ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

البساطي في رواية أسوار
أسوار السجن‏..‏ أم أسوار الحياة ؟

ليـلي الـراعــي - مصر

كثيرا ما تناول الأدب ـ العالمي والمحلي علي السواء‏..‏ موضوع السجن والاسوار والتعذيب الذي يلقاه المسجونون والمآسي التي تحدث داخل جدران السجن‏,‏فالموضوع ثري بطبعه يدفع الكاتب الي الخوض في دهاليزه وحكاياته الحزينة المأساوية‏..‏ هناك كذلك عدد هائل من يوميات المعتقلين السياسيين الذين يسردون تجاربهم الذاتية المريرة التي تعرضوا لها داخل المعتقلات‏.‏

يعرض الروائي محمد البساطي هنا في روايته‏(‏ اسوار‏)‏ لهذه القضية ولكن من منظور خاص مختلف‏..‏ يقول موضحا‏:‏ قرأت كثيرا عن عوالم السجن‏..‏ وربما اعظم ما كتب كان لـ ديستوفسكي‏(‏ بيت الاموات‏)‏ شئ رهيب حقا‏..‏ وعلاقتي بالسجن علاقة زائر إذ كنت اذهب هناك بحكم عملي في الجهاز المركزي للمحاسبات افحص اوضاع المباني والمكان واحقق كذلك في شكاوي المسجونين‏..‏ فلا يوجد سجن من سجون مصر لم تطأه قدمي‏..‏ جذبني هذا العالم المغلق‏..‏ الغامر بالآلام والاوجاع‏,‏ وانشغلت كثيرا بحكاياته ومآسيه حيث تهدر كرامة الانسان وتهان كل ساعة‏..‏ فهو بلا شك عالم خصب وثري للكاتب‏..‏ واردت هنا ان اعرض لقضية السجن والاسوار في رواية ولكن من منظور جديد وزاوية مختلفة‏..‏ ليست من زاوية التعذيب البدني‏,‏ والآلام التي يتعرض لها المسجونين ولكن من زاوية حارس السجن‏..‏ فهو ايضا بصورة ما‏,‏ ضحية وربما ايضا‏(‏ سجين‏)‏ لا يتمتع بأي قدر من الحرية‏,‏ ولا يكاد يختلف وضعه كثيرا عن المساجين‏..‏ وربما يبدو للوهلة الاولي وكأنه يمسك بيديه بمقاليد الأمور ويمارس سلطانه وجبروته علي المساجين‏.‏

ولكن إذا دققنا النظر حقا‏,‏ وتأملنا وضعه مليا سنجده هو الآخر سجينا‏..‏ فالسجين والحارس كلاهما في نفس الوضع‏.‏

ويشعرك البساطي وانت تقرأ سطور روايته‏..‏ وهو يرصد علاقات الشخصيات بعضها ببعض‏...‏ المحكوم عليهم بالاعدام والحراس والضباط والمأمور وحتي جيران السجن‏,‏ اصحاب البلوكات‏,‏ بأن السجن ليس فقط داخل الاسوار في الزنازين والجدران المغلقة لكنه ايضا في حياتنا ومجتمعاتنا‏..‏ أليست مصادرة الرأي وعدم القدرة علي التعبير بحرية وشفافية هي نوع من أنواع السجن‏..‏ أليست الحياة القاتمة المتقشفة الخالية من أي أنواع البهجة لونا آخر من السجن‏,‏ الا يعد اللهاث اليومي المحموم وراء لقمة العيش والانشغال الدائم لتوفير ضروريات الحياة الاساسية وجها آخر من وجوه المعاناة والآلام التي تجعلنا بشكل ما سجناء لا نملك خيارا حقيقيا في حياتنا‏..‏ وكيف نملك هذا الخيار ونحن مهمومون فقط بتوفير طعامنا وشرابنا وتأمين ضروريات حياتنا ؟

الا نعد عبر هذا المنظور نحن ايضا سجناء؟
حقا ليس داخل جدران زنزانة‏,‏ لكننا سجناء في الحياة التي تفرض علينا ضغوطاتها وشروطها القاسية المجحفة والتي لا نكاد معها نستطيع ان نتنفس في حرية وأمان‏.‏

يقول البساطي معقبا‏:‏ السجن ليس في الحقيقة الضرب والتعذيب والمعاناة الجسدية فقط‏,‏ لكن السجن قد يكون موجودا في حياتنا حينما تصادر آراؤنا ونعجز عن الحديث ونعيش حياة قاتمة رمادية انه بالتأكيد لون من الوان السجن‏.‏

لجأ الكاتب الي اسلوب الراوي لسرد احداث روايته‏,‏ ربما ليضفي علي العمل بعض الخصوصية والحميمية‏,‏ وربما ايضا ليسكب في متنه بعض الضوء والنور ويبعد عنه هذا الجو الرمادي القاتم الذي يحاصره‏,‏ يقول البساطي‏:‏ شعرت أن الاحداث والشخصيات علي لسان الراوي ستكون اكثر قربا للقارئ‏..‏ وايضا هناك مشاهد كثيرة لو لم اعتمد فيها علي الراوي لصارت طويلة ومتشابكة وربما ايضا ملتبسة اسلوب الراوي جعلني اسيطر علي العمل واتحكم جيدا في المتن علي اي حال هذه المشاكل التكنيكية تواجه الكاتب دائما عندما يشرع في كتابه رواية ولا يستقر عليها إلا بعد ان يمضي قليلا في الكتابة‏,‏ ليتخذ في النهاية قراره‏.‏ لقد أتاح لي الراوي أن اخرج من جدران السجن حيث تدور احداث الرواية‏,‏ والتخفف كذلك من وطأة وكآبة المكان‏,‏ لأنفذ الي الحياة اليومية العادية وربما ايضا لأجعل القارئ يقارن بصورة ما بين حياة السجن وحياته هو شخصيا وآمل ان اكون قد افلحت‏.‏

صدرت الرواية عن دار اخبار اليوم‏.

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا