثلج فوق احتمالات الحريق/ عن دار النشر والتوزيع البشير.

 

                                     الكتابة: ناقدة من العراق

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا