ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

التقليد الأعمي للحداثة أضاع الذوق الفني

د. يوسف عزالدين

للفنان: اندريه فرانسوا

للفنان: اندريه فرانسوا

عندما اكتسحت العولمة بلادنا بقوتها اصابت المفكر العربي بالحيرة والقلق واخذ يخلط بعض المفكرين بينها وبين الثقافة والحداثة والحضارة مع ان الثقافة في الانجليزية والعربية تعني معني واحدا هو الاتقان فنقول ثقف اي حذق العمل كما ان كلمة (Culture) الانجليزية التي جاءت من (Agriculture) لاتختلف عن معني الكلمة من الثقافة العامة وسمي الحاذق ( Skil Ful) اما الخط فقد جاء من الترجمة المختلفة فالالمان سموها الحضارة وهي ما تسميه الانجليزية (Civilization). وأن كلمة الحضارة عند العرب: سكن الحضر فقال القطامي.
ومن تكن الحضارة اعجبته
فأي رجال بادية ترانا
1­حسن الحضارة مجلوب بتطرية
2­وفي البداوة حسن غير مجلوب
كما خلط الجيل بين المذاهب الأجنبية الواقعية والرومانسية (Riomantic) والكلاسية (Classic) لكثرة هذه المصطلحات في العلم والفلسفة والاجتماع والتي كانت تنشرها المجلات المصرية ولو درس العربي المصطلحات بلغاتها لسهل الأمر عليه واستوعبها.
وكانت المحلات المصرية والصحف في مصر تذكر المصطلحات الجديدة كالمقتطف والهلال سبقتهما (روضة المدارس) و(يعسوب الطب) في هذه المصطلحات وقد انبهر رفاعة الطهطاوي بكل شيء في الحضارة العربية والثقافة فيها وكتب كتابه (تلخيص الابريز) وانتشرت المصطلحات الجديدة عندما دعا جمال الدين الافغاني الي التطور لانه كان اشبه بسقراط ووجدنا المصطلحات الجديدة عند الكواكبي في كتابيه (طبائع الاستبداد) و(ام القري) وذكرها مفكرون مثل محمد عبده ورشيد رضا وقد ظهرت في المصطلحات الأدبية في ادب شكري والمازني والعقاد وطه حسين فانتشرت مع كلمات الحرية والديمقراطية والرومانتية والكلاسية والتمدن مع الثقافة والعصرية وادعاها المتعلم ليظهر تفوقه وفهمه للتيارات الجديدة حتي قال الرصافي.
وكم مدع فضل التمدن ماله
من الفضل. إلا أكله بالملاعق
 

العولمة في العراق


كانت مصر الرائدة في نشر التيارات الغربية العلمية والأدبية وثقافتها، اما في العراق فلم تظهر هذه الاراء الا بعد اعلان الدستور العثماني سنة 1908م وتجلت فيه حركة جديدة هي اول مسارب العولمة الامريكية في العراق سنة 1922م وعمدا زارها امين الريحاني فاخذت الجرائد والمجلات ترحب به وتنشر انتاجه الجديد الذي سمي بالشعر المأثور وقالت انه يحتذي حذو الشاعر الامريكي (ولت وتمن walt whitman) وانه اطلق الشعر من القافية ومن قيود الوزن والريحاني عربي تعلم الامريكية وكانت اشعار وتمن شعبية سهلة ولم يكن عميق الثقافة بالانجليزية ووتمن تعلم من صف الحروف في المطابع ولايصل في الابداع الي الشاعر (امرسون وتي اس ايلوت T. S. Elot' وشهره الامريكان لانه كتب في الحرب الأهلية وشارك فيها ، وسمي الريحاني زعيم مدرسة التجديد واصدر رفائيل بطي مختارات من هذا الانتاج في كتاب سماه (الربيعيات) ونشرت له الجرائد العراقية فبذر الريحاني اول بذرة العولمة الامريكية في العراق وكان من اثره ظهور الشعر الحر في العراق ثم انتشر بعد ان درست اللغة الانجليزية في الكليات ودرس بدر شاكر السياب من قسم اللغة الانجليزية وزاد انتشاره بعد حروب العراق وبخاصة حركة 1941م والحرب الثانية (1939­1945)م فظهرت نازك الملائكة والبياتي وداود سلوم ومير بصري ويوسف عز الدين وجميل شلش وسامي مهدي وسعدي يوسف وكاظم جواد وغيرهم من الشعراء.
وانتقل اثر الشعر الحر الي مصر وسار في هديه الشعراء المعاصرون له وبالرغم من ان مصر هي رائدة التجديد والتطور ومصدر الاشعاع الثقافي والشعري وفيها شوقي وحافظ ومطران الا ان حركة الشعر الحر ظهرت في العراق، ووجدت صداه عند كمال نشأة عندما كنا طلابا في جامعة الاسكندرية، وكان بدر ابرز من نظم هذا الشعر لانه تأثر بدراسته في قسم اللغة الانجليزية وبخاصة شعر الشاعرة (Eadth sitwell) فقد حرم من حنان الانثي ووجد في قراءة شعرها تلنفيسا عن معاناته الروحية ليحس بدفء المرأة بعد ان حرم منه من الزميلات لهذا ظهرت الصور المسيحية في شعره مثل الصليب والصلب وطريق الاحزان والمسامير والغار والمخلص ومن هذا الاحتذاء قصيدته انشودة المطر منها:
من ينزل المصلوب عن لوحه؟
او يرفع الظلماء عن صحبه؟
ويبدل الأشواك بالغار؟
وهي احتدا لقصيدة ستول (Still Falls The Rain) هذا التساؤل واللهفة دليل عمق احساس الشاعر بالحرمان واكدٌه شعوره بانه قبيح لاتحبه النساء.
فقد وجد في آلام الصلب التي عاني منها السيد المسيح آلامه من الحرمان وعدم الاكتراث به من بنات الكلية.
احمد عبدالمعطي حجازي:
ومن الشعراء الذين اثر فيهم ظهور الشعر الحر في العراق احمد عبدالمعطي حجازي وظهر اثر بدر التوراتي فيه فقال:
كان المريض راقدا
يبكي علي الصليب
حين أطل رأس غض من حديد النافذة
وقال صلاح عبدالصبور:
الشعر زلتي التي من اجلها هدمت ما بنيت
من أجلها خرجت
من اجلها صلبت
هدر القيم الاجتماعية
نظم هؤلاء الرواد وحددوا واوغلوا في التجديد ناسين الحس الاجتماعي العربي المسلم معبرين عن كبت جنسي واضح فكثرت كلمات العري والعورة والزنا فقال صلاح عبد الصبور:
دبيب فخذ امرأة ما بين إليتي رجل سأم
يزني بها سأم
وقال عبدالمعطي حجازي:
رأيت نفسي أعبر الطريق عاري الجسد
اغض طرفي خجلا من عورتي
وجاءوا بكلمات وعبارات يشمئز منها الذوق الرفيع فقال احد الشعراء:
شربت مرق الأحذية المنقوعة
في الخوف والنحيب
أكلت ما يخبزه الأسفلت
في جوفة من حنطة التعذيب

الحداثة

واذا كان الشعر الحر فيه الجيد والمحافظة علي الأساليب العربية فقد هدمت الحداثة الغربية كل الموازين الأدبية واللغوية والذوقية دون معرفة باللغة التي جاءت منها الحداثة ان الشعراء لايعرفون جذورها الغربية وكيف اختلطت مع المفاهيم اللسانية الغربية التي ولدها المفكر الالماني وليام همبولت ودي سويسر وهيرسائل بعيدة عن العاطفة والحس الفني مع انها درست هذا اللسانيات كبار الشعراء مثل ملارميه وبودلير ورامبو ولكن التقليد الاعمي للحداثة دعاهم الي ضياع الذوق الفني لان السطحية الثقافية ورطتهم في الحداثة فجاء الشعر ركيكا في صور سردية فيها تقرير بلا ابداع والشعر تجربة انسانية فيها الصدق ورقة الاسلوب ولما لم يكن الحداثي قادرا علي الانسجام مع المجتمع بعد ان اضاع طموحه بالشعارات البراقة وحلم النصر الذي ادعاه القادة السياسيون اصابته الحيرة ولم يكن امامهم غير العودة الي الثورة والهدم وتقليد الشعر الغربي دون فهم له وتفقه في جذوره، يضاف الي هذا كله شعور الخوف الداخلي من السلطة وقسوتها فمنهم من ادعي السريالية ومنهم اختفي وراء البنائية وبعضهم تغني بالتفكيكية والدادية اي انهم ارادوا ان يقلدوا كل شيء جديد جاء من الغرب دون فهم لاصوله وكل ما يساعدهم علي الثورة من نفوسهم والتعبير عن السخط والاحتجاج.
ولو كانوا درسوا الأدب الاوروبي لعذرتهم لانهم لم يعرفوا بان الشعراء الإنجليز نبذوا الحداثة لتعرض الشعر فيها ومافيه من تكلف برغم مافي حياتهم من ترف حضاري وحرية كاملة لانها خارج عن وظائف الادب الاصيل.

الرواد والحداثة

وقد وقف الرواد موقفا 'حازما' من تيار الحداثة مثل كمال نشأة واحمد عبدالمعطي حجازي وهاجموه فقال الدكتور كمال (ان شعراء الحداثة يصرخون في واد وان كان مليئا بالمتلقين والهوة بينهم والمتلقي عميقة لان شعرهم شعر مستورد ولم ينبت في ارض مصرية ولم يكن حلقة اصيلة من حلقات تطور الشعر العربي مثلما هو الحال مع الشعر الحر او شعر التفعيلة وهذا دعاهم الي الشعور بالعزلة لان شعرهم عبث طفولي ولنأخذ مثلا واحدا للبرهنة علي قول الدكتور نشأة.
ويشهق حقلي الظمآن
لا القي اليه ريا
فاسكن في منازل مرة
اتعلم السير المهرول
والغسيل
اعلق الصور القبيحة
اغلق الشباك
اعرف كيف يكتئب البطيخ
وكيف تمليء الصحاف امي
تقطب تحت سكيني­ البطاطس
كيف لم تهرب؟
لأني لم اسن امامها السكين
ام لم تعرف الرؤيا
وقال الدكتور كمال: الا يفسد هذا الكلام اذواق امة مجالها كنا نريد التجديد والحداثة لاثراء الأدب الحديث ولكنما الايغال في تقليد الغرب جاء بالشعر الركيك مع ان الحداثة كما قال امجد ريان (الحداثة عندما انتقلت الي واقعنا كانت مشروعا 'شعريا' كبيرا يجسد جمالية شديدة الامتاع.

ويلز ­ بريطانيا

(نقلاً عن أخبار الأدب 19/02/2006)

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا