ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

الشعر في حياتنا
لكن شوقي أمير الشعراء‏!‏

‏أحمد عبدالمعطي حجازي - مصر
 

أحدثكم مرة أخري عن ملتقي الشعر الذي حدثتكم طويلا عنه قبل أن ينعقد‏.‏ وحدثتكم عنه بعد انعقاده‏.‏ وأعود اليوم للحديث عنه بعد أن أثار اهتماما واسعا‏,‏ وأصبح موضوعا لتعليقات مختلفة لا أناقش كل ما جاء فيها‏,‏ وإنما أنتهز الفرصة لأوضح بعض المسائل وأواصل حديثي مع القراء الأعزاء حول الشعر‏.‏

وأول ما يلفت النظر في هذه التعليقات أن أصحابها أو معظمهم ظلوا طوال فترة الإعداد للملتقي بعيدين منصرفين عن متابعة العمل فيه‏,‏ حتي اذا انعقد بالفعل وضم من ضم من الشعراء والنقاد‏,‏ وفاز بثقة الجمهور الذي لم يجتمع منذ سنوات طويلة علي نشاط أدبي كما اجتمع في هذا الملتقي ـ أقول عندئذ فقط انتبه هؤلاء السادة للاسماء التي لم ندعها‏,‏ والاخطاء التي وقعنا فيها‏.‏

نعم‏!‏ نحن لم ندع كل من يستحق الدعوة‏,‏ بل سمحنا لبعض من لا يستحقون بالتسلل للملتقي واغتصاب ما لا حق لهم فيه‏.‏ لكن ما حققناه أكثر مما قصرنا في تحقيقه‏.‏ ومن دعوناهم أكثر بكثير ممن لم ندعهم‏.‏ والاخطاء التي وقعنا فيها لم نتعمدها ولم نكن فيها وحدنا فنحن نقترح وبعض المسئولين في المجلس الأعلي للثقافة يقترحون ويزيدون وينقصون‏.‏ وربما أوقعنا في الخطأ من يأخذونه علينا الآن فبعض الذين يهاجمون الملتقي لأنه تراجع مضطرا عن دعوة أحد الشعراء الشباب بسبب ازدحام البرنامج وضيق الوقت تخلوا هم أنفسهم عن المشاركة فيه دون توضيح أو اعتذار‏,‏ مع أنهم كانوا ضمن المدعوين ومنهم عضوان في لجنة الشعر أحدهما عضو في اللجنة العلمية التي أعدت للملتقي‏.‏

وأنا أبعد الناس عن تنزيه العمل الذي قمنا به في لجنة الشعر وفي الملتقي‏,‏ لأني لست صاحب مصلحة في تنزيهه‏,‏ إلا اذا كان الشعر ملكية خاصة‏,‏ وكانت نهضته مصلحة شخصية‏.‏

وأعلم حق العلم أن حركة الشعر في مصر أوسع من أن تنحصر في نشاط لجنة الشعر التي أشارك في عملها مقررا لها‏.‏ صحيح أن اللجنة تضم ممثلين لكل التيارات الشعرية ولكل الأجيال لكن الشعر إبداع تنبع قيمته من تفرده وتعدد لغاته والشاعر الحق لا يمثله إلا نفسه‏,‏ فمن المستحيل أن تحيط لجنة بالحركة الشعرية أو تستوعبها‏.‏

من حق الشعراء المصريين أن يختلفوا‏,‏ بل هذا واجبهم فكما أن الشعر لغة يجب أن يمتلكها الشاعر‏,‏ وأدوات يجب أن يسيطير عليها‏,‏ وتقاليد يجب أن يهضمها ويتمثلها‏,‏ فالشعر من ناحية أخري إبداع وحرية‏,‏ ومن حقنا إذن أن نختلف فيه وأن يكون فينا المحافظون والمجددون علما بأن محافظة المحافظين لا تحول دائما بينهم وبين الإبداع والتفرد‏,‏ وبأن تجديد المجددين لا يحميهم دائما من المحاكاة والتقليد‏,‏ ونحن إذن في حاجة لأن نختلف‏,‏ علي أن نلتزم الموضوعية‏,‏ وأن يكون هدفنا تصحيح الخطأ وإثراء الحوار‏.‏

لكني أعرف من ناحية أخري أن في حياتنا العامة والخاصة أوضاعا فاسدة يعاني منها الموهوبون الذين يصل بهم الغضب الي حد اليأس‏,‏ ويستغلها الأدعياء المتطفلون الذين يذهب بهم الطمع الي حد التنكر لأي قيمة أخلاقية وهكذا يجتمع علي الحركة الثقافية المصرية غضب الغاضبين ويأسهم‏,‏ وتطفل المتطفلين وبؤسهم‏.‏ والنتيجة شيوع الفوضي وتزييف القيمة‏,‏ وتغليب المصلحة الشخصية علي المصلحة العامة‏,‏ مما ينال من هيبة الثقافة المصرية ومكانة المثقفين المصريين‏,‏ ويشكك في المضمون الأخلاقي لعملهم‏,‏ ويغري غيرهم بالتطاول عليهم وهو ضامن أنه سيجد في بعض من ينتسبون زورا للثقافة المصرية من يؤمن علي كلامه ويشهد له في انتظار الثمن‏.‏ ثمن بخس دراهم معدودة‏!‏

من هنا حق لبعض السادة الاشقاء أن ينكروا شاعرية المصريين جميعا ويجدوا من المصريين من يوقد لهم الشموع ويحرق لهم البخور‏.‏ فإذا وقفت أنا في افتتاح ملتقي الشعر أذكر المصريين وضيوفهم العرب والأجانب بأن شوقي أمير الشعراء‏,‏ وطه حسين عميد الأدب العربي‏,‏ وتوفيق الحكيم رائد المسرح‏,‏ ونجيب محفوظ سيد كتاب الرواية كلهم مصريون استنكر بعض الضيوف ما قلت واتهموني‏..‏ كما أخبرني من سمعهم بالشوفينية أي بالتعصب الوطني الأعمي‏!

ولو كان واحد من هؤلاء الذين استنكروا كلامي قد حمل عني هذا العبء‏,‏ ورد علي من تطاول علينا‏,‏ وحفظ لنا حقنا لما كان لي أن أتطرق لهذا الموضوع من قريب أو من بعيد لكن الأيام مضت دون أن ينتصر لنا أحد الأخوة‏. ‏و إذن صار من حقي أن أنتصر لنفسي وأرد علي من أنكر شاعرية المصريين فلم يجد من يوقفه عند حده‏,‏ كان مارمي به المصريون حقيقة لا يملكون دفعها‏!

وأنا أحمد الله لأن معظم الضيوف لم يفهموا من كلامي إلا ما قصدته‏,‏ لأنهم يعرفون لمصر فضلها‏,‏ فلا بأس من أن يذكر به رجل يعرف لكل بلد عربي فضله ويرفع ذكر الشعراء والكتاب العرب أجمعين‏.‏ ثم إن الذين أنكروا شاعرية مصر لم يكونوا اصحاب قضية‏,‏ وإنما كانوا يروجون لبضاعة شخصية يتحفظ ازاءها الكثيرون من المصريين وغير المصريين والأدب العربي في النهاية أدب لغة واحدة وثقافة مشتركة‏.‏ من هنا فهم الضيوف كلامي علي وجهه الا نفرا ممن يسمعون فينا قالة السوء ويسكتون فيشترون بسكوتهم القائل الذي يعلم أنهم معه‏,‏ ويشتروننا نحن أيضا بهذا السكوت الذي لم نعد في هذه الأيام السوداء نطمع في أكثر منه‏,‏ حتي لا نضطر هؤلاء الساكتين للأفصاح عما هو أشد وأنكي‏.‏ وسكوتهم إذن مشروط‏.‏ بسكوتنا‏.‏ فإذا خرجنا علي هذا الصمت المتبادل ووقفنا في ملتقي الشعر نتحدث عما قدمته مصر للشعر والنثر وجد هؤلاء أنفسهم مقصودين بكلامنا‏,‏ كأننا حين شهدنا لأنفسنا شهدنا عليهم وإذن فنحن شوفينيون‏!.‏

ليكن‏.‏ لكن شوقي هو أمير الشعراء‏,‏ وطه حسين عميد الأدب ونجيب محفوظ أمير الرواية‏!

(نقلاً عن الأهرام)

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا