ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

صورة الطفل في السينما المغربية

د. جميل حمداوي - المغرب

 

ناقد مغربي متعدد الاختصاصات

عضو الجمعية العربية لنقاد المسرح

 

توطئــــة:

 

من المعروف أن السينما المغربية منذ انطلاقها في 1958م تناولت عدة تيمات أساسية تؤرق الإنسان المغربي بصفة خاصة ومجتمعه بصفة عامة. ومن بين هذه التيمات والمواضيع نذكر: الهوية، والهجرة، والمرأة، والطفولة، والجنس، والأرض، والقرية والمدينة، والاستعمار والوطن، والاعتقال، والتهميش، والاغتراب، والصراع الطبقي،   والجريمة، والبيروقراطية ، والفقر، وحقوق الإنسان، والتمييز العنصري، ووضعية المثقف والفنان،  وموضوع الدين والتصوف الروحاني....

ونفهم من هذا أن السينما المغربية  جزء لايتجزأ من واقعها الذاتي والموضوعي، وقد كانت أيضا في مسارها الفني والجمالي  بمثابة كاميرا مكبرة تلتقط تفاصيل كينونة الإنسان المغربي ووجوده الشعوري واللاشعوري ، وترصد  صراعه التراجيدي والسيزيفي والنضالي في مواجهة واقعه الموبوء الذي كان يتأرجح بين السقوط والانهيار، ولاسيما مع اندثار القيم الأصيلة في عالمنا المحبط الذي أصبح بدوره تغزوه القيم الكمية المادية التي دفعت الإنسان المغربي إلى الانبطاح والتقوقع على ذاته والاستسلام لنزواته وغرائزه وأهوائه ، والوقوع بعد ذلك في مهاوي الرذيلة والجريمة أو الثورة على سلطة المجتمع مع التمرد عن نواميسه وتجاوز قوانينه .

وسنركز في موضوعنا هذا على موضوع الطفولة في السينما المغربية مابين 1958م حتى سنة 2007م؛ لأنه بالكاد يكون موضوعا مهمشا ومغيبا  إلى حد ما باستثناء بعض الأفلام القليلة جدا  التي تعد على الأصابع.

 هذا، ونستنتج من خلال الفيلموغرافيا المغربية المتعلقة بالأفلام الروائية الطويلة (35ملم) بأن هناك أفلاما تعرضت لموضوع الطفولة بشكل جزئي وعابر، كما أن هناك أفلاما أخرى خصصت كل بكراتها المصورة لموضوع الطفولة بشكل كلي ومركزي.

 

1- نظرة بانوارمية عن السينما المغربية:

 

لم تنطلق السينما المغربية فعليا إلا بعد  منتصف القرن العشرين مع فيلم " الابن العاق"  لمحمد عصفور سنة 1958م، مع العلم أن السينما الكولونيالية أو الاستعمارية قد أنتجت كثيرا من الأفلام السينمائية المتعلقة بالمغرب موضوعا وفضاء وشخوصا ورؤية.

هذا، وقد كان فيلم " الابن العاق " لمحمد عصفور من مقاس خمس وثلاثين مليمترا، ومدة عرضه هي خمسون دقيقة، وكان الفيلم بالأبيض والأسود. وقد تولى محمد عصفور إنتاج فيلمه وتأليفه وإخراجه وتصويره وتركيبه ، بينما التشخيص كان من نصيب محمد الكنسوس وزاكي بوخريص. وبعد ذلك، توالت الأفلام المغربية الطويلة والقصيرة إلى أن تجاوزت اليوم الخمسمائة فيلم حسب الأستاذ أحمد سيجلماسي في كتابه" المغرب السينمائي"[1]:

 

العشرية

عدد الأفلام الروائية الطويلة

العدد الإجمالي للأفلام

عدد المخرجين المغاربة لأول مرة

1941-1949

11

15

2

1950-1959

3

32

3

1960-1969

4

132

24

1970-1979

17

78

12

1980-1989

37

114

25

1990-1998

41

121

27

المجموع

113

492

93

 

 

ويقول أحمد سيجلماسي عن البدايات الأولى للسينما المغربية في فترة الحماية الأجنبية:" تميز عقد الأربعينيات بدخول أول مغربي إلى ميادين التصوير والإنتاج والإخراج السينمائي، ويتعلق الأمر برائد السينما المغربية محمد عصفور، الذي أنتج ابتداء من سنة 1941م ، عددا من الأفلام القصيرة الصامتة، قبل أن يدشن الفيلموغرافيا الوطنية في شقها الروائي الطويل، بفيلمه" الابن العاق" الذي صور سنة 1956م، ونظم أول عرض له بقاعة" سينما الملكي" بالدار البيضاء سنة 1958م.

وفي منتصف هذا العقد ، أي سنة 1944م، تم إنشاء " المركز السينمائي المغربي"، وهو مؤسسة عمومية مكلفة بالإشراف على قطاع السينما بالمغرب، كما تم بناء استوديوهات السويسي بالرباط، وإقامة عدة شركات للإنتاج والتوزيع برؤوس أموال فرنسية وأمريكية وإيطالية وغيرها، بالإضافة إلى بناء الجزء الأكبر من القاعات السينمائية المتواجدة حاليا في أكبر المدن المغربية( نصف القاعات السينمائية العاملة حاليا بفاس، تم بناؤها بين 1942و1948)."[2]

ويعتبر أحمد سيجلماسي سنوات 1946و4947و1948 :" أخصب فترة في تاريخ السينما الاستعمارية بالمغرب، وذلك لأنها شهدت إنتاج أكثر من 10 أفلام روائية طويلة، كمحاولات أولى لخلق" سينما مغربية" في إطار ما اصطلح عليه آنذاك بــ"هوليود الإفريقية"، وكانت الغاية من وراء ذلك، هي منافسة السينما المصرية ذات التوجه القومي، التي كان لها حضور قوي داخل أوساط الشعب المغربي المتنورة"[3]

وبعد أن كان إيقاع الإنتاح السينمائي بطيئا في سنوات الخمسين والستين والسبعين ، فقد ارتفع هذا الإنتاج مع سنوات الثمانين والتسعين  [4]، ليصل الإنتاج سنويا مع الألفية الثالثة بين 10و15 فيلما طويلا، وإن كانت هذه الأفلام في الحقيقة على مستوى المردودية المالية لاتسترجع من ثمن إنتاجها إلا 10أو 15%، كما أن تمويل إنتاج الفيلم المغربي لا يشكل سوى واحد من عشرة بالمقارنة مع أوربا وواحد من مائة بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية. [5]

ومن أهم المخرجين المغاربة الذكور الذين أنتجوا أفلاما روائية طويلة نستحضر:محمد عصفور، وأحمد المسناوي، ومحمد التازي، والطيب الصديقي، وعبد العزيز الرمضاني، والعربي بناني، ولطيف لحلو، وحميد بناني، وسهيل بنبركة، وعبد الله المصباحي، ومصطفى الدرقاوي،  ومومن السميحي، والعربي بالعكاف، وسعد الشرايبي، والجيلالي فرحاتي،  ونبيل لحلو، وأحمد المعنوني، وأحمد البوعناني،  وحكيم نوري، وعبدو عشوبة،  وحميد بنسعيد، ومحمد عبد الرحمن التازي، وحميد بن شريف، وحسن المفتي،  ومحمد عبازي، وأحمد قاسم أقدي، ومحمد الركاب، وإدريس المريني،   ومصطفى الخياط، وعبد الله الزروالي، وإدريس الكتاني، وعبد الكريم الدرقاوي،  ومحمد أبو الوقار،  وأحمد ياشفين، ونجيب الصفريوي، ، وسعيد سودة، وحسن بنجلون،  والتيجاني الشريكي، ونور الدين كونجار،  وعبد القادر لقطع،  والعربي بناني، ومحمد لطفي، ومحمد العبازي، ونبيل عيوش، ومحمد إسماعيل،  وداود أولاد السيد، ومحمد عبد الكريم الدرقاوي،  وإدريس أشويكة، ونبيل عيوش، وجمال بلمجدوب،  وسعيد سودا،  وعبد المجيد أرشيش، وأحمد بولان، وعمر الشرايبي،  وكمال كمال، وعبد الحي العراقي، ومراد بوسيف،  وفوزي بنسعيدي، وحكيم بلعباس، ومحمد الزين الدين،  وسعيد الناصري،  ومحمد العسلي،  وحسن لكزولي، وإسماعيل الفروخي، ونور الدين لخماري، ورشيد الوالي،  وسعيد السميحي،  وسهيل نوري، وعماد نوري،  وحسن غنجة،  والبشير سكيرج،  ولحسن زينون، وحميد فريدي،  ومحمود فريطس، وأحمد زياد،  ومحمد مرنيش،  وعبد الإله بدر...

ونذكر من المخرجات المغربيات: ليلى المراكشي، وإيمان المصباحي، ومريم باكير، وفريدة بورقية، وفريدة بليزيد، وفاطمة جبلي الوزاني، ونرجس النجار،  وياسمين كساري أو قصاري، ويزة جنيني... 

 

2- فيلموغرافيا الطفل:

 

قدمت السينما المغربية مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة التي تناولت الطفولة إما بطريقة جزئية عابرة وإما بطريقة كلية مركزية، وإليكم الأفلام الروائية الطويلة التي رصدت الطفولة من جميع جوانبها وزواياها[6]:

 

* الابن العاق: بالأبيض والأسود/ 35ملم/ 50دقيقة/ 1958م.

 

إنتاج: عصفور فيلم.

إخراج: محمد عصفور.

سيناريو: محمد عصفور.

تصوير: محمد عصفور.

تركيب: محمد عصفور.

تشخيص: محمد الكنوس وزاكي بوخريص.

 

* ألف يد ويد: بالألوان/ 35ملم/ 71دقيقة / 1972م.

 

إنتاج: أورو مغرب فيلم.

إخراج: سهيل بنبركة.

سيناريو: أحمد بدري، وسيرامي فانسونزا.

تصوير: جيرولامو لاروزا.

تركيب: عبد السلام أكناو.

موسيقى: عبده الطاهر.

تشخيص: عبده شيبان، وعيسى الغازي، وميمسي فارمر.

 

* ساعي البريد: بالأبيض والأسود/ 35ملم/ 85دقيقة/ 1980م.

 

إنتاج:أنتير فيلم.

إخراج: حكيم نوري.

سيناريو: حكيم نوري.

تصوير: إبراهيم شامات.

موسيقى: لوي إنريكو باكالوف.

تركيب: علال السهبي.

تشخيص: عزيز سعد الله، ومحمد التسولي، وميا الرمال، ورامي لطيف.

 

* طوير الجنة: بالأبيض والأسود/ 35ملم/ 76 دقيقة/ 1981م.

 

إنتاج: محمد حليمي والمركز السينمائي المغربي.

إخراج: حميد بنسعيد.

سيناريو: زورق بوادر وحميد بن سعيد.

تصوير: نادية بنسعيد.

تركيب: محمد مزيان.

تشخيص: عبد الكبير بنبيش وفاطمة الساهلي.

 

* عرائس من قصب: بالألوان/35 ملم/ 76 دقيقة/ 1981م.

 

إنتاج: هركليس إنتاج.

إخراج: الجيلالي فرحاتي.

سيناريو: فريدة بليزيد.

تصوير: عبد الكريم الدرقاوي.

صوت: عبد الرحمن الخباز.

تركيب: الجيلالي فرحاتي.

تشخيص: الشعيبية العذراوي، وسعاد التهامي، وابتسام المطلب، والجيلالي فرحاتي، وأحمد فرحاتي.

 

* ملواد لهيه: بالألوان/ 25ملم/ 85دقيقة/ 1982م.

 

إنتاج: أفلام تغمات.

إخراج: محمد عبازي.

سيناريو: محمد عبازي.

تصوير: مصطفى استيتو.

صوت: أحمد أوباها.

تركيب: أحمد البوعناني.

موسيقى: بنجامان يارمولينسكي.

تشخيص: هشام دهان، وحدهوم بنت بوعزة، والباتول البوعناني.

 

* الجمرة: بالألوان/35 ملم/ 102 دقيقة/ 1982م.

 

إنتاج: محمد إسماعيل وفريدة بورقية.

إخراج: فريدة بورقية.

سيناريو: محمود مكري.

تصوير: حسين الخطابي.

صوت: حسن العامري.

تركيب: العربي بنزوينة.

موسيقى: عبد الغني اليوسفي.

تشخيص: حميد الزوغي، ورشيد مشنوع، ومصطفى الزعري، ومصطفى الدسوكين، والمحجوبي عبد الرحمن، وسعاد صابر.

 

* ما نثرته الرياح: بالألوان/35 ملم/ 90دقيقة/ 1984م.

 

إنتاج: صقر فيلم.

إخراج: أحمد قاسم أقدي.

سيناريو: أحمد قاسم أقدي.

تصوير: مصطفى السوسي، وفاطمة الرواس.

صوت: نجيب الشليح.

تركيب: العلوي الحروني.

تشخيص: رشيدة العلوي، ونعيمة بنسعيد، وعبد السلام لمرابط، ومحمد دودوح ، وطارق الصقر.

 

* أيام من حياة عادية: بالألوان/ 35 ملم/ 100دقيقة/ 1991م.

 

إنتاج: سينوتر.

إخراج: سعد الشرايبي.

سيناريو: سعد الشرايبي.

تصوير: عبد الكريم الدرقاوي.

تركيب: سعد الشرايبي ومحمد مزيان.

تشخيص: رشيد فكاك، وهشام الركراكي، ونزهة زكريا، وسلوى الجوهري، وصلاح الدين بنموسى، ومحمد الركاب.

 

*شاطئ الأطفال الضائعين: بالألوان/ 35 ملم/ 90دقيقة/ 1991م.

 

إنتاج:  هركليس فيلم.

إخراج: الجيلالي فرحاتي.

سيناريو: الجيلالي فرحاتي.

تصوير: جيلبيرتو أزيفيدو وجاك بيس.

تركيب: الجيلالي فرحاتي.

تشخيص: سعاد فرحاتي، ومحمد تيمود، وفاطمة الوكيلي، وصفية الزياني، والعربي اليعقوبي.

 

* الطفولة المغتصبة: بالألوان/35ملم/ 90 دقيقة/ 1993م.

 

إنتاج: م.ب.س.

إخراج: حكيم نوري.

سيناريو: حكيم نوري.

تصوير: جيرومولا لاروزا.

تركيب: علال السهبي.

صوت: فوزي ثابت.

موسيقى: منصف عديل.

تشخيص: فضيلة مسرور، وثورية العلوي، ومصطفى الزعري، وفيروز الكرواني.

 

* حكايات مغربية: بالألوان/ 35 ملم/ 80 دقيقة/ 1993م.

 

إنتاج: إيماكو فيلم الدولية و آرت كام الدولية.

إخراج: مومن السميحي.

سيناريو: مومن السميحي.

تصوير: هلين دولال.

موسيقى: منير بشير.

صوت: كرستوف فلوشير.

تشخيص: عائشة ماه ماه، طارق جميل، وميلود الحبشي، وسومية أكعبون، ومحمد تيمود، وعائشة ماه ماه.

 

* بيضاوة: بالألوان/ 35 ملم/ 88 دقيقة / 1988م.

 

إنتاج: شاشات المغرب.

إخراج: عبد القادر لقطع.

سيناريو: عبد القادر لقطع.

تصوير: ميشيل لافو.

تركيب: مارين دولو.

موسيقى: مارسيل روبير لوباج.

تشخيص: خديجة أسد، وكريمة أقطوف، وعزيز سعد الله، وصلاح الدين بنموسى، ومحمد بنبراهيم.

 

* علي زاوا: بالألوان/ 35 ملم/ 105 دقيقة/ 1999م.

 

إنتاج: عليان إنتاج.

إخراج: نبيل عيوش.

سيناريو: نبيل عيوش ونتالي سوجان.

تصوير: فانسان ماتياس..

تركيب: جان روبير توماس.

صوت: فرانسكو كيوم.

تشخيص: منعم كباب، وهشام موسون، وآمال عيوش، وسعيد التغماري، ومحمد مجد.

 

* ألف شهر: بالألوان/ 124 دقيقة/ 35 ملم/ 2003م.

 

إنتاج: كلوريا فيلم وأكورا فيلم.

إخراج: فوزي بنسعيدي.

سيناريو: فوزي بنسعيدي.

تصوير: أنطوان هبرلي.

تركيب: سندرين ديجن.

صوت: باتريس مانديز.

تشخيص: فؤاد لبيض، ونزهة رحيل، ومحمد مجد، وعبد اللطيف لمباركي، ، ومحمد بصطاوي.

 

* الدار البيضاء باي نايت: بالألوان/35 ملم/ 100 دقيقة/ 2003م

 

إنتاج: أفلام مصطفى الدرقاوي.

إخراج: مصطفى الدرقاوي.

سيناريو: عبد الكريم الدرقاوي.

تصوير: عبد الكريم الدرقاوي.

تركيب: عبد الرحيم ليكوتي ومحمد كرات.

صوت: أحمد أوباها وأمين تازغاري.

موسيقى: مصطفى سمرقندي.

تشخيص: سميرة نور، وعزيز الحطاب، وزكريا عاطفي، ومليكة حمومي.

 

* جوهرة: بالألوان/ 35 ملم/ 90 دقيقة/ 2003م.

 

إنتاج: سينوتر.

إخراج: سعد الشرايبي.

سيناريو: سعد الشرايبي ويوسف فاضل.

تصوير: كمال الدرقاوي وفوزي ثابت.

تشخيص: منى فتو، وياسين أحجام، ولطيفة أحرار، ومحمد بسطاوي، ومحمد خيي.

 

* الملائكة لاتحلق فوق الدار البيضاء: بالألوان/ 25 ملم/ 97 دقيقة/ 2004م.

 

إنتاج: دغام فيلم، غام فيلم

إخراج: محمد العسلي.

سيناريو: محمد العسلي.

تصوير: روبرتو ميدي.

تركيب: رايموندو ايلو.

صوت: مورو لازارو.

تشخيص: عبد الصمد مفتاح الخير، وعبد الرزاق البدوي، وليلى الأحباني، وشيد الحزمير.

 

*الراقد: بالألوان/ 35 ملم/ 90 دقيقة/ 2004م.

 

إنتاج: كوكوليكو الشرق.

إخراج: ياسمين كساري.

سيناريو: ياسمين كساري.

تصوير: يورغوس أرفانينيس.

تركيب: سوزانا روسبيرغ.

تشخيص: مونيا عصفور، ورشيدة براكني، وفاطمة العيساوي.

 

*الأجنحة المتكسرة: بالألوان/35 ملم/ 90 دقيقة/ 2004م.

 

إنتاج: سينيتيليما /2M .

إخراج: أمجيد ارشيش.

سيناريو: عبد الغله الحمدوشي.

تصوير: نيكولا ماسار.

مونتاج: غزلان أسيف.

صوت: عائشة حسني، ونجاة عمري.

موسيقى: يونس مكري.

تشخيص: فاطمة خير، ورشيد الوالي، وعائشة ماه ماه، ورياض شيفا، وعبد الفتاح سايل، وهشام هشام.

 

 

* العايل: بالألوان/ 35 ملم/ 90 دقيقة/ 2005م.

 

إنتاج: إيماكو فيلم الدولية.

إخراج: مومن السميحي.

سيناريو: مومن السميحي.

تصوير: روبير الأزرقي، وثييري لوبيكر، وعبد الكريم الدرقاوي.

تركيب: أودي روس، ومومن السميحي.

صوت: فريدي لوت.

تشخيص: عبد السلام بكدوري، وسعيد آمال، وخلود بهيجة هشامي، وريم طاود، ونادية العلمي.

 

* القلوب المحترقة: بالألوان/ 35 ملم/ 84 دقيقة/ 2007م.

 

إنتاج: ربيع فيلم للإنتاج.

إخراج: أحمد المعنوني.

سيناريو: أحمد المعنوني.

تصوير: بيير بوفيتي.

مونتاج: أسامة أوسيدهوم.

صوت: فوزي ثابت.

موسيقى: محمد الدرهم، وعبد العزيز الطاهري.

تشخيص: هشام بهلول، وأمل الستة، ونادية علمي، ومحمد مرواني، وعز العرب الكغاط، ورفيق بوبكر، ومحمد الدرهم، وخلود، وأمينة رشيد.

 

 

3- صورة الطفل في السينما المغربية:

 

قدمت السينما المغربية في مسارها الفني  والموضوعي ما بين القرن العشرين وسنوات الألفية الثالثة مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة التي أشارت إلى الطفل سواء من قريب أم بعيد عبر رؤى جمالية وفلسفية مختلفة تعبر عن اختلاف زوايا النظر لدى المخرجين المغاربة في التعامل مع موضوعة الطفولة حسب السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة بالمغرب أثناء تصوير الفيلم وإنتاجه وكتابة السيناريو.

وعلى العموم، فقد قدمت السينما الوطنية بعد الاستقلال مجموعة من الصور الرؤيوية للطفل المغربي يمكن حصرها في الصور النمطية التالية:

 

* صورة الطفل المنحرف:

 

ظهر أول فيلم مغربي بعد الاستقلال ليركز عدسته التصويرية حول موضوع الطفولة والشباب مع المخرج محمد عصفور سنة 1958م تحت عنوان "الابن العاق". ويبدو لنا من خلال عنوان الجنريك أن الفيلم يتناول عقوق الابن وتمرده عن والديه، وميله إلى الانحراف والإجرام ، وتشرب القيم السلبية منذ نعومة أظافره من خلال استرجاع ذكريات الطفولة ، وإهمال الوالدين لتربية أولادهم وأطفالهم وعدم تنشئتهم تنشئة تربوية صحيحة ؛ مما يعرضهم ذلك التسيب والإهمال إلى الانحراق غير الأخلاقي. بل إن الابن الخطير في الفيلم سيقوده البحث الجاد عن النقود إلى ارتكاب جريمة بشعة في حق المجتمع. ومن هنا، يدعو محمد عصفور إلى الاهتمام بالأطفال والأبناء وتربتهم التربية السليمة لكي يكونوا مواطنين صالحين ينفعون أنفسهم ووطنهم. وبالتالي، تصبح التربية الأسرية مفتاحا جوهريا لنجاح الأبناء واستواء سلوكهم النفسي والأخلاقي.

وعليه، فالفيلم يقدم صورة واقعية اجتماعية ونفسية للطفل المنحرف الذي لم يتلق تربية صحيحة داخل أسرته التي أهملته إهمالا كبيرا لتلقي به إلى مهاوي الانحراف والرذيلة  وارتكاب الجريمة. ومن ثم، يلاحظ أن أول فيلم مغربي كان فيلما اجتماعيا وواقعيا يتأرجح دراميا بين معالجة الطفولة والشباب.

 

2- صورة الطفل الكادح:

 

جسدت السينما المغربية الطفل المناضل والمكافح الذي يساعد أباه من أجل تأمين لقمة الخبز والحصول على العيش الكريم. لذا، نجد فيلم " ألف يدو يد1972م" لمخرجه سهيل بنبركة يصور معاناة الرجل العجوز موحى الذي يقطن بمدينة مراكش، ويمتهن صباغة الصوف صحبة ابنه. فيقومان معا بنقل أكوام من خيوط الصوف المعدة لنسيج الزرابي التي تصدر إلى الخارج. ومن ثم، يظهر الفيلم المعاناة المأساوية التي يعيشها مهنيو القطاع وخاصة الصغار منهم. ويتخذ الفيلم طابعا واقعيا اجتماعيا تراجيديا يصدر عن رؤية إنسانية تجاه مايعانيه الابن في عمله اليومي من أجل الحفاظ على كرامة الذات وشرف الأسرة.

 

3- صورة الطفل المختطف:

 

استعرضت بعض الأفلام المغربية الطويلة صورة الطفل المختطف ولاسيما في الأفلام الواقعية الاجتماعية ذات الطابع الحركي Action أو في أفلام اللصوص والعصابات والجرائم. ومن النماذج السينمائية التي صورت الطفل المختطف فيلم" ساعي البريد- 1980م" لمخرجه حكيم نوري.

هذا، ويلتقط الفيلم شخصية علي الذي كان يشتغل سابقا ساعي البريد، فيترك عمله المزري ليشتغل سائقا عند إحدى العائلات الثرية بالدار البيضاء. لكن علي ستعترضه عصابة فتخطف ابنة مستخدمه ، ثم تطالب هذه العصابة الشريرة العائلة بمبلغ كبير كفدية مقابل الإفراج عن الطفلة المختطفة. وهنا، تبدأ مشاكل علي لذاتية والموضوعية ومعاناته الدرامية مع أفراد العصابة.

وعليه، فإذا كان الطفل الفقير في الأفلام المغربية يعاني من التهميش والعزلة والإقصاء والتغريب والاحتقار والزراية والإهانة والتطرف والانحراف، فإن الطفل الغني في المجتمع المغربي  بدوره يتعرض للاغتصاب والاختطاف والعنف.

 

4- صورة الطفولة المسترجعة:

 

ما أكثر الأفلام المغربية التي يستحضر فيها المخرج طفولته الماضية عبر تقنية الاسترجاع أو الفلاش باك كفيلم " طوير الجنة1981م" للمخرج حميد بنسعيد الذي يحكي لنا ترسبات الطفولة في لاشعور الحاضر.

وهكذا، يعتمد الفيلم على استقطار الذكريات الماضية، واستحضار التجارب الطفولية الراسخة في الذاكرة المنسية،  والانطلاق من الحاضر الشقي للتعبير عن تداخل نظرتين طفولتين تتسمان بالبراءة تارة والشقاء تارة أخرى. ويعني هذا أن الفيلم استرجاعي من حيث الترتيب الزمني والبناء المنطقي، إذ ينحرف إلى الماضي  عبر الفلاش باك لاستقدام الذكريات الطفولية التي مازالت تتحكم في شخصية الفيلم بطريقة شعورية ولاشعورية. وهنا، يحضر الجانبان النفسي والإنساني في تقاطعهما مع الجانب الواقعي والاجتماعي، كما يتداخل في الفيلم زمنان جدليان: الحاضر والماضي، وهذا النوع من التزمين المتشظي والمنكسر يذكرنا بأفلام الموجة الجديدة التي تأثرت كثيرا بتقنيات وفنيات الرواية الفرنسية الجديدة .

وتحضر هذه الصورة أيضا في فيلم" أيام من حياة عادية- 1991م" للمخرج سعد الشرايبي حيث نجد لقاء بين صديقين كان بينهما فراق طويل ،  فالتقيا بعد الاستقلال مباشرة ليقوما باستعادة طفوليتيهما اللتين تمتدان إلى فترة الحماية الأجنبية على المغرب ؛ لكنهما سرعان ما يفترقان من جديد بسبب اختلافهما على مستوى القناعات الإيديولوجية  والاعتقادية وتباين رؤاهما الفلسفية وتباعد  منظورهما إلى العالم.

كما تحضر هذه الطفولة المسترجعة في فيلم" القلوب المحترقة- 2007م" للمخرج أحمد المعنوني  الذي يصور عودة مهندس معماري شاب من باريس إلى مدينة فاس قبل فترة قليلة من وفاة عمه، فتبدأ  معاناته الدرامية والسيكولوجية والموضوعية باسترجاع ذكريات الطفولة  التي ستدفعه إلى مواجهة الماضي.

 

* صورة الطفل اليتيم:

 

لم ينس الفيلم المغربي أن يصور بعدسات الكاميرا موضوعة اليتم الطفولي مادام المجتمع الذي تصوره السينما المغربية هو في العموم مجتمع مهزوز اجتماعيا ومنخور طبقيا ومختل أخلاقيا ، ينقر على إيقاع الفقر والفاقة ، ويعزف سيمفونية الاحتياج والتضعضع والبؤس وتراجيديا السقوط والانبطاح.

وغالبا ما ينتج هذا اليتم الطفولي في معناه العام والخاص عن طريق وفاة معيل الأسرة أو انفصال الطرفين طلاقا وتطليقا وتطالقا أو عن طريق هروب الزوج أو الزوجة، فيكون الخاسر الأكبر في هذه الصفقة سواء أكانت إجبارا أم اختيارا هو الطفل البريء الذي يتعرض للمعاناة القاسية التي تعجز السينما عن تصويرها تصويرا حقيقيا وشاملا.

ومن الأفلام التي صورت الطفل اليتيم الذي ينتظر مستقبلا مجهولا فيلم" عرائس من قصب- 1981م" للمخرج المغربي جيلالي فرحاتي.

ومن المعروف أن هذا الفيلم يصور امرأة شابة مسلة توفي عنها زوجها فوجدت نفسها أمام ثلاثة أطفال يتامى غير قادرة على تجديد حياتها أو تأمين مستقبل فلذات كبدها. ومن هنا، تبدأ معاناتها السيزيفية على جميع المستويات مع انبثاق معاناة الأولاد وتمظهرها على سطح الواقع. لذا، تختار الأم  حياة  الصراع مع الذات المتعطشة إلى الارتواء ومواجهة الواقع الموضوعي المتعفن.

 

* صورة الطفل الخائف:

 

من أهم الظواهر النفسية التي يعاني منها الطفل نجد ظاهرة الخوف والقلق والتوتر؛ مما يولد فيه الإحساس بالعزلة والانطواء والانكماش والفشل والهروب بعيدا عن الأسرة والمدرسة والمجتمع. وهذا الخوف نلاحظه بكل وضوح وجلاء في فيلم" ملواد لهيه- 1982م" للمخرج المغربي محمد عبازي، وهو فيلم طفولي بامتياز من أوله إلى آخره؛ لأنه يتناول ظاهرة الطفولة من خلال رؤية مشهدية ماكروسكوبية كلية ومركزية على عكس كثير من الأفلام المغربية التي تناولت ظاهرة الطفولة بطريقة جزئية وعابرة.

وعلى أي، فالفيلم يرصد قصة طفل يسمى سعيد في الثامنة من عمره، بعيش بمدينة سلا مع أسرته في انسجام ومودة ومحبة. بيد أن هذه العلاقة الحميمية ستتحول إلى علاقة عدائية مشوبة بالمأساة والاغتراب التراجيدي. وهكذا، سيرسل الأخ الأكبر أخاه الصغير إلى خياط الحي لاسترجاع قفطان والدته، ولكن هذا القفطان سيسرق منه بعنف وقسوة. ومن هنا، تبدأ معاناة الطفل الخائف من عقوبة والديه وأخيه الأكبر،  فيقرر الهروب والارتحال إلى عمته التي تسكن بالرباط. وهناك،  يكتشف الطفل التناقضات الجدلية في الواقع الاجتماعي  المنبطح بشكل ملموس وعياني ، فيذوق مرارة الاغتراب والوحدة بذات ترتجف رعبا وخوفا من مجتمع مادي معلب لايرحم الصغار ولا الكبار على حد سواء.

 

* صورة الطفل المغترب:

 

يحضر الطفل في السينما المغربية بصور نمطية عدة ، ومن أهم هذه الصور صورة الطفل المغترب الذي يهرب من مجتمعه إلى أمكنة نائية للاختباء والاحتماء والتستر خوفا من قسوة المجتمع وانتقامه الزجري العنيف ومحاسباته المقرعة العنيفة. ومن هذه الأفلام نذكر فيلم" الجمرة 1982م" لمخرجته فريدة بورقية التي صورت فيه مأساة إنسانية ، ذهب ضحيتها  أسرة بكاملها بسبب اتهام الأب باغتصاب ابنة الجيران وقتلها؛ مما أدى بالقرية إلى الفتك بالوالدين معا، وتغريب أولادهما خارج القرية.

ومن هنا، فقد عانى الأطفال الثلاثة: علي ومريم وإبراهيم في مغارتهم التي كانت تؤويهم  معاناة قاسية بسبب الظلم المجحف ومرارة الاغتراب وقسوة الفضاء الموحش. لكن الفتى عليا كان متأكدا من براءة أبيه . وبالتالي، فقد كان على يقين قاطع بأن الحقيقة ستظهر يوما ما إلى حيز الوجود، وكل واحد سيأخذ حقه بعدل وإنصاف.

وهكذا، تتناول فريدة بورقية اغتراب الأطفال في مجتمع الثأر والعادات والتقاليد والأعراف الشخصية دون الاحتكام إلى  الشرع والقانون. وينتج عن هذا أن تسفك أرواح بريئة ، ويضيع الأولاد في مغارة الاغتراب والخوف لاستعادة ذكريات البطش والتنكيل وما يولد ذلك من صور الانتقام والتشفي من الجناة.

وتحضر أيضا صورة الاغتراب الذاتي والمكاني  في فيلم" العايل- 2005م" للمخرج مومن السميحي الذي ينقلنا زمنيا إلى طنجة في الخمسينيات من القرن العشرين لنجد أنفسنا أمام طفل في العاشرة يسمى محمد العربي السالمي  يعاني  الكثير الكثير من العزلة والوحدة والانكماش والانطواء النفسي بسبب التربية الدينية المتشددة التي تلقاها في منزله إلى جانب اختناقه من التزمت في الرأي لدى الأوروبيين.

 

* صورة الطفل الثائر:

 

يصور فيلم " مانثرته الرياح- 1984م" للمخرج المغربي أحمد قاسم أقدي  طفلا  ثائرا في الثانية عشر من عمره ، ينخره الحزن الشديد بسبب الاختلال العقلي الذي أصاب أخاه المدمن الذي كان يتعاطى  المخدرات بكل أصنافها. ومن هنا، يتقد الطفل ثورة وجموحا لمحاربة هذا الداء المستشري في المجتمع المغربي والتصدي له بالمقاومة للحد من هذا الوباء الجهنمي الخطير.

ويبدو الطفل في هذا الفيلم الواقعي الاجتماعي التحسيسي نموذجا للطفل الواعي المقاوم الذي يرفض ظاهرة المخدرات، ويشمر عن ساعده بكل جرأة وثورية للوقوف في وجه هذا الوباء الطاعوني الفتاك.

 

* صورة الطفل الضائع:

 

من أهم الصور السينمائية التي تعلقت بالطفل المغربي صورة الطفل الضائع التي تعبر عن فضاضة الواقع الاجتماعي،  واندحار الإنسان، وقسوة الكائن البشري، وانعدام الرحمة من قلوب الذوات الآدمية، وتجبر الإنسان مع انحطاط القيم الأخلاقية. وهذا يبدو واضحا في فيلم" شاطئ الأطفال الضائعين- 1991م" للمخرج الجيلالي فرحاتي  الذي يتخذ طابعا رمزيا ومنحى انزياحيا شاعريا في التعبير عن قضية الطفولة الضائعة.

هذا، ويسلط الفيلم عدسته المرئية الكبيرة على الشابة أمينة في الخامسة والعشرين من عمرها، تنقطع عن الشاطئ  لتلعب مع أطفال القرية الضائعين والتائهين والمغلوبين على أمرهم لتفرغ مشاعرها المترسبة شعوريا ولاشعوريا في ذاكرتها الطفولية واللعبية. لكنها مع تعاقب مؤشر الوقت، ستتأكد بأنها حامل مع عشيقها الهارب الخادع، فتخفي سر ذلك الحمل مخافة من لسعات ألسنة أهل القرية المحافظين، وستضطر أمينة في الأخير إلى الانتقام من عشيقها الماكر ، فتحتفظ به سرا مع سر الجنين الضائع في متاهات المجهول.

وتحضر صورة الطفل الضائع كذلك  في فيلم" ألف شهر- 2003م" لمخرجه فوزي بنسعيدي الذي  ركز إطار الكاميرا على امرأة تسمى أمينة ستلتجئ مع ابنها الوحيد المهدي في رمضان 1981م إلى  جد الولد  بعد اعتقال زوجها سياسيا. لكن المهدي يعتقد أن أباه قد سافر إلى فرنسا من أجل  العمل، بينما سر الاعتقال لايعرفه سوى الجد والأم ، وذلك من أجل الحفاظ على الابن العزيز عليهما ألا وهو الطفل " المهدي ".

وترد هذه الصورة أيضا في فيلم" جوهرة- 2003م" للمخرج المغربي سعد الشرايبي الذي ركز عدسته السينمائية على فتاة صغيرة تسمى " جوهرة"  ، ولدت بالسجن من أم معتقلة تم اغتصابها جنسيا. ومن هنا، أصبحت جوهرة قريبة من أمها السجينة،  تراقب بنظراتها البريئة أوضاع السجن المزرية وعالمه الداخلي المغلق الخالي من الرحمة والإنسانية.

ونجد هذه الصورة القاتمة كذلك في فيلم" الأجنحة المتكسرة- 2004م" للمخرج أمجيد أرشيش الذي صور لنا طفلا صغيرا يسمى بالمهدي، ستوقع به متسولة تسمى " رحمة " ، فتستغله في  الاستجداء والتسول بطريقة غير شرعية . فتنشأ بين المهدي ورحمة علاقة حميمية تنتهي بظهور والدي المهدي على ساحة الأحداث بعد انقضاء ثلاث عشرة سنة. ومن هنا، يبدأ  الصراع بين رحمة والوالدين الحقيقيين حول من له أحقية التبني  وامتلاك الطفل بعد هذا الغياب الطويل، ويذكرنا هذا الفيلم الواقعي الاجتماعي  بمسرحية المخرج الألماني برتولد بريخت " الطباشير القوقازية".

 

* صورة الطفل المغتصب:

 

كثيرة  هي الأفلام السينمائية المغربية التي تعرضت للطفولة المغتصبة بالتصوير والرصد  ولاسيما أثناء تصوير البكرات الفيلمية المرتبطة بمجتمع الخادمات ، فيتعرض هذا الطفل أو الطفلة الخادم أو الخادمة للتغريب والتهميش والاعتداء و العنف الرمزي . وبالتالي، يحرم  هذا الطفل الطاهر البريء من التعلم والاكتساب، فيغتصب من الكبار كما هو مشخص سينمائيا في فيلم" الطفولة المغتصبة - 1993م" للمخرج المغربي حكيم نوري.

يصور فيلم " الطفولة المغتصبة"  طفلة صغيرة اسمها رقية في العاشرة من عمرها، تنزل من البادية إلى المدينة لتشتغل خادمة في إحدى البيوت البورجوازية بالدار البيضاء محرومة من التعليم ومن أدنى حقوق الإنسان. وتمر عشر سنوات، لتجد هذه الطفلة نفسها شابة جميلة . بيد أنها ستتعرض للاغتصاب من أحد أفراد العائلة، فتضطر للهرب بعيدا، وعندما تجد شغلا بأحد معامل المدينة، آنئذ ستكشف أنها حامل. وهنا، تبدأ معاناة الفقر والقهر والانسحاق أمام متاريس الواقع بحثا عن المذنب قصد الحصول على الاعتراف الشرعي والقانوني.

وهذا الاغتصاب يلاحظ كذلك في فيلم" ضفائر- 2000م" لمخرجه المغربي الجيلالي فرحاتي الذي عاد مرة أخرى بعد فيلمه" شاطئ الأطفال الضائعين"  ليصور سينمائيا معاناة خادمة فقيرة في صراعها التراجيدي مع مغتصبها البورجوازي المتوحش.

 

* صورة الطفل العدواني:

 

لم تكتف السينما المغربية بتصوير الطفل البريء الطاهر فحسب، بل صورت أيضا الطفل المعتدي الذي يضطهد الآخرين، ويعتدي عليهم سبا وجرما سواء أكان ذلك  قولا أم فعلا.  ومن الأفلام التي سلطت عدستها ولقطاتها المركزة على الطفولة العدائية نستحضر فيلم"حكايات مغربية- 1993م" للمخرج المغربي مومن السميحي الذي يلتقط في فيلمه الطويل ثلاث قصص نووية، القصة الأولى تجسد مروض القرود وهو يعاني من اضطهاد ثلاثة من أطفال أشقياء يمارسون العنف ضده بكل شراسة وعدوانية. في حين نجد القصة الثانية رومانسية الطابع تصور علاقة غرامية بين شاب وشابة. أما القصة الثالثة فتركز على صياد عجوز يسخر منه رفاقه لكونه يعتقد أن بإمكانه العثور على كنز ثمين  داخل أحشاء حيوان مائي.

وهكذا، يقدم لنا المخرج مومن السميحي صورة فيلمية جزئية عن صورة الطفل المعتدي الذي يباغت الآخرين بقسوته وفضاضته،  فيضطهدهم ظلما وشرا وعدوانا.

 

* صورة الطفل المستلب:

 

يتناول فيلم" بيضاوة- 1988م" للمخرج المغربي عبد القادر لقطع ثلاث حكايات فيلمية متناوبة  تشكل رؤية فلسفية واحدة متناغمة في أبعادها الدلالية والسيميائية والمرجعية والأيديولوجية. فإذا كانت القصة الأولى تتحدث عن صاحب مكتبة يتسلم رسالة تفرض عليه أن يغير طريقة تفكيره وأسلوب حياته ونمط عيشه، وإذا كانت القصة الثانية تتعلق بتصوير معلمة تثير الشبهات حول نفسها، فإن القصة الثالثة تركز على تلميذ يتعرض للاستلاب الإيديولوجي والديماغوجي  من قبل مدرسه المتطرف. فيتحول الفيلم هنا إلى عدسة إيديولوجية تصور صورة الطفل المستلب في فضاء المؤسسة التربوية والتعليمية حيث يشحن الطفل التلميذ بمجموعة من القناعات والأفكار المتطرفة والأهواء الإيديولوجية ليتمثلها المتعلم عن نية وسذاجة اعتقادية.

 

* صورة الطفل المهمش:

 

تعد الطفولة المهمشة من أهم المواضيع التي تناولتها السينما المغربية كما هو مشخص في فيلم" علي زاوا- 1999م" للمخرج نبيل عيوش، ويعتبر هذا الفيلم إنجازا طفوليا بامتياز، إذ خصص كل الحيز الفلمي لتصوير مجموعة من الأطفال المشردين المهمشين في مجتمعهم وهم: علي، وكويتا، وعمر، وبوبكر. [7]

هذا، ولقد شكل هؤلاء الأطفال الأربعة  أسرة حميمية واحدة  تجمعهم الصداقة والمعاناة والمأساة والإحساس بالاغتراب والظلم والفقر  وتفكك الأسرة  والشعور بعدم الانتماء،  ناهيك عن الإحساس الفظيع بالتهميش والإقصاء  والوحدة والحرمان على الرغم من كونهم مجرد  أطفال الشوارع في مدينة الدار البيضاء الكبرى التي تطفح بالتناقضات الجدلية الكبرى في ظل رأسمالية مغولمة.

لكن جماعة علي ستتعرض لاعتداء بشع من قبل عصابة أطفال آخرين، فيقع علي ضحية هذا الاضطهاد، فيسقط الطفل جثة هامدة، فيلتجئ أصدقاؤه الأوفياء إلى البحث عن كفن  يليق بجنازة أميرهم البطل.

يعكس لنا الفيلم بدرامية تراجيدية صورة الواقع المغربي الذي تهمش فيه الطفولة، وتضيع فيه البراءة، ويكثر فيه الانحراف والجرائم وتعاطي المخدرات مع تفاقم ظاهرة الاغتصاب والخوف من سلطة الأسرة والمجتمع والقانون.

وهذا الانحراف والتهميش الطفولي  في الحقيقة نتاج لعوامل ذاتية وموضوعية، يتداخل فيها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي والنفسي والتربوي.

 

* صورة الطفل المريض:

 

عكست لنا السينما المغربية مجموعة من الصور الإيجابية والسلبية للطفل، ومن بين هذه الصور الدامية الحزينة نجد صورة الطفل المريض كما في فيلم " الدار البيضاء باي نايت- 2003م" للمخرج المغربي مصطفى الدرقاوي الذي صور فيه طفلا في التاسعة من عمره يسمى هشام عياش مصاب بمرض في القلب؛ وكان الأمر يستدعي عملية جراحية استعجالية. بيد أن الأم زهرة ليس لديها ما يكفي من مال لتغطية مصاريف هذه العملية الباهضة الثمن. هذا ما سيدفع كلثوم أخت هشام للنزول إلى المدينة ليلا لتدبير مصاريف العملية عن طريق بيع الجسد والارتماء في أحضان الدعارة.

وهكذا، نجد فيلم " الدار البيضاء باي نايت"  طافحا بالتناقضات الجدلية ، ويصدر عن رؤية واقعية اجتماعية تراجيدية تجعل من الفقر آفة خطيرة تدفع الإنسان لبيع جسده من أجل تأمين مصاريف العلاج والاستشفاء.

 

* صورة الطفل الجنين:

 

تحضر صورة أخرى للطفل في السينما المغربية وهي صورة الطفل الجنين أو الرضيع أو على وشك الإنجاب كما في فيلم" لاتحلق الملائكة فوق الدار البيضاء- 2004م" للمخرج محمد العسلي الذي يصور مأساة سعيد الذي يترك زوجته الحامل بالأطلس للذهاب إلى الدار البيضاء للاشتغال في مطعم صحبة عثمان وإسماعيل. وسيعرف سعيد المغترب، في هذه المدينة الشيطانية، قسوة البشر ودناءة الإنسان واضمحلال القيم. وبالتالي، سيجد نفسه ضحية الاستغلال والاستلاب. بيد أن سعيد، في الأخير، ستدعوه زوجته على وجه السرعة والاستعجال لحضور ولادة طفله. لكن الفيلم ينتهي بموت عائشة زوجة سعيد التي كانت تتأهب للذهاب بدورها إلى الدار البيضاء للمعالجة والاستشفاء، إلا أنها ستموت في الطريق، فيعود بها الأهل إلى القرية من أجل دفنها.

وعليه، يقابل المخرج بين عالمين متناقضين: عالم القرية بصفائها وطهارتها ونبل قيمها، وعالم المدينة المدنسة بالقيم الزائفة والأهواء الفاسدة.

وترد صورة الحامل الحاضر/ المغيب في كثير من الأفلام المغربية الأخرى مثل " شاطئ الأطفال الضائعين" لجيلالي فرحاتي، وفيلم " الراقد – 2004م" للمخرجة ياسمين قصاري أو كساري التي تصور فيه  امرأة ستكشف أنها حامل بعد زواجها مباشرة. لكن الزوج سيسافر بعيدا عنها، تنتظر الزوجة مدة طويلة، فيتبين لنا من خلال أحداث الفيلم أن الزوج لن يعود أبدا. ومن هنا، تبدأ معاناة الأم الذاتية والموضوعية وصراعها مع الحياة من أجل تأمين حياة الطفل الجنين.

 

4- تقويم السينما المغربية في منظورها إلى الطفل:

 

نستنتج من هذا العرض أن هناك 22 فيلما يتناول موضوع الطفولة من زوايا ومنظورات مختلفة  من 177 فيلما روائيا مغربيا طويلا  ضمن الفيلموغرافيا العامة  التي أعدها المركز السينمائي المغربي سنة 2007م ، والتي تبدأ من سنة 1958م إلى غاية 2007م  . وهكذا، نجد أفلاما مغربية تجعل من الطفولة موضوعا كليا وإطارا  شاملا مثل: فيلم " علي زاوا"  لنبيل عيوش، وفيلم " العايل" لمومن السميحي، وفيلم " الأجنحة المتكسرة" لأمجيد أرشيش، وفيلم " جوهرة" لسعد الشرايبي، وفيلم" الدار البيضاء باي نايت" للمخرج مصطفى الدرقاوي، وفيلم" ألف شهر" لفوزي بنسعيدي، وفيلم" الطفولة المغتصبة" لحكيم نوري، وفيلم" شاطئ الأطفال الضائعين" لجيلالي فرحاتي، وفيلم " مانثرته الرياح" لأحمد قاسم أقدي، وفيلم" ملواد لهيه" لمحمد عبازي، وفيلم" طوير الجنة" للمخرج حميد بنسعيد، وفيلم" ساعي البريد" للمخرج حكيم نوري...

وهناك أفلام سينمائية مغربية أخرى تعاملت مع الطفولة باعتبارها  موضوعا جزئيا  أوعابرا أو باعتبارها  تيمة هامشية  ثانوية وجانبية كما في فيلم " بيضاوة" لعبد القادر القطع، وفيلم" حكايات مغربية" لمخرج مومن السميحي، وفلم" ظفائر" للجيلالي فرحاتي، وفيلم " أيام من حياة عادية" للمخرج سعد الشرايبي...

ويعني هذا أن السينما المغربية قد ناقشت موضوع الطفولة من خلال رؤى مختلفة ، فلا تخرج أغلب هذه الرؤى عن الرؤية الواقعية الاجتماعية ذات الطابع المأساوي التراجيدي، بيد أن ثمة أفلاما اتخذت طابعا رمزيا تجريديا وشاعريا كفيلم " شاطئ الأطفال الضائعين" للجيلالي فرحاتي.

وإذا كانت مجموعة من الأفلام الطفلية قد اتبعت إيقاعا كرونولوجيا من الحاضر نحو المستقبل، فهناك بعض الأفلام التي اختارت أسلوب الاسترجاع وفلاش باك من أجل استدعاء ذكريات الطفولة المنسية كأفلام الطفولة المسترجعة.

زد على ذلك أن السينما المغربية قد قدمت مجموعة من الصور الطفولية كصورة الجنين، وصورة المغترب، وصورة الضائع، وصورة المهمش، وصورة المستلب، وصورة المعتدي، وصورة المريض، وصورة المغتصب، وصورة الكادح، وصورة المنحرف، وصورة الخائف، وصورة المختطف، وصورة الطفل المسترجع، وصورة الطفل اليتيم، وصورة الثائر....

بيد أن هذه الصور المتنوعة التي استحضرتها السينما المغربية لم تكن دائما صورا إيجابية، بل كانت أيضا صورا سلبية. أي لم يكن الطفل دائما كائنا طاهرا بريئا يعتدى عليه، بل كان أيضا يمارس العدوان والاضطهاد على الآخرين كما في فيلم" حكايات مغربية" لمومن السميحي..

أضف إلى ذلك أن السينما المغربية قد عالجت الطفولة من زوايا متعددة وإن كانت في كثير من الأحيان لم تنجح في ذلك نظرا لصعوبة موضوع الطفولة وشساعة مجالاته وصعوبة التحكم فيه لكونه ظاهرة ذاتية وواعية لايمكن تحويلها إلى ظاهرة مخبرية موضوعية وعلمية.

ومن بين هذه الزوايا التي تم من خلالها رصد تيمة الطفولة نذكر: المنظور الواقعي الاجتماعي، والمنظور الاقتصادي، والمنظور السياسي، والمنظور الثقافي، والمنظور البيداغوجي والديداكتيكي، والمنظور الديني والأخلاقي، والمنظور النفسي.[8]

 

خاتمــــة:

 

تلكم نظرة عامة وموجزة حول صورة الطفل في السينما المغربية من سنة 1958 إلى2007م، فقد وردت هذه الصورة الطفولية بأنماط متنوعة ورؤى متشعبة ضمن أفلام روائية طويلة متباينة ومختلفة من حيث الرؤية والأسلوب والقالب والاتجاه الفني.

ويعني هذا أن صورة الطفل قد وردت في السينما المغربية  ضمن أفلام كلاسيكية محكمة من حيث الحبكة السردية  الدرامية في انتظامها وتناسقها وتسلسلها الكرونولوجي والمنطقي، كما تم تصويرها في أفلام ذات قالب تجديدي قائم على الانزياح والتجريب والتشظي حيث  تمتح تقنياتها السردية والتصويرية والإخراجية من أفلام الموجة الجديدة أو  من السينما الأمريكية اللاتينية المناضلة أو من أفلام الواقعية الجديدة الإيطالية.

 

المراجع والمصادر:

 

1- أحمد سيجلماسي: المغرب السينمائي، سلسلة شراع، طنجة،  العدد:65، السنة1999م، ص:76؛

2- المركز السينمائي المغربي: السينما المغربية، فيلموغرافيا عامة، الأفلام الطويلة، 1958-2007م، منشورات المركز السينمائي المغربي، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2007م؛

3- انظر: مجموعة من الباحثين: صورة المهمش في السينما: الوظائف والخصوصيات، الإصدار الثاني، منشورات نادي إيموزار للسينما، مطبعة إنفوبرانت بفاس، الطبعة الأولى سنة 2008م؛

4- محمد اشويكة: أطروحات وتجارب حول السينما المغربية، منشورات دار التوحيدي، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008م،

5 -  Saad Chraïbi: (Cinéma Marocain:quel avenir?), Cinéma, Maroc, N0: 8, Printemps 2006.

 

 

للتراسل:

 

جميل حمداوين صندوق البريد 1799 الناظور62000 المغرب

jamilhamdaoui@yahoo.fr

 

 

صورة من فيلم" علي زاوا" لنبيل عيوش

 

صورة من فيلم" الطفل الراقد" لياسمين قصاري


 

[1]-  أحمد سيجلماسي: المغرب السينمائي، سلسلة شراع، طنجة،  العدد:65، السنة1999م، ص:76؛

[2] - أحمد سيجلماسي: المغرب السينمائي، ص:65-66؛

[3] - أحمد سيجلماسي: المغرب السينمائي، ص:66؛

[4] - أحمد سيجلماسي: المغرب السينمائي ، ص:76؛

[5] -  Saad Chraïbi: (Cinéma Marocain:quel avenir?), Cinéma, Maroc, N0: 8, Printemps 2006;

[6] - المركز السينمائي المغربي: السينما المغربية، فيلموغرافيا عامة، الأفلام الطويلة، 1958-2007م، منشورات المركز السينمائي المغربي، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2007م؛

[7] - انظر: مجموعة من الباحثين: صورة المهمش في السينما: الوظائف والخصوصيات، الإصدار الثاني، منشورات نادي إيموزار للسينما، مطبعة إنفوبرانت بفاس، الطبعة الأولى سنة 2008م؛

[8] - محمد اشويكة: أطروحات وتجارب حول السينما المغربية، منشورات دار التوحيدي، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008م، صص:15-20؛

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا