Closed Gate
عن الشاعر راسلنا صوت الشعر لقاءات قراءات نقدية قصة  مقالات أدبية شعر

أطعم تفاحة

ليو يو جو - الصين

ترجمها عن الصينية مباشرة: سيد جودة - مصر

 

أقام "فولاي منج" مأدبة غداء فاخرة احتفالاً بإنتاج  مزرعته للجينات نوعاً جديداً من التفاح, وحضر المأدبة نصف سكان البلدة فرأوا شيئاً كالتفاحة في الشكل والحجم واللون, لكنها زاهية كأحمر الشفاه وجذابة كجسدٍ يداعب الخيال فلم يتوقف الجميع عن الإثناء عليها.

          الوحيد الذي لم ينطق بكلمة وهو يأكل التفاحة كان الكهل "فوكه سي", أكبر زارع للفواكه في البلدة الذي قال لـ "فولاي منج":

-         اســمح لي بأن أتحــدث بصراحــة. إن تفاحـتك تبدو

جذابة لكنها تفتقد المذاق. انظر, إن قشرتها سميكة للغاية وطعمها رخو في الفم. لا أظن أن هناك أحداً سيدفع مالاً لشراء هذه البضاعة.

فردَّ "فولاي منج" مبتسماً:

-         أراهــنك أنَّ تفــاحـتي ســتكون على كــل مــائدة في

المقاطعة خلال عام.

قلب الكهل "فوكه سي" شفتيه وغادر مأدبة الغداء. لم يمر وقت طويل حتى وجد نفسه محاصراً بهذه التفاحة: في التليفزيون, في الصحف, في كراتين السوبر ماركت, امتلأ كل مكان بهذه التفاحة الجذابة. لكن أكثر ما أثار اشمئزازه هو إعلان في التليفزيون تظهر فيه مجموعة من الفتيات يتمايلن ثم تختفي أردافهن شيئاً فشيئاً لتظهر محلها مجموعة من التفاحات, ثم يظهر رجلٌ ليقول بصوتٍ مفعم بالصدق: إنها أطعم تفاحة!

          "فليملأوا الدنيا صياحاً, من يمكنه أن يأكل هذه المادة البلاستيكية السيئة الطعم؟" هذا ما دار بذهن "فوكه سي".

         

لكن ما فاق توقعاته هو أن تفاحة "فولاي منج" الجذابة انتشرت انتشاراً هائلاً, فقد وضعتها كل أسرة على مائدة الطعام, ولم يعد الناس يرغبون أن يهدي لهم الأصدقاء زهوراً بل صارت الموضة المنتشرة هو إهداء التفاحة الجذابة, حتى في أوقات الكريسماس بدأت الناس تزين بها شجرة الميلاد.

         

كان "فوكه سي" حريصاً على ألا يقرب تفاح "فولاي منج" لكن ذات يومٍ عادت زوجته إلى البيت حاملة ً سلة ً مليئة ً به, فصاح غاضباً:

          - اللعنة! ألم أقل لكِ مراراً ألا تدخلي هذه القمامة السيئة الطعم البيت.

          - تذوق واحدة ً. إن الجميع يأكل هذا النوع من التفاح ولم يقلْ أحدٌ إن طعمه سيئ!

          - هه! لقد زرعت التفاح ستين عاماً وأعرف ما هو المذاق الجيد. أبعدي عني فتاة "فولاي منج" هذه واستبدليها بفتاة حقيقية من لحم و دم!

          - لكن لا يوجد الآن غير هذا النوع من التفاح يمكن شراؤه. البلدة بل والمقاطعة كلها لا تزرع غير هذا التفاح.

          - ماذا؟! ماذا عن "الجنرال بادون" الطازجة؟ و"حسناء فوشنيا" المليئة بالعصير؟ و"جولييت الثالثة" الأحلى من الشيكولاته؟ اللعنة! هذه الماركات هي أبنائي, كيف أتخلَّى عنها؟

تمتمت زوجته:

- ومن جعلها تبدو بهذا الشكل السيئ؟

ردَّ عليها "فوكه سي" مقسماً أنه لابد أن يزرع تفاحاً حقيقياً ذا طعمٍ شهي.

 

بعد فترة من الوقت اكتشف الناس أن التفاحة الجذابة ليست لذيذة الطعم ولكنهم كانوا قد نسوا ماذا كان طعم التفاح في الماضي. ولأنهم كانوا يعرفون أن اسمها هو "أطعم تفاحة" فقد كان كل منهم يظن أنه وحده الذي لا يستسيغ مذاق التفاح. بدأ عدد الناس الذين لا يأكلون التفاح في ازدياد لكنهم كانوا يتقبلونه كهدايا. وطالما أن الناس تحب التفاح لهذا الحد فلابد أنه شيءٌ جميل ويمكنهم تقديمه كهدايا مثل الجميع. في هذا الوقت انتهز"فولاي منج" الفرصة وغيَّر كلمات الإعلان لتكون هناك نسختان منه, واحدة تقول: "اهدي له فتاة جميلة!" والثانية تقول: "اهدِ لها شاباً وسيماً!".

 

في هذا العام حصد "فوكه سي" تفاحه بأنواعه "الجنرال بادون" و"حسناء فوشنيا" و"جولييت الثالثة" وأهداه لأصدقائه ليأكلوه. بعد شرح طويل منه وأكله للتفاح أمامهم وبعد أن أقسم لهم بصدقه بدأ أصدقاؤه المليئون بالشك يصدقون أن هذا تفاح وفي النهاية أحبوا هذا الشيء اللذيذ الطعم. مرَّ الكهل "فوكه سي" على كل بستان وأهدى لصاحبه بذور تفاحه لكن أصحاب البساتين أخبروه بأنهم لا يزرعون إلا تفاحة "فولاي منج" الجذابة لأن الناس لا تشتري إلا هذا النوع من التفاح.

 

اضطر "فوكه سي" لأن يحافظ على أرضه الصغيرة , لكن لم يكن ما يزرعه كل عام من تفاح يكفي أصدقاءه. استمرت الإعلانات عن التفاحة الجذابة في كل مكان واستمر الإنتاج في ازدياد هائل وأصبحت هدايا بين الناس وتحفاً توضع في علبٍ من زجاج ولعباً للأطفال وفاكهة ً غير عادية بعد الطعام ومادة خام في حصة الدراسات التطبيقية في المدارس ومادة تلقى في المظاهرات إلخ إلخ. كما أن هناك جماعة من علماء الجمال استخدموها في ابتكار نماذج جمالية, وحتى بعض الموسيقيين التقدميين جعلوا من شكلها آلة موسيقية نحاسية, لكن لم يخطر على بال أحد أن يأكلها!

 

مرت أعوام عديدة نسي فيها الناس طعم التفاح وفائدته, ولم يعد المرء يجد التفاح في فهرس الموسوعة في قسم النباتات والأطعمة بل أصبح يجده في قسم الصناعة في باب "الصناعات الخفيفة"! أصبحت أسرة "فولاي منج" تتحكم في إنتاج التفاح في البلد كله, وتغير الإعلان عن التفاحة الجذابة لتكون: "حبيبي, معاً دائماً".

 

ما زالت الأشجار القليلة الهرمة لدى أسرة "فوكه سي" تنتج التفاح. وفي ذات يوم في معرض للصناعات الخفيفة أخذ ابن "فوكه سي" أنواع تفاحه: "الجنرال بادون" و"حسناء فوشنيا" و"جولييت الثالثة" وأكله مع أصدقائه أمام الجمهور.

 

في اليوم التالي نقلت "صحيفة الفنانين" خبراً يقول إن جماعة ً من الفنانين قدمت عرضاً أعجب الناس بالأمس وذلك بأكل التفاح تعبيراً عن العلاقة الغامضة بين الإنسان والصناعة! كما نشرت مجلة "الاقتصاد الجديد" نقداً لاذعاً قالت فيه إن مجموعة من الشباب القروي أحضروا بعض اللعب السيئة التصميم وأطلقوا عليها اسم "تفاحة" في هجوم ساخر على الإمبراطورية الصناعية لـ "فولاي منج", وعلى الرغم من أنهم ابتلعوها بكل شجاعة إلا أنه من الواضح أن الجمهور شاهد هذا على أنه عرضٌ من عروض السيرك!

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

إلى دار ندوة

عودة إلى موقع ندوة

ضع إعلانك هنا