ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

القصة القصيرة جداً .. لمن الريادة ؟!

أثيرت في الآونة الأخيرة مسألة الريادة في كتابة القصة القصيرة جداً ومن هو أول من كتب هذا اللون من الإبداع، ولوضع النقاط على الحروف أدعوكم لقراءة هذه المداخلة .

هيثم بهنام بردى - العراق

 القاص الرائد

نوئيل رسام

 

هذا القاص الرائد ظل إسماً مغموراً، لم تسلط عليه الأضواء، فقط ذكره الناقد د. عبدالاله أحمد عرضاً في كتابه المهم والممّيز (نشأة القصة وتطورها في العراق 1908 ـ 1939) في فهرسته للقصص العراقية المنشورة إبان هذه الفترة حيث ورد أسمه كما يلي:

·       نوئيل...

ـ اليتيم ـ الزمان (بدل البلاد) العدد 275 السنة 1ـ 7 ت1/ 1931

·       نوئيل رسام

ـ الأخوان أو شهيد الواجب ـ البلاد ـ العدد 174ـ السنة 1ـ6 حزيران/ 1930

ـ موت الفقير ـ البلاد ـ العدد 182 ـ السنة 1ـ16 حزيران/ 1930

إلا أن الناقد  باسم عبد الحميد حمودي يؤكد أن (اليتيم) هي قصة نوئيل رسام، في بحثه (القصة العراقية القصيرة جداً) المنشور في العدد الخاص بالقصة القصيرة في العراق الصادر عام 1988، والذي يؤكد أن نوئيل رسام هو أول من ثبّت على متن إحدى قصصه مصطلح (قصة قصيرة جداً) والذي يخبرنا وبأسف شديد على عدم عثوره عليها، رغم جهوده المضنية.

إلا أن (اليتيم) و( موت فقير) تمتلكان كل مقومات وأُسس فن القصة القصيرة جداً، والذي إبتكره الرسام، لإنه لم يكن متداولاً قبله ( كمصطلح )، رغم وجود قصص لكبار الكتاب العالميين التي كانت فعلاً قصصاً قصيرة جداً، إلا أنها كانت منشورة تحت مصطلح قصة قصيرة. ولأهمية هذا القاص الرائد المنسي ولدوره الفاعل والمؤثر في ولادة هذا الفن المستقبلي، ولكي تطّلع الأجيال الجديدة على نتاجه ننشر قصتيه الآنفتين، دون الخوض في تفكيك بنيتيهما ضمن المفهوم المعاصر للنقد، كونهما نشرتا قبل ثمانية عقود، وكانتا الشرارة الأولى التي أضاءت للآخرين درب هذا الفن العصي وهل يجوز أن نحاسب الضوء المنبثق من الأعماق السحيقة للفضاء على درجة سطوعه سيّما وأنه طرد حنادس العتمة عن درب يقود إلى يوتوبيا جديدة مجهولة غير مكتشفة، ولكون هاتين القصتين تمثلان تلك الشرارة من السنا، تعزّزان اليقين على ريادة نوئيل رسام للقصة القصيرة جداً. ننشرهما كما وردتا في مجلة الأقلام العراقية الآنفة الذكر .

 

 

القصة الأولى : موت الفقير

 

... وبعد أن نظر إلى شعاع الشمس الداخل إلى الغرفة المظلمة من كوة صغيرة في أعلاها وحدق فيه مليا دمدم ببعض الكلمات ثم إبتسم ثم نام. فتح الباب بهدوء تام ودخلت الأم ناكثة شعرها سابحة بدموعها تحبس حسراتها خوفا من إزعاج المريض.

تقدمت من الفراش وركعت جهة الرأس وكان قد تحول عن موضعه فرفعته وأعادته إليه باطمئنان.

مدت يدها ورفعت الغطاء عن وجهه فبانت لها آثار إبتسامة بادية على محياه الهزيل... إنحنت وقبلته في جبينه وبعد أن أزالت بسكون ما سقطت عليه من دموعها لم تشأ أن تعكّر على النائم أحلامه الهادئة فرفعت نظرها إلى أعلى وغرقت في صلاتها.

حوّل الشعاع مساره وأصاب وجه المريض فأضاءه، وما هي إلا فترة إذ بدت حركة خفيفة من ذلك الجسد الناحل سمع على أثرها لفراش القش صوت أعقبه.

                                                            أماه يا أماه

إنتبهت كالمذعورة :

                      عزيزي... ها أندا يا بني

ثم إنعطفت وطوقته بيديها.. رفعت الشعر الذهبي عن جبينه وقبلته، فتح عينيه الشاحبتين والتفت إلى أمه : أمي.. أنظري. هو ذا أخي قد جاء.. إنه يستدعيني هو يفتح لي ذراعيه.. ها أنا ذا خذني معك.

                    أغمض عينيه

                    إظلمت الغرفة

                   فقد أسلم الروح

                  *********

 

 

القصة الثانية : اليتيم

 

.. وعند الفجر وقد تبدد ظلام الليل بأشعة الشروق نهض الصبي وإقترب من أمه وفكر في إيقاظها ولكنه عدل وإكتفى بقبلة إختطفها من جبينها وأسرع قافزا إلى الحقل المجاور ليلاعب الطبيعة كعادته.

وكان الوقت ربيعاً وقد إكتست الأرض حلتها الخضراء وقد نقشت بأنواع الأزهار ذات الأنواع الجذابة والروائح العطرية وكان الصبي يزيد المنظر بهجة وهو يقفز هنا وهناك يلاحق الفراش المتنقل من زهرة إلى أخرى فإذا ما ظفر بإحداها طار فرحا وأرسل مع النسيم قهقهة يحملها إلى حيث يشاء ثم يجلس على الحشيش الأخضر ويأخذ في مداعبة فراشته إلى أن تفلت منه فيقطب ويلاحق غيرها، وبعد أن إرتفعت الشمس عن الأفق وجفت قطرات الندى عن الأزهار إنتبه الصبي إلى نفسه فيقتطف بنفسجة كبيرة وينعطف راكضا إلى البيت ليقدمها إلى أمه التي لا بد وأن تكون قد انتهت من حلب البقرة، ولكن هيهات فهي لم تزل نائمة.

ولما وصل تقدم منها وأدنى زهرة من وجهها علّها تستيقظ باستنشاق عبيرها ولما لم تفعل جلس في حضنها وصاح:

- إنهضي يا ماما فلقد ارتفعت الشمس والبقرة لم تذهب إلى المرعى بعد.

ثم دمدم:

- إن ماما في سبات عميق.

ووضع البنفسجة في يدها وخرج بعد أن أوصد الباب أما الأم فلم تستيقظ أبداً.

أما الصبي فكان يتردد دائما ناظرا إلى أمه من شقوق الباب ولكن لم يجل بخاطره قط أنه أصبح يتيماً .

                                                       الموصل – نوئيل رسام

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا