ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

ألعاب تقتل أحياناً

نبيل عمر - مصر

 

هاجمتني رسالة مستفزة علي الإنترنت بسؤال‏:‏ هل أنت مصري أولا ؟أم مسلم أولا؟‏!‏

سؤال غبي قد لا يستحق عناء الوقوف عنده‏,‏ فهل هناك أصلا تناقض بين الدين والوطن ويجب أن أختار بينهما؟‏!‏

لكن يبدو أن البعض منا تشغله هذه القضية‏..‏
وكنت ذات مرة في ندوة تناقش كتابا جديدا عن تاريخ مصر والاحتلال الأجنبي لها‏,‏ ثم تطايرت عبارة غريبة جدا والاحتلال العربي لها مازال مستمرا‏,‏ وبدا أن عددا من الحضور يعتقد أن سبب تخلف المصريين راجع إلي الخلط بين كونهم مصريين وعربا‏,‏ مما تسبب في ارتباكهم العقلي والحضاري‏,‏ وأنهم لو فهموا حقائق الاحتلال العربي وبغضوه‏,‏ لأعادوا اكتشاف ذواتهم‏.‏

لم تزعجنا هذه العبارة كثيرا واعتبرناها نوعا من التناحر الفكري الذي يشعله بعض المثقفين أحيانا‏,‏ من باب إزجاء الوقت ورفع رايات التميز الفكري‏!‏

لكن ما آثار حفيظة الأغلبية من الحاضرين هو خروج واحد من المتحدثين إلي فضاء العشوائية‏,‏ إذ خلط متعمدا بين العرب والإسلام‏,‏ حتي أنه استخدم عبارة الاحتلال الإسلامي بدلا من الاحتلال العربي‏,‏ لكننا اكتفينا بأن نبهناه إلي زلة اللسان النابعة من فرط الحماس والارتباك في توصيف الحالة المصرية‏!‏

لكن يبدو أن مثل هذه الأفكار التي تشبه القنابل الموقوتة لم تعد مقصورة علي عالم المثقفين المحدود وأدعيائهم وتسللت إلي شبكة الإنترنت‏..‏

والسؤال‏:‏ هل في مصر أزمة هوية؟‏!‏
من يجوب مصر شرقا وغربا وشمالا وجنوبا‏,‏ لن يجد مصريا يتحدث في هذه المسائل‏,‏ ولا تخطر أصلا علي باله‏,‏ وإذا كانت الجماعات الاسلامية أو تيارات الإسلام السياسي قد خطت بنا إلي الخلف للبحث في حالة الجاهلية ودار الحرب والخلافة الإسلامية والعنف المسلح‏..‏ فليس معني ذلك أن لدينا أزمة هوية‏..‏

وأتصور أن هذه الجماعات أو التيارات مجرد رافد في نهر الحياة المصرية‏,‏ لكن رافد صاخب مدعوة بإعلام قوي وأموال هائلة‏,‏ ومعلق علي ضفتيه بيارق ورايات كثيرة تكاد تملأ السماء كما لو أنها هي كل السماء‏..‏

وأتصور أن مظاهر التديين الغالبة من أزياء وكتب وعطور وفضائيات ومشايخ وأحاديث وخلافه هي أعراض الأزمة التي تعيش فيها مصر‏,‏ وكلها تجسيد لمصالح اقتصادية كبيرة تقدر بعشرات المليارات من الجنيهات سنويا‏,‏ وهي كتلة ضخمة من الأموال تشبه جبلا من الصخور الجرانيتية الضاغط علي عقول وجيوب المصريين‏!‏

نعم المصريون في أزمة‏,‏ ولأنهم لا يعرفون لها مخرجا‏,‏ عادوا إلي الماضي سلوكا وتصرفات ومفاهيم‏..‏

لكن المدهش أن بعضا من الذين يبحثون عن المستقبل ويتحدثون عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان يعود إلي الماضي في محاولة عشوائية لتصفية حسابات مع هذا الماضي‏..‏ فإذا كان المتأسلمون يعودون إلي الماضي متصورين استنساخه في الحاضر حاكما ومسيطرا‏,‏ فهؤلاء العصريون يعودون أيضا إلي الماضي لكن لتصفية الحسابات معه واغتياله‏..‏

أما الأعجب فهو أن يتصور البعض أن الهجوم علي الإسلام هو جواز عبور إلي الحرية والحداثة والعصر‏,‏ أو أن الخصومة مع الدين هي الباب الملكي للتقدم‏.‏

نعم‏..‏ لا أحد ينكر أن ثمة كارثة في حالة التديين التي انتابت المصريين‏,‏ والتي يعمل الشيوخ ودعاة الفضائيات إلي ترسيخها أكثر فأكثر وانتشارها أكثر فأكثر‏,‏ لكن محاربة هذه الكارثة لا تعني أن يدخل البعض في صدام مع الدين أو في خصام معه‏..‏

الدين طاقة نووية‏,‏ يمكن أن تنير مليون مدينة ويمكن أن تحرق وتدمر مثلها‏,‏ العيب ليس في الطاقة‏,‏ لكن في الهدف الذي نستخدمها من أجله‏.‏

الخصومة ليست مع الدين بأي حال من الأحوال‏,‏ وإنما مع الذين حولوه إلي سبوبة‏,‏ إلي متاجر وتجارة وسيارات مرسيدس وزوجات ومحظيات وثروات وقصور ونفوذ ونجومية‏,‏ وهؤلاء سيقاتلون من أجل بقاء الأوضاع علي ما هي عليه‏,‏ بل ومضاعفة المكاسب التي لا تقل عن تجارة المخدرات والأسلحة‏!‏

ومن يعادي الدين في مصر فهو يخسر الجلد والسقط‏,‏ فمصر دولة متدينة منذ ولادتها‏..‏ أما هؤلاء الذين يريدون تصفية حساب مع الاحتلال العربي‏,‏ فالاحتلال العربي لم يعد له وجود‏,‏ وعليهم أن يسافروا في الزمن إلي الماضي ولا يعودون‏,‏ أما إذا كانت التصفية مقصودا بها الإسلام فهذه هاوية شديدة الخطورة‏,‏ من يقترب منها يحاول إشعال النيران في مصر‏,‏ وليس البحث عن مخرج لها من الأزمة الحالية‏..‏ ونعود إلي السؤال المرتبك‏:‏ هل مصر في أزمة هوية؟‏!‏

بالقطع نحن مصريون ولسنا شواما أو خليجيين أو‏..‏ أو‏,‏ وبالقطع نحن عرب بالثقافة‏,‏ والمقصود بها ثقافة إسلامية عربية‏,‏ والمصريون لهم إبداعات عظيمة فيها‏:‏ العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ وسلامة موسي ولويس عوض وأنور عبد الملك‏..‏ وغيرهم‏.‏

أما إلي أين نتجه ونتوجه؟‏!..‏ فإلي عالم حوض البحر المتوسط والغرب نتعلم منه كما قال طه حسين في مستقبل الثقافة في مصر‏,‏ فالشرق العربي ليس فيه ما يغري بالتوجه إليه‏,‏ وحين نقول إننا أصحاب ثقافة عربية إسلامية لا يعني أننا ننقل منهم‏,‏ وما حدث من عملية نقل علي يد العمالة المهاجرة إلي الجزيرة العربية هو جزء من أعراض الأزمة المصرية‏..‏

وهنا نعود إلي السؤال الأول‏:‏ هل أنت مصري أولا؟ أم مسلم أولا؟‏!‏

بالطبع ليس ثمة تعارض‏,‏ أنا مسلم في أي بقعة علي ظهر الأرض‏,‏ هنا أو في الإسكيمو أو في بنما أو في روسيا أو الصين‏,‏ لكن علي هذه الأرض لا أملك إلا أن أكون مصريا ألا‏,‏ الدين لله والوطن للمصريين جميعا‏!‏

 

نقلاً عن الأهرام

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

1-

حسين الحمداني  - الدنمارك

abdalhamed20@hotmail.com

Wednesday, July 8, 2009 12:28 AM

الردود وحروب الكلام
تحيه وتقدير
لكل كلمة ردا , وكان لابد للكاتب من رد وقد أسهب الكاتب في الرد وهو يستعرض مصر وكتاب مصر والاحتلال العربي والاحتلال الاسلامي وخطء الادعاء بالاحتلال اسلامي وتلك الفضائيات والمشايخ والتدين الضلامي نرى أننا محاصرون أو مهاجمون جميعا كعرب وكحاملين لمبدأ الدين الاسلامي فلا نتجزأ عنهنحن محاربين وموجه لنا اتهام خطير يريد الاطاحة بتاريخ وأصاله أصليه لم تكن مزيفه ولم تكن فرعيه ولم مرتبطه بوجود نفعي بنيت على أساسه لذا علينا أن نحارب ونرد تلك التوجهات وبقوة التثبيت الفكري والعلمي الانساني والديني الذي هو مورد الانسانيه وكون العرب الارض التي حملت خط التاريخ وخط القرآن وكان أختيارا لربانيا لاأنساني أو شيطاني ,ارى أن الحملات هذة اليوم ليس جديدة ولكن أريد من الكاتب أن لايرد بجزيه العروبه مصلريه ,  شاميه خليجيه غهذا المراد الضرب والتجزئه في توجهيهه بحد أنهم يفصلون العرب ويكسرون قواعد العروبه الواحدة وبذلك ينفردون بكل على حد وهو موجهون ومبرمجون لذلك و تقبلوا تحياتي وسلامي

ضع إعلانك هنا