ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

يمكنكم إرسال الحورارات الأدبية أو الفنية للموقع إليكترونياً على adab@arabicnadwah.com أو بالضغط على هذا الرابط.

محمود أمين العالم - مصر

جمال مبارك ليس ابن المجتمع المصرى

هناك إصلاح يتوافق مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية

أنا مع الدولة لا النظام

التوريث سيتم بالانتخاب لكنه لن يدوم

مجئ جمال تتويج لعلاقة مصر بأمريكا وإسرائيل

محمود أمين العالم: حكم مبارك نكسة تاريخية لمصر

ندوة - هونج كونج

حوار: ماهر حسن - مصر

 

الحوار مع كاتب ومفكر كبير بحجم محمود العالم محفوف بالمخاطر ومغامرة بكل المقاييس، وربما تكون غير مأمونة العواقب، وربما أيضا لهذا السبب قررت خوضها وكلفنى هذا أن أكون متزيدا فى الحرص فى نقل ما يقوله الأستاذ العالم حرفياً وبأمانة وكانت المهمة على هذا النحو مهمة صعبة إزاء رجل يحمل على ظهره تاريخاً طويلاً على ظهره، ويتميز بالتدفق لقد تجاوز الأستاذ العالم الثمانين من عمره قضى ستين عاما منها فى معترك الفكر والفلسفة والسياسة لذا فهو شاهد على ما يزيد على نصف القرن من عمر مصر فى فترة من أخصب وأسخن فتراتها ولقد حرصت على التسجيل إلزاما لنفسى بالأمانة، وإلى نص الحوار
- لنبدأ بالشأن العام ونسأل عن المادة 76 ودوافع تعديلها الآن؟
-- كل هذه التعديلات سواء لهذه المادة أو غيرها هى جزء من المشروع المبيت عليه، ولا نقول من أجل التوريث ولكن إعداد الساحة الانتخابية حتى لا يأتى مشروع التوريث بشكل واضح، وإنما فى سياق انتخابات نتائجها معروفة سلفا.
- وهل جاء مشروع التعديلات الدستورية وفق ضغوط خارجية؟
-- حتى لو فرضت عليهم الديمقراطية سيتدخلون لإلغاء كل ما يتعلق بها، لقد تم تحديثه وتحديده بعض المواد الدستورية بذكاء شديد بحيث تكفل للسلطة بقاءها وتكرار نفسها، وتكفل مجيء نجل الرئيس كما أننا اعتدنا على نفاذ مشيئة هذا النظام، التى تتم وإن لم تنجح فإنه يفرضها بقوة التزوير.
- هل تعنى بهذا أن النظام كان صادقاً حينما نفى مشروع التوريث؟
-- نعم النظام ينفى التوريث لأن الأمر لن يتم بالتوريث وإنما بالانتخابات الذى سيدفع فيها النظام بكل وسائله لتمرير المشروع، فلن يكون هناك توريث بشكله المعلن والصريح ولكن بالتحايل وآخر أشكال هذا التحايل التزوير فيما يمكن تسميته بالانتخاب المورث وبالإيهام الديمقراطى، ورفض الإشراف القضائى، والحاكم النزيه والحكيم حينما يستشعر تشكك الجماهير فى الأمر، فإنه يزيل كل بواعث التشكك ويحقق أقصى درجة من التفتح إذا كان يتحدث عن إصلاح حقيقى وبصرف النظر عن كل هذا، وبصرف النظر عن اختيار جمال أو عدم اختياره فإن هذا الرجل أعنى جمال ليس له تاريخ فى مصر ولم يشارك فى مظاهرة واحدة طوال حياته وليس له كلمة أو كتاب تحدد موقفا وطنيا واضحا فى قضية من القضايا، ولا نذكر له مساهمة حقيقية فى أى من القضايا ولكننا وجدناه وسط الحزب الحكومى وأصبح يحتل الدرجة الثالثة فيه ثم الثانية والآن يتم إعداده ليكون الرجل الأول فى الحزب يعنى فى الدرجة الأولى إذن فجوهر القضية لا يكمن فى النص التشريعى ولكنه يكمن فى الإلحاح على قدوم الابن رئيسا للجمهورية بعد والده ليس بالتوريث ولكن بالقوانين والممارسات والتوطئة الدستورية، الموجهة.
- ومن سيختار جمال مبارك ومن سيرشحه حين تكون هناك انتخابات الشعب أم الحزب؟
-- هو لا يصلح للترشيح والذى سيرشحه هو السلطة والتعديل الملئ بالثغرات، وطبيعة ومجريات العملية الانتخابية وستؤدى به فى النهاية لما يريدونه له وهو شكل غير وراثى وبذلك لن يصبح وصوله ديمقراطيا وإنما ديووراثيا ولو كنا نجد فى سجله الوطنى أى نقطة مهمة أو إضافة من أى شكل لانتخبناه.
- ليس ذنب جمال مبارك أنه ابن رئيس الجمهورية، لكى يحرم من حق كفله له الدستور وهو أن يرشح نفسه للبرلمان أو الشورى أو رئاسة الجمهورية؟
-- لا شك له الحق فى هذا، والدستور يكفل له هذا الحق لكن فى المقابل ليس هذا هو الشرط الوحيد حيث هناك القيمة الأخلاقية الأساسية وهى أن يكون جمال خرج من بين الناس مشاركا فى قضايا هذا البلد ومن تاريخها ومضيفا إليها ومناضلا من أجل بعض القيم فيها، لكنه للأسف سقط على الناس من أعلى ولم يخرج من بينهم وليس له أى دور فى مصر، وهو ابن فراغ سياسى وليس له أى دور إيجابى وإبداعى وعملى ثم نجده فى أعلى سلطة فى البلد هو ليس ابن المجتمع المصرى.
- فى التعديل الدستورى وفى المادة المتعلقة بقانون الطوارئ والذى أصبح اسمه قانون الإرهاب ما رأيك فيه؟
-- فى رأيى إن قانون الإرهاب قد تحول من قانون يحاول التصدى للظواهر الطارئة على المجتمع، إلى قانون أساسى فى الدستور بطريقة تكفل لرئيس الدولة حق تحديد من ينطبق عليه هذا القانون ولم تعد هناك قاعدة تحدده، كما ينطوى على تخطى للدور القضائى، فضلاً عن التعريف المطاط للإرهاب فالتعريف سيتسع وفق أهواء من ينظر إليه ووفق نوازعه وقانون الإرهاب بهذا الشكل هو من أشكال الفاشية، والنازية حيث القانون فى يد السلطة العليا فى الوقت الذى يفترض فيه أن يكون فى يد القضاء وتعريف الإرهاب متروك للسلطة، وطبيعة الإجراءات متروكة للسلطة أيضاً.
- هل معنى هذا أنه يمكن استثمار هذا القانون فى مواجهة المعترضين على صعود جمال مبارك فى المستقبل مثلاً؟
-- إذا اعترض الناس على وصول جمال بعد الانتخابات سيتغير القانون وستتغير السلطة وحين يتحرك الناس لن يتحركوا وفق أطر دستورية أو باسم القوانين وإنما سيتحركوا باسم إرادة الجماهير وهو القانون الأعلى وهو مصدر كل القوانين.
- وهل ترى النظام جادا فعلاً وصادق النوايا فى إحداث إصلاح سياسى ودستورى حقيقى؟
-- هو جاد فعلا ولكن إصلاح يتوافق مع إرادة أمريكا وإسرائيل ويصب فى اتجاه رضائهما والسلطة الرأسمالية كما يرونه وهو على هذا النحو إطلاح سياسى لا إصلاح بمعنى إفساد لكن للأسف كل ما يتم يحدث فى اتجاه تدمير ما أرساه عبدالناصر.
- بمعنى؟
-- بمعنى أن عبدالناصر حقق أشياء كنا نحلم بها بدءا من خروج ثمانين ألف جندى بريطانى من مصر، وإقامة السد العالى وتأسيس صناعة وطنية، ومجانية التعليم ومستوى المعيشة، فضلا عن القطاع العام الذى منع الغلاء والاستغلال وأوجد فرص العمل الآن يتم تصعيد الكبار الجدد من الوزراء الرأسماليين أصحاب الشركات، وأصبح هناك ظاهرة الوزراء رجال الأعمال، الذين بفضلهم ولمصلحتهم ألغى شيئاً مهماً جداً وهو القطاع العام وهو موجود فى بلاد كثيرة، واعتبره من أكبر نعم العهد الناصرى حيث كان المساس برغيف العيش خطيئة كبرى، ومن أبواب التحريم والتجريم السياسى والاقتصادى لقد فرضوا علينا النظام الرأسمالى فى أبشع صوره وملكوه لرجال أعمال لهم مصالح مع النظام وبداخل المؤسسة السياسية وخارجها.
- أنت تربط الرؤية الاقتصادية لمصر بطبيعية علاقة مصر بأمريكا؟
-- نعم لقد أضروا بقيمة مصر فى علاقتها الخارجية، وارجع لاتفاقية الكويز حيث إسرائيل طرف ثالث وملزم لاتمام الاتفاقية وأصبحنا فى علاقتنا الاقتصادية بأمريكا مشروطين بطرف ثالث وهو إسرائيل.
- لكن كثيراً من دول العالم بما فيها دول من العالم الثالث تعيش فترة تحول اقتصادى باتجاه الرأسمالية الجديدة وهذه ملامح مرحلة كونية كبرى؟
-- هذه تحولات محكومة ببرلمان ديمقراطى ورقابة شعبية لكننا بصدد التحول لنظام رأسمالى احتكارى يتم من أعلى السلطة والحكم فيه والرقابة فيه ليست للشعب، نحن لا نريد سيطرة طبقة على طبقة أخرى بشكل جائر ولا أطالب بإلغاء الطبقية تماما ولكن على نحو معقول وعادل، وليس على النحو الذى نحن عليه حيث هناك فقر مدقع فقر دكر زى ما بيقولوا وخصوصا فى الصعيد بل وفى أحياء شعبية فى القاهرة، والاشتراكية لا تلغى النظام الرأسمالى بشكل مطلق لكن بشرط توجيه الرأسمالية بحيث تصب فى مصلحة الوطن والشعب، مع أحقية تحقيق مكاسبه والحفاظ على مصالحه مع الخارج ولكن فى إطار ينأى عن فكرة الاستقطاب لفئة معينة وهذا لن ينفى وجود مستويات طبقية ولكن هذا يتم فى حوار مجتمعى عام وفى ظل رقابة شعبية ووجود انتخابات حرة وفرنسا مثلاً دولة رأسمالية لكن فيها انتخابات حرة.
- المشهد السياسى داخل مصر، لا يبعث على التفاؤل، وهو مليء بالتفاصيل الباعثة على اليأس، ما التفصيلة الأخطر بين هذه التفاصيل؟
-- أخطر ما فى هذا المشهد هو التبعية فى السياسة الخارجية لأسوأ نظام فى العالم الآن وهو النظام الأمريكى المتحالف مع إسرائيل مما ينطوى على استخدام مصر فى إنجاح وترويج لأمريكا وسياستها الحقيرة فى المنطقة فلقد سكتنا على الجريمة التى ارتكبت فى حق العراق والجرائم التى تحدث يومياً فى فلسطين.
- كنت رئيساً لتحرير أخبار اليوم وعضواً فى التنظيم الطليعى وعضواً فى المؤتمر العام للاتحاد الاشتراكى وبعد وفاة عبدالناصر اجتمع بكم السادات فى آخر اجتماع وكانت حرب الاستنزاف دائرة وجرت مواجهة بينك وبين السادات هل تذكرها؟
-- نعم وهذا موقف مهم وحدث أهم، فقال السادات إنه تم اكتشاف خلل فى السد العالى وآخر فى بعض المشروعات الزراعية وهذا خطر يمكن أن تستغله إسرائيل لأننا فى حالة حرب معها ولذلك نريد أن نوقف حرب الاستنزاف إلى أن نحل مشاكلنا الداخلية، وكان هيكل جالساً إلى جوارى فرفعت يدى أطلب الكلمة وقمت وقلت له: يا سيادة الرئيس، من الأفضل عدم إلغاء حرب الاستنزاف ولكن توقفها - وهى متوقفة فعلاً - ونحاول حل المشاكل الداخلية فقال يا أستاذ محمود أنت ما عندكش فكرة عن التفاصيل وتم اتخاذ قرار بوقف حرب الاستنزاف.. ثم تم القبض على الناصريين وكان منهم على صبرى ومحمد فائق وجميعا دخلنا السجن على أساس تقديمنا للمحاكمة، وقدمت للمحاكمة وقيل لى أنى متهم بالخيانة العظمى، فقلت إننى لن أتكلم إلا إذا كتبت ما سأقوله فقال اتكلم فقلت له: وأنا أيضا أتهم الرئيس أنور السادات بالخيانة العظمى وبعد أسبوعين طلبونى من الزنزانة وأعطونى ملابسى، وبعد ذلك بدأت محاكمة باقى الزملاء.
- بعد ذلك سافرت للخارج والتقيت هناك بالفريق سعد الشاذلى وكونتم جبهة؟
-- نعم كان هذا فى باريس وكانت مأساة الاعتراف بإسرائيل وفى باريس كونا الجبهة وأصدر السادات قانوناً اسمه عجيباً، اسمه قانون العيب، وانتقم منى فى شخص زوجتى سميرة التى أخرجوها من التليفزيون.
- ولكن سياسة التصالح والوفاق مع إسرائيل مازالت مستمرة؟
-- والنظام الحالى يحرص على التواصل فى نفس سياسة التصالح ونحن الآن فى حالة تبعية كاملة للمخطط الصهيونى الأمريكى للمنطقة بل وللعالم وعندما نقاوم هذا النظام.. لا نقاوم فردين أو ثلاثة أو نظاما محليا ولكننا نقاوم نظاما عالميا يستهدف المنطقة العربية بل والعالم كله.
- تقصد العولمة؟
-- لا.. إنما أعنى الهيمنة.. فهناك فارق بين العولمة والهيمنة، فالعولمة ليست الخطر الأساسى، فهناك عولمة أردنا أم لم نرد، حيث العولمة مشاركة عالمية فى مواجهة مشاكل كونية استجدت على الإنسانية.. وأنا مع العولمة الإنسانية لمواجهة خطر مشترك يهدد الإنسانية ولكن شريطة ألا تستهدف هذه العولمة خصوصية كل بلد، إنما الخطر الأساسى فهو الهيمنة الأمريكية الساعية للنيل من الخصوصيات القومية.
- نشأت فى بيت علم دينى وكان أخوك أحمد فقيهاً وضريراً يقرأ بطريقة بريل وهو الذى علمك أصول الفقه ووالدك كان وكيلا للجمعية الشرعية.. فلنبدأ الملحمة من محطتها الأولى وصولا إلى القناعات الماركسية.
-- أنا ابن الدرب الأحمر إلى جوار حى الحسين وبدأت دراستى فى مدرسة تقع بالغورية وهى شبه أهلية ثم المدرسة الرضوانية الأولية ثم النحاسين الابتدائية.
- المدرسة التى التحق بها جمال عبدالناصر؟
-- نعم، كان فى هذه المدرسة وكان يسبقنا بسنتين دراسيتين ولم أكن أعرف بهذا إلا بعد ذلك بكثير وتعلمت عن شقيقى أحمد وهو حاصل على العالمية فى أصول الدين وكان له عظيم الفضل والأثر وقد عرفت هذا عندما سافرت إلى فرنسا وقالوا لى أنت حاتقول اللى أنت عايزة والفلسفة لكننا نريد أن تلقى الضوء على تاريخ الفقه الإسلامى وهنا كانت فائدة ما تعلمته من شقيقى أحمد، وقد توفى وأنا فى معتقل أبو زعبل، لقد كان إنساناً جميلا ومحبا للحياة وخفيف الظل.
- وماذا عن أخيك شوقى؟ أذكر أنه كان أزهريا.. وفصله الأزهر بسبب مقال كتبه فى نقد الأزهر وكان يحمل عنوان الأزهر فوق المشرحة؟
-- نعم فصلوه وانخرط فى الكتابة، وبخاصة فى الأهرام ودعا فى مقالاته لإنشاء مجمع للغة العربية، وكان أول موظف فيه، وتطور إلى أن تم اختياره كأحد الخالدين فى المجمع وكان من أصدقائه محمود تيمور وكامل كيلانى.
- اعتقد أن بداية تعرفك على الصوفية كانت فى هذه المرحلة؟
-- نعم فى هذه الفترة كنت متأثراً بالدين الإسلامى لكن مع نزعة صوفية وتعرفت على الحلاج وابن عربى عبر كتب فرنسية قمت بترجمتها وأحببت الحلاج أكثر، وقرأت الحلاج حيث ما فى الجبة إلا الله.
- لكن تعرفك على نيتشه أحدث تحولاً معرفيا آخر؟
-- نعم هذا حدث، وتعرفت على نيتشه من خلال هكذا تكلم زرادشت حيث إن الله فى النهاية لا فى البداية فتحولت إلى نيتشاوى هايدجرى نسبة إلى هايدجر على وجودى على صوفى.
- هناك محطة مهمة لم نتوقف عندها وهى حكايتك مع الشطرنج التى بدأت مبكرا منذ سنوات التلمذة فى مدرسة النحاسين؟
-- لقد تعاملت معه كعلم، وقديما حينما كنا فى مدرسة النحاسين، كانت هناك جمعية للخطابة، وأخرى للعلوم وثالثة للفزياء، ورابعة للشطرنج وكنت رئيس جمعية الشطرنج وكنت أنظم بطولات ونخرج لنلعب فى مدارس أخرى مثل الخديوية مثلا، وكنت أمر على المقاهى وأمارس اللعبة وأفوز على كل المنافسين، وأقرأ كتبا عن أبطال الشطرنج الروس، وأكتب أفكار كل معركة، وأخرج منهم باختيارات وأذكر أن ناظر الخديوية متحمسا جدا للعبة ومشجعاً لها.
- وعلى أى نحو تم فض هذا الاشتباك يعنى إلى أى قناعة انتهيت؟
-- مع عكوفى على دراسة الفيزياء واشتغلت على نظرية المصادفة وقلت إذن كل شيء مصادفة، وأن القضية تكمن فى الجانب الروحى والشعورى والقيمى والعاطفى.
- أذكر أنه كان لك مغامرات سياسية وأنت طالب فى النحاسين، خاصة بمعاهدة 36، وأنك اعترضت عليها تلميذا رغم أنك كنت وفديا!
-- نعم كانت لى معركة، وضربنى التلامذة لأننى عارضت المعاهدة، والناظر ساعدنى على الخروج من المدرسة أنا وزميل آخر وذهبت أنا وصديقى هذا لحزب الأحرار الدستوريين، وطردونا فذهبنا إلى حزب اشتراكى تحت التأسيس وكانوا يبحثون له عن اسم فوقع اختيارهم على اسم الحزب البازى وكنت أنا وزميلى حاضرين فاعترضت على الاسم الذى استوحى من كلمة النازى وخرجنا.
- بعد حصولك على البكالوريا التحقت بكلية الآداب.. لتبدأ العكوف على البحث مجددا تطلعاً للوصول لقناعة معرفية؟
-- نعم وقررت هذا بعدما قرأت هكذا تكلم زرادشت وعرفت عبدالرحمن بدوى وجننت به وقررت أن التحق بقسم الفلسفة وكان أخى شوقى يريدنى أن التحق بقسم اللغة العربية، وأحمد أمين كان عميد الكلية يحاول إقناعى أن التحق بالقسم العربى.
- والشطرنج كان وراء رسوبك فى السنة الأولى، وكان عبدالرحمن بدوى وراء هذا الرسوب؟
-- نعم.. لقد نجحت فى كل امتحانات التحريرى بدرجات جيدة وكان الامتحان الشفوى عادة يأتى بعد الامتحان التحريرى بشهر أو اثنين، وكنت حينها مشغولاً بالشطرنج وفوجئت بموعد الامتحان وكانت ذاكرتى ممسوحة تماماً، وكانت لجنة الامتحان تضم عبدالرحمن بدوى وعثمان أمين فوجدونى ناجحاً فى التحريرى ولا أعرف شيئاً فى الشفهى، فأصر عبدالرحمن بدوى أن أعيد السنة الدراسية كلها حاجة غريبة فما كان من أسرتى إلا قالوا لى روح اشتغل بقى وكان الهلالى وقتها وزيرا للمعارف وصديقا لأخى شوقى فأوجد لى وظيفة مخزنجى فى وزارة المعارف.
- وما ملابسات انتقالك إلى وظيفة مخزنجى من وزارة المعارف إلى كلية الآداب؟ لقد جمعت بين عملك كمخزنجى فيها وبين الدراسة كطالب فيها أيضا؟
-- وكنت أعمل فى أحد المخازن على إحدى ضفتى النيل إلى أن وجدت موظفاً يبحث عن بدل لنقل مكان وظيفته فعملت معه هذا البدل وانتقلت للعمل فى مدرسة الأورمان، وكنت أعيد السنة الأولى فى الآداب وتكفلت شقيقتى عائشة بالمصروفات فإذا بشخص آخر داخل كلية الآداب يبحث عن بدل وكان مخزنجيا، فى كلية الآداب، فتبادلنا المواقع وهكذا كنت مخزنجيا وطالبا فى الوقت نفسه فى كلية الآداب وبعد أسبوع اتصل بى عميد الكلية حسن إبراهيم واستنكر أن أكون مخزنجيا وطالباً فى نفس الوقت منى أن أترك الكلية بعد أسبوع، قابلت يوسف مراد وعثمان أمين وظللت حتى السنة الرابعة ومنعونى من حضور المحاضرات لكننى كنت دائماً ما أحضر محاضرات طه حسين وحصلت على الليسانس وأنا أمين مخازن وعكفت على إعداد رسالة الماجستير عن المصادفة ولكن بمعناها الوجودى والمصادفة هى اللا قانون وأثناء عملى على هذه الرسالة عام 1947م، وحينما كانت تندلع المظاهرات كنت أخرج للمشاركة فيها، وكنت أنا ولويس عوض قد أسسنا جمعية اسمها الجرامفون سوسايتى نستمع فيها للموسيقى الكلاسيك ونحللها وكان يحضرها أحيانا مصطفى مشرفة وعكفت على رسالة الماجستير عن المصادفة، ولكن على أساس تقديم المصادفة كانعدام للقانون وضد فكرة العلم الجامد
- أذكر أن تحولاً استجد عليك فى هذه المرحلة عبر أحد كتب لينين المادية والنقد التجريبى.
-- نعم وهو كتاب ليس له صلة بالاشتراكية، بل هو متعلق بمنهج العلوم، وجننت بهذا الكتاب أيضا، وتأزمت فترة ووقعت فى حيرة إلى أن قررت أن أغير عنوان الرسالة من المصادفة فى الفيزياء الحديثة إلى المصادفة الموضوعية فى الفيزياء الحديثة حيث لكل مصادفة قانون، وحيث إن هناك قانونا يحكم المصادفة فإذا مررت من تحت شرفة إحدى البنايات التى يتم بناؤها ووقع منها حجر على فإن هذه المصادفة تحكمها معطيات وبدأت أنجز الرسالة حول فلسفة المصادفة الموضوعية فى الفيزياء الحديثة، فهاجمت أرسطو والوجودية بل ونيوتن وناقشنى فيه يوسف مراد وآخرون وحصلت على الرسالة وحصلت على جائزة اسمها جائزة مصطفى عبدالرازق وتم تعيينى مدرساً مساعداً.
- وتقدمت للدكتوراه ولكنك لم تنلها وكانت عن الفيزياء أيضا؟
-- نعم وكانت حول الضرورة فى العلوم الإنسانية والمفترض أن العلوم الإنسانية ليس بها ضرورة مثل الأدب والشعر الفلسفة لكن بعد شهرين من تعيينى وفيما كنت فى المنزل استدعانى زوج سهير القلماوى فذهب إلى الكلية ووجدت لويس عوض، فقال لى زوج سهيرة القلماوى أن لديه قرارا من الوزارة بفصلى وأذكر أن الرجل كان يبكى.
- على أى شاطئ معرفى استقر بك المقام؟
-- اتصلت بالحركة الماركسية وكانت هناك أحزاب شيوعية ووجدت تنظيما اسمه النواة وكانت نواة للحزب الشيوعى الذى يجمع هذه الأحزاب الشيوعية وعرفت حدتو الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى وكان رئيسها عامل نسيج اسمه فوزى جرجس وألف كتابا ممتازا عن الاقتصاد السياسى وكان لا يجيد أى لغة أجنبية وواصلت مع النواة، وكنت أدرس المنطق لبعض السودانيين وأكتب بعض المقالات وطلبنى إحسان عبدالقدوس فى روز اليوسف وهناك وجدت أحمد بهاء الدين وحسن فؤاد والزيطة الجميلة دى وكان لدينا مراهقة ثورية، ونريد أن نرى كل حاجة حمرا أو بيضا ونختلف مع عبدالناصر فى بعض أشياء غير أن مؤتمر باندونج جعلنا نتضامن معه، وارتبطنا به، وحدثت أحداث بورسعيد وكان للحركة الشيوعية وجود كبير فيها وكنت أنا وشهدى عطية، فى مقهى إلى جوار المحكمة المختلطة نرسل الناس إلى هناك، وعلى فكرة نساء بورسعيد لعبن دورا مهما فى بورسعيد.
- كان لك كتاب مهم بالمشاركة مع الدكتور عبدالعظيم أنيس فى منتصف الخمسينيات، وكان هذا الكتاب يمثل نقطة انطلاق باتجاه ثقافة جديدة داخل مصر؟
-- كان يناقش فكرنا الماركسى من خلال التراث العربى الإسلامى متعارضا مع مفهوم أن الشعر والأدب شكل ومعنى وقلنا إن الأدب هو صياغة للأشياء الخارجية وهذه الصياغة تحول الخبرات الخارجية فى صياغة تعطى دلالة مختلفة للمعنى فالفن هو إعطاء دلالة مختلفة جديدة لتفاصيل الحياة العادية حيث يتكشف جديد فيها فكان هذا الكتاب الذى يقول إن الأدب صياغة ومضمون وليس شكلا ومحتوى.
- كان لطه حسين والعقاد موقف من هذا الكتاب؟
-- العقاد قال أنا لا أناقشهما وإنما اضبطهما إنهما شيوعيان ورددنا عليه رداً قوياً ولكنه كان مهذباً، ولابد أن يعطى الفن دلالة جديدة، والشعر أيضا ليس كلاما موزونا ومقفى، هناك نصوص شعرية جداً ليست موزونة أما اعتراض طه حسين فكان على كلمة صياغة وأراد أن تكون صيغة.
- أنت كتبت الشعر فى مستهل مسيرتك ولك ديوان صدر عن دار نشر عراقية؟
-- نعم وكان هذا الديوان نتاج زنزانة، فحين دخلتها وجدت الجدران ممتلئة بالكتابات فقرأتها، حتى أننى استوحيت عنوان الديوان من هذا فلقد كان عنوانه قراءة لجدران زنزانة وقرأت الجدران شعراً، ونشرت الديوان فى العراق وهو ديوان ليس موزوناً.
وبالمناسبة أنا لى ديوانان وليس ديوان واحد فضلاً عن ديوان ثالث لم أنشره.
- أنت التقيت حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان فما كانت طبيعة وأجواء اللقاء؟
-- نعم وكنت طالباً فى الثانوى وذهبت له أنا وصديق ولأننى ابن شيخ، ونشأت فى بيت دينى وكثيرا ما حضرت مجالس علم للشيخ محمود خطاب مؤسس الجمعية الشرعية وهو شيخ رائع، ومتوهجاً وكنت أحب الصلاة خلفه، وكذلك كان لدى حظ من الإطلاع على كتب الدين والفقه فلما جلست إلى حسن البنا استشعرت فيه نزعة فرض الرأى وشعرت بتعاليه، وعلى ضوء لقائى ذلك بالبنا لم تكن لى علاقة بالإخوان.
- أنت علمت بنوايا الإخوان فى اتجاه تأسيس حزب لهم هل أنت مع الفكرة أم ضدها؟
-- أتمنى أن يتحول الإخوان إلى حزب له برنامج سياسى واقتصادى واجتماعى يستلهم الشريعة الإسلامية بهذا يصبح حزبا مقبولا، وأنا أفضل أن يكون للإخوان رأى فى السلطة وليست مع سعيهم للوصول للسلطة ليتحول الإخوان إلى حزب سياسى علنى لكن مع خطة واضحة.
- نريد أن نقف معك على ملابسات لقائك الأول مع السادات حين كان نائباً لرئيس الجمهورية؟
-- يوسف إدريس قال لى إن السادات يريد أن يلتقينى وكان منزله فى الهرم وذهبنا.. وذهب يوسف إدريس ثم انصرف وقابلنى السادات وقال لى إنه عرض على الإخوان أن يدخلوا الاتحاد القومى معنا فرفضوا وذبحناهم ونحن نعرض عليكم أن تحلوا أنفسكم وتدخلوا معنا فرفضت، وطرحت عليه اقتراحا ثانيا أن ندخل كحزب شيوعى داخل الاتحاد القومى وكذلك الوفد، فقال تريدنى أن أضم عبود باشا أيضا؟! فقال أتريد أن نذبحكم مثلما ذبحنا الإخوان فقال احنا عايزينك أنت، فرفضت. - ألا تفكر فى كتابة سيرتك الذاتية؟
-- بالفعل بدأت، واسميتها اصطياد الإنسان واستوحيت هذا العنوان من الفترات التى قضيتها، فى المعتقلات، وبخاصة من طريقة استقبالنا اللا آدمية، فى معتقل أبى زعبل حيث اكتشفت أن استقبال الإنسان عادياً متحضرا إلى السجون يتم على نحو خال من الإنسانية لكسرهم، واكتشفت أن اصطياد الإنسان يحدث فى كل مكان فى معتقلات العالم ولكن سيرتى الذاتية ستتضمن كل تفاصيل الحياة.
- من خلال قراءتك لتفاصيل المشهد الراهن فى مصر ألا تتفق معى أنه سيؤدى بنا إلى كارثة؟
-- نحن فى كارثة بالفعل، الفقر يزداد والتخلف والتعسف والتبعية وبيع القطاع العام وإسرائيل تقوى الكارثة موجودة ولكن المقاومة تنمو وفى بداية نهوض وكثيراً ما تجدنى أتحدث كثيراً ضد الحكومة.
- ومازلت ضد الحكومة؟
-- بشكل كامل
- لكنك عضو فى المجلس الأعلى للثقافة وهو يتبع وزارة الثقافة وهى جزء من الحكومة والوزارة جزء من الدولة؟
-- لو سمحت لى فأنا دائما أفرق بين الدولة والحكومة والدولة والسلطة فالسلطة شيء والدولة شيء وأنا مع الدولة وفى كل مرحلة تسيطر على الدولة سلطة ما فهل معنى هذا أن أقول للمدرسين الذين يعملون فى الحكومة أتركوا وظائفكم لو كنتم من المعارضين للحكومة أو السلطة، أنا ضد النظام.
- وزارة الثقافة جزء من هذا النظام؟
-- هى جزء من السلطة لكن السؤال هو: ما هو دورى فى هيئة تتبع هذه الوزارة أنت كده فجأة دخلتنى فى موضوع تانى خالص أنا خلال العام الواحد أصدر مجلتين من المجلس منها الفلسفة والعصر ولأول مرة هناك مجلة عن الفلسفة فى مصر، ووجودى فى المجلس لم يمنعنى من التعبير عن وجهة نظرى التى تتعارض معهم، المجلس يتبع النظام كبنية عامة ومسئول عنه رجل مثقف ولجنة الفلسفة تقول ما تريد أن تقوله أنا مع الدولة لا الحكومة.
- هل هذا المنطق ينطبق على موقفك من رفض صنع الله لجائزة الرواية العربية حيث كنت ضمن لجنة التحكيم التى منحته الجائزة فيما صفقت له حين رفضها.
-- استنى بقى على لقد كان أمامنا أكثر من مرشح وأنا وآخرون اخترنا صنع الله وكان من المفترض أنه سيحصل على القيمة المالية من الدولة وهو رفض القيمة المالية لكنه لم يرفض الجائزة كقيمة أدبية وقال: أرفض الجائزة المالية فصفقت وأنا إلى جوار الوزير، وأنا صفقت لرفضه الجائزة المالية لكن هذا لا يتعارض مع قبولنا منحه الجائزة بمعناها الأدبى.
- وأنت كواحد من النخبة بل ورائد فيها وتعرضت كثيراً للاعتقال لماذا لم نرلك مقالا ورأيا يعارض بقاء رئيس لدولة نظامها جمهورى طيلة ربع القرن؟ لماذا لم تعترض؟
-- هو انا اللى عينته يا أخى، أنا اعترضت وباعترض وأنا أكتب الآن ضد مبارك وضد ابن مبارك فى مختلف الجرائد.
- آخر كلام.. هل هناك تنظيم شيوعى فعلاً؟
-- طبعاً
- ومازال يعمل؟
-- مازال يعمل وأحياناً يعبر عن علنيته شيئاً فشيئاً وهناك تآلف بين الحزب الشيوعى وأحزاب أخرى مثل الكرامة، وله تلاقى تحالف داخل الأحزاب .
- طيب وما تقييمك لفترة حكم مبارك؟
-- نكسة كاملة لتاريخ مصر بدأت من عهد السادات، فقد ألغى كل مبادرات عبدالناصر، وعلى رأسها القطاع العام، مما دمر بنية الاقتصاد المصرى المتمثلة فى القطاع العام الذى ينظم الأسعار ويقاوم الاحتكار.
- هل تتوقع أن يتم سيناريو التوريث؟
-- لو لم تحدث مقاومة شعبية وثقافية وفكرية يمكن أن يفرض لكننى لا أتوقع أن يستمر لأنه سيكون رمزاً وتتويجا لعلاقتنا بأمريكا وإسرائيل هو يقوم بزيارات وتفقدات ويتم التمهيد لقدومه.
- تعول على من فى توقع عدم استمراره إذا جاء لمصر؟
-- كل ما اتمناه أن يتحرك الشعب.
- وإذا قلت أننى عدمت الأمل فى هذا؟
-- لأنك متشائم ومش شايف تاريخ مصر، وكل أشكال الاحتلال أو الاستبداد التى تعاقبت على مصر قدمضت وبقيت مصر مستمرة مثل النيل العظيم رغم أنهم لوثوه.. مثلما لوثوا مصر.

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

 

ضع إعلانك هنا