ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

أحمد شوقي - مصر

أنْدَلُسِيَّةٌ

 نظمها الشاعر في منفاه بإسبانيا، وفيها يحن للوطن

أحمد شوقي - مصر

يــا نـائح (الطلْحِ)، أَشـباهٌ عَوَادِينـا

نَشْـجى لِـوَادِيكَ، أَم نَأْسَـى لوادينا؟

مــاذا تقُـصُّ علينـا غـيرَ أَنّ يـدًا

قصَّـتْ جنـاحك جـالت في حواشينا؟

رمـى بنـا البيـنُ أَيْكًـا غـيرَ سامِرنا

- أَخـا الغـريب - وظِـلاًّ غيرَ نادينا

كـلٌّ رَمَتْـه النَّـوى: رِيشَ الفِـراق لنا

سَـهْمً، وسُـلّ عليـكَ البيـنُ سِـكِّينا

إِذا دعـا الشـوقُ لـم نَـبرحْ بمُنْصَدِع

مــن الجنــاحين عــيٍّ لا يُلَبِّينــا

فـإِن يَـكُ الجـنسُ يا ابنَ الطَّلْحِ فرّقنا

إِنّ المصــائبَ يجــمعْنَ المُصابينـا

لــم تـأْلُ مـاءك تَحْنانً، ولا ظمـأً

ولا ادِّكـــارً، ولاشــجْوا أَفانينــا

تَجُــرُّ مـن فنَـنٍ سـاقًا إِلـى فَنَـنٍ

وتســحبُ الــذيلَ ترتـادُ المؤاسـينا

أُسـاةُ جسـمِكَ شـتَّى حـين تطلبهـم

فمَــنْ لروحـك بـالنُّطْس المُدَاوينا؟

آهــا لنــا نـازِحَيْ أَيْـكٍ بـأَندَلُسٍ

وإِن حَلَلْنَــا رفيفًــا مـن رَوَابينـا!!

رسْـمٌ وقفنـا عـلى رَسْـمِ الوفـاء له

نَجــيش بـالدَّمع، والإِجـلالُ يَثنينـا

لِفِتْيَــةٍ لا تنــال الأرضُ أَدمُعَهــم

ولا مَفـــــارقَهم إِلاَّ مُصَلِّينــــا

لـو لـم يسـودوا بـدينٍ فيـه مَنْبَهـةٌ

للنــاسِ; كـانت لهـم أَخـلاقُهم دينـا

لـم نَسْـرِ مـن حـرَمٍ إِلاَّ إِلـى حَـرَم

كـالخمر مـن (بابلٍ) سـارت (لدارينا)

لمـا نَبـا الخـلدُ نـابت عنـه نُسْـختهُ

تَمــاثُلَ الــورْدِ (خِيريًّا) و(نسْـرينا)

نسْــقِي ثـراهُمْ ثَنَـاءً، كلَّمـا نُـثِرتْ

دُموعُنــا نُظِمــتْ منهــا مراثينـا

كــادت عيــونُ قوافينــا تُحَرّكُـه

وكِـدْنَ يـوقِظْنَ فـي التُّرْبِ السلاطينا

لكـنّ مصـرَ وإِن أَغضـتْ عـلى مِقَةٍ

عَيْـنٌ مـن الخُـلْدِ بالكـافور تَسـقينا

عــلى جوانبِهــا رَفَّــتْ تَمَائِمُنَـا

وحــولَ حافاتِهــا قـامتْ رَواقينـا

ملاعِــبٌ مَرِحَــتْ فيهــا مَآرِبُنـا

وأَربُــعٌ أَنِسَــتْ فيهــا أَمانينــا

ومَطْلَــعٌ لِسُــعودٍ مــن أَوَاخِرنـا

ومَغْــرِبٌ لجُــدُودٍ مــن أَوَالينــا

بِنَّ، فلـم نَخْـلُ مـن رَوْحٍ يُراوِحُنـا

مـن بَـرِّ مصـرَ، وَرَيْحَـانٍ يُغادِينـا

كـأُمِّ موسَـى، عـلى اسـمِ اللـه تكْفُلُنا

وباســمهِ ذهبــتْ فـي اليَـمِّ تُلقِينـا

ومصـرُ كـالكَرْمِ ذي الإِحسـان: فاكهةٌ

لحـــاضِرينَ، وأَكــوابٌ لبَادينــا

يـا سـاريَ الـبرقِ يَرمِي عن جوانِحنا

بعـدَ الهـدوءِ، ويهمِـي عـن مآقينـا

لمـا تَرقـرق فـي دمـع السـماءِ دمًا

هـاج البك، فخَضبْنَـا الأَرضَ باكينـا

الليــلُ يشــهد لـم نهتِـك دَيَاجِيَـهُ

عــلى نيــامٍ، ولـم نهتِـف بسـالينا

والنَّجــمُ لــم يَرَنـا إِلاّ عـلى قـدمٍ

قيــامَ ليـل الهـوى، للعهـد راعِينـا

كزفْــرَةٍ فـي سـماءِ الليـل حـائرةٍ

ممَّــا نُــرَدِّدُ فيـه حـين يُضْوِينـا

باللـهِ إِن جُـبتَ ظلمـاءَ العُبـابِ على

نجــائبِ النُّــورِ مَحْــدُوًّا (بجرينا)

تَــرُدُّ عنــك يــداه كـلَّ عاديـةٍ

إِنْسًــا يَعِثْــنَ فسـادً، أَو شـياطينا

حـتى حَـوَتْكَ سـماءُ النيـلِ عاليـة

عــلى الغيـوث، وإِن كـانت مَيامينـا

وأَحـرزتكَ شُـفوفُ الَّـلازوَرْدِ عـلى

وَشْـيِ الزَّبَرْجَـدِ مـن أَفْـوَافِ وادينـا

وحــازكَ الـريفُ أَرجـاءً مُؤَرَّجَـةً

رَبَــتْ خمــائلَ، واهـتزَّت بسـاتينا

فقِـف إِلـى النيـل، واهتف في خمائِله

وانـزل كمـا نـزل الطـلُّ الرَّياحينـا

وآسٍ مـا بَـاتَ يَـذْوِي مـن منازلنـا

بالحادثــات، وَيضـوَى مـن مغانينـا

ويـا مُعطِّـرَةَ الـوادي سـرَتْ سَـحَرًا

فطــابَ كـلُّ طـرُوحٍ مـن مرامينـا

ذَكِيَّــة الــذَّيل، لـو خِلْنَـا غِلالتهـا

قميـصَ يوسـفَ لـم نُحسَـبْ مُغالينـا

جَشـمتِ شَـوْكَ السُّـرَى حتى أَتيْتِ لنا

بــالوَرْدِ كُتْبً، وبالرَّيَّـا عناوينـا

فلــو جزينــاكِ بــالأَرواح غاليـةً

عـن طيـب مَسْراك لم تنهضْ جَوازينا

هــل مـن ذيـولكِ مسْـكِيٌّ نُحَمِّلُـه

غـرائبَ الشـوق وَشْـيًا مـن أَمالينا؟

إِلــى الــذين وجدنــا وُدَّ غـيرِهمُ

دُنْيَ، وودَّهمـو الصـافي هـو الدينـا

يـا مـن نَغـارُ عليهـم مـن ضمائرِنا

ومـن مَصـون هـواهم فـي تناجِينـا

نـاب الحَـنِينُ إِليكـم فـي خوَاطِرنـا

عــن الــدّلال عليكـم فـي أَمانينـا

جئنـا إِلـى الصـبر ندعـوه كعادتنـا

فــي النائبـاتِ، فلـم يـأْخذ بأَيدِينـا

ومــا غُلِبْنـا عـلى دمـعٍ، ولا جَـلَدٍ

حـتى أَتتنـا نَـواكُمْ مـن صَياصِينـا

ونــابِغيٍّ كــأَنّ الحشــرَ آخــرُه

تُميتُنــا فيــه ذكــراكم وتُحيِينــا

نَطـوي دُجَـاه بجُـرحٍ مـن فراقِكمـو

يكــاد فـي غلَس الأَسـحار يَطوِينـا

إِذا رَسـا النجـمُ لـم ترْقـأْ مَحاجِرُنـا

حــتى يـزولَ، ولـم تهـدأْ تراقِينـا

بتنـا نقاسِـي الـدواهي مـن كواكِبـه

حــتى قعدنـا بهـا حَسْـرَى تُقاسِـينا

يبــدو النهــارُ فيخفيــه تجلُّدُنــا

للشـــامتين، ويَأْسُـــوه تأَسِّــينا

سَــقْيًا لعهـدٍ كأَكنـافِ الـرُّبَى رِفـةً

أَنَّـى ذهبن، وأَعطـافِ الصَّبـا لِينـا

إِذِ الزمــانُ بنــا غَيْنــاءُ زاهِيـةٌ

تَــرِفُّ أَوقاتُنــا فيهــا رَيَاحينــا

الــوصلُ صافِيَــةٌ، والعيشُ ناغِيَـةٌ

والســعدُ حاشـيةٌ، والدهـرُ ماشـينا

والشـمسُ تَختـال فـي العِقْيان، تَحْسبها

(بِلقيسَ) تَـرْفُلُ فـي وَشْـيِ اليمانِينـا

والنيــلُ يُقبِــل كالدنيـا إِذا احـتفلتْ

لــو كـان فيهـا وفـاءٌ للمُصافِينـا

والسـعدِ لـوْ دامَ، والنعمَـى لوِ اطَّردتْ

والسـيلِ لَـو عَـفَّ، والمقـدارِ لَوْ دِينا

أَلقـى على الأَرض - حتى ردَّها ذَهبًا -

مـاءً لمَسـنا بـه الإِكْسِـيرَ، أَو طِينـا

أَعـداه مـن يُمْنِه (التابوتُ)، وارتسَمَتْ

عــلى جوانبـه الأَنـوارُ مـن سِـينا

لـه مَبـالغُ مـا فـي الخُـلْقِ من كرَمٍ

عهــدُ الكــرامِ، وميثــاقُ الوفيِّينـا

لـم يَجـرِ للدهـرِ إِعـذارٌ ولا عُـرُسٌ

إِلاَّ بأَيّامِن، أَو فـــي ليالينـــا

ولا حـوى السـعدُ أَطْغَـى فـي أَعِنَّتِه

منّــا جِيَــادً، ولا أَرْحَـى ميادِينـا

نحـن اليـواقيتُ، خـاض النارَ جَوهَرُنا

ولــم يهُــنْ بيَـدِ التَّشْـتيتِ غالِينـا

ولا يَحُــول لنــا صِبْـغٌ، ولا خُـلُقٌ

إِذا تلـــوّن كالحِرْبـــاءِ شــانِينا

لـم تـنزل الشمسُ ميزانً، ولا صعدَتْ

فـي مُلْكِهـا الضخْـمِ عرشًا مثلَ وادينا

أَلــم تُؤَلَّــهْ عـلى حافاتِـه، ورأَتْ

عليــه أَبناءَهــا الغُـرَّ الميامين؟

إِن غـازلتْ شـاطئيه في الضحى لبِسا

خمــائلَ السُّــنْدُسِ المَوشِـيَّةِ الغِينـا

وبـات كـلُّ مُجـاج الـوادِ مـن شجَرٍ

لــوافِظَ القــزِّ بالخيطــان ترمِينـا

وهـذه الأَرضُ مـن سَـهْلٍ ومـن جبلٍ

قبــل القيــاصر دِنَّاهــا فراعينـا

ولـم يَضَـعْ حجَـرًا بـانٍ عـلى حجرٍ

فــي الأرضِ إِلاَّ عـلى آثـار بانِينـا

كـأَن أَهـرامَ مصـرٍ حـائطٌ نهضـت

بــه يَــدُ الدهـرِ، لا بنيـانُ فانِينـا

إِيوانُــه الفخـمُ مـن عُليـا مقـاصِرِه

يُفْنِــي الملـوك، ولا يُبقـي الأَواوينـا

كأَنهــا ورمــالا حولهـا التَطمـتْ

ســـفينةٌ غَـــرِقتْ إِلاَّ أَســاطينا

كأَنهــا تحـت لأَلاءِ الضُّحَـى ذَهبًـا

كنــوزُ فِرْعـوْن غَطَّيْـنَ الموازينـا

أَرضُ الأُبُـــوةِ والميــلادِ طيَّبهــا

مَـرُّ الصِّبـا فـي ذيـول من تصابِينا

كــانت مُحَجَّلــةً فيهــا مواقِفُنــا

غُــرًّا مُسَلْسَــلَةَ المَجْـرى قوافينـا

فــآبَ مِــنْ كُــرَةِ الأَيـامِ لاعِبُنـا

وثــابَ مِـنْ سِـنَةِ الأَحـلامِ لاهِينـا

ولــم نَـدَعْ لليـالي صافيً، فـدَعتْ

بــأَن نَغـصَّ، فقـال الدهـرُ: آمينـا

لـو اسـتطعنا لخُضْنَـا الجـوَّ صاعِقةً

والـبرَّ نـارَ وَغًـى، والبحـرَ غِسْـلينا

سَـعْيًا إِلـى مصـرَ نقضِي حقَّ ذاكرنا

فيهــا إِذا نَسِــيَ الـوافي، وباكِينـا

كَــنْزٌ (بحُلوان) عنــدَ اللـهِ نطلبُـهُ

خــيرَ الـودائِع مـن خـير المؤدِّينـا

لـو غـاب كـلُّ عزيـزٍ عنـه غَيْبَتَنا

لــم يَأْتِـه الشـوقُ إِلاَّ مـن نواحينـا

إِذا حمَلْنــا لمصــرٍ أَو لـه شَـجَنا

لـم نـدْرِ: أَيُّ هـوى الأُمَّيْن شاجِين؟

   

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا