ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 فاطمة ناعوتهيكل زهر فاطمة ناعوت على طاولة النقد

 

ندوة - هونج كونج

 

 هيكل الزهر ، الديوان الخامس للشاعرة فاطمة ناعوت، تمت استضافته مؤخرا علي طاولة النقد في ورشة الزيتون الإبداعية بالقاهرة. ناقشه أربعة نقّاد في ندوة أدارها الشاعر شعبان يوسف الذي ابتدر قائلا إن ناعوت استطاعت أن تؤسس لنفسها مقعدا ثابتا في المشهد الشعري الراهن. إذ تتنوع إسهاماتها ما بين الشعر والترجمة والمقاربة النقدية، مشيرا إلي أن النقد الذي يكتبه مبدعون لا يقل أهميةً عن النقد الإسكولائيّ الذي يطرحه النقّاد الأكاديميون.

 ديوان مخاتل

  جاءت مداخلة الناقد العراقي خضير ميري في مفتتح الجلسة لتصب جل اهتمامها علي الجانب الأسلوبي والتقني لممارسات الديوان مشيرا إلي تعمدها الإيغال في التقشف والاقتصاد اللغوي ولعبها علي متوازيات دلالية متفارقة ومتشاكلة مع أن الدلالة الأساس التي تتحرك ناشطة وفاعلة علي طول الخط هي مفردة الموت التي تكررت 17 مرة عدا مشتقات الغياب والعدم والرحيل. علي أن الشاعرة تكتب المأساة بروح الضحك والسخرية والعيان الطفلي اللاهي مما يكسب نصوصها بعدا شفافا ومشوّقاً وقابلا للقراءة بمتعة. ولم يفت ميري أن يتوقف عند المرجعيات المعرفية لعوالم ناعوت مستخلصا جملة من الخصائص النابهة لهذا الديوان الذي وصفه بالمخاتل.

  عالم جديد

  أشار د. أمجد ريّان إلي أن الشاعرة مخلصة لقضاياها وقادرة علي التحرك بقصيدة النثر نحو مفهوم جديد يتيح لها أن تمارس تقنيات تطرح كافة الرؤي الممكنة، لكي تعبر عن هذا الزخم الشعري الذي تفيض به تجربتها. شاعرة قادرة علي اللعب بالتيمات المختلفة من خلال خبرات عميقة، وذكاء شعري موح. فقصيدتها الأولي (أمي) تصدم قارئها أيديولوجيًّا حيث بطلة النص الخرساء ميتة بين يدي أمها، كأنما تقول إن الذات مقتولة، وان ثمة موقفاً من العالم، وألا رغبة في التكلم إزاء هذا الإحباط الذي يصدّره العالم لنا. وأضاف أن أهم ما يميز تجربة ناعوت هو رغبتها في إنهاء عالم وولادة عالم آخر.

  ففي قصيدة لا تهدموا الكوخ تتخيل الشاعرة كائنات شبحية خفيفة تساعدها في حرق الكتب، بعد أن كدرتها هذه الكتب وأفقدتها الطمأنينة: أحتاجُ شبحًا/يعاقبُ الكتبَ التي غدرتني:/هذه الكومةُ تستحقُّ القَصاصَ/لأنها نخرتْ طُمأنينتي،/لذلك لن أمانعَ في حشْوِ آذانِها بالقشِّ ، والبنزينْ. وفي قصيدة قطعة سكر واحدة تطلب قطعة سكر واحدة فقط، كي تحافظ علي مرارة البن: قطعةً واحدةْ/حتي يظلَّ المُرُّ مُرًّا/والنوارسُ نوارسَ/لا تخطئُها الأعينُ مع الملاكِ الصموتْ/الذي يهبطُ كلَّ مساءٍ/كي يمسحَ دموعَ البناتْ./... /قليلاً من السُّكر/فمرارةُ القهوةِ ضرورةٌ/لتعادلَ كوميديا الأخطاءِ/وعبثَ المحبين.

     وأشار الناقد أحمد الصغير إلي أن الديوان يطرح شعرية مغايرة تنتمي إلي الوجود/الواقع علي الرغم من التحامها بالخيالي أحيانا مصورة الحياة في شكلها القبيح كما أنها تبتكر مشروعها الشعري الخاص بها محطمة اللغة ومقدمة إيقاعا مغايرا.

الموروث المسكوت عنه

  واختتم الندوة د. حسام عقل قائلا إن في تجربة ناعوت توازناً محسوباً بين الإحالة إلي اليوميّ وبين فحولة اللغة ورصانتها. حيث تستهل القصيدة انطلاقتها الأولي من الحياة اليومية بتفاصيلها الصغيرة الدمثة مع نفاذ خيط فانتازي غرائبي. ويظهر ذلك في قصيدة أمي حيث تموت الابنة وتخاطبنا أثيريًّا عبر عالم البرزخ فتبدو القصيدة في مجملها فعلا عجائبيا منسوجا علي لسانها. أما في أبي فالأخ يبتلع كل مياه النهر في تجلٍّ عجائبي آخر. وفي محطة الرمل يموت الشيطان، وهو أصل الغواية، في تأمل شعري فلسفي شائق.

  الديوان يكرّس اغتراب الإنسان المعاصر وعزلته حيث سرادقات العزاء التي يفترض أن نبكي فيها الراحلين ونرثيهم تكاد تخلو من المعزين. وتستخدم ناعوت تكنيكا يقوم علي تعطيل آلة الوعي والأنساق المعقلنة وتداخل المشاهد والأزمنة: وعمر الذي بني سفينة نوح/ ثم أغرقها.

  كما لجأت ناعوت إلي عدد من الانحرافات الأسلوبية الدالة خروجا عن النمط المعياري في الأداء مثل الاتكاء علي التقديم والتأخير وشق فواصل كبيرة بين طرفي الإسناد النحوي فيما يسميه الأسلوبيون إرجاء الدلالة ، كأن تفصل بين طرفي الإسناد بثلاثة عشر سطرا شعريا قبل أن يكتمل المعني ما أضفي حسًّا بوليسيا مراوغا كما في قصيدة ألف لام ميم.

  كما أن، يضيف عقل، خيطا من السخرية اللاذعة القائمة علي تفجير المفارقات قائم بقوة في الديوان. ترتكز بعض القصائد علي فكرة انسداد قنوات الحوار الإنساني وهو ما يضطر الشاعرة إلي مسامرة الأشباح والجلوس إليهم، أو مسامرة الجوارب المباعة في السوق كما صنعت بائعة الجوارب في قصيدة جورب . إن مصاحبة الجوارب والمتاع والعجماوات هو تجسيد لعزلة الإنسان واغترابه عن الآخر. ويصبح الفن والثورة وجهين لعملة واحدة في قصيدة عودة حيث الحصان الممتلئ بالحلم يعود إلي الوطن محبطا زاويا حين لم يعد أحد يسمع حكاياه وقصصه. علي أنه يهتف في القصيدة لا بد أن نحكي لكي نعيش/ وإلا ما جدوي الليالي الألف؟

  كما أشار د. عقل إلى أن درّة التاج بالديوان فقصيدة إيزيس حيث تتشامخ الأنثى بأنوثتها دون ورم نرجسيّ فارغ بل تنطلق الأنوثة من كوة إنسانية مفادها أن المرأة قرينة العطاء والذوبان من أجل الآخر. وتمثل عبارة سكاكرُ لأطفال الحي المحرومين تيمة الانحياز للمهمشين كأنما هي شرارة تنقدح كثورة من لدن هذه الرقعة الاجتماعية. تتناص بعض القصائد مع الموروث المسكوت عنه كما في قصيدة خاتم من أجل نائلة حيث تفقد زوجة عثمان أصابعها دفاعا عن زوجها لا شيء في كفي يا حبيبي/ هي مضمومة بأثر رجعيّ/ تكفيرا عن الخروج مبكرا من رحم أمي/ أما أصابعي المبتورة/ فلم تزل معلقة علي قميص عثمان .

  وتلجأ ناعوت فنيا إلي نسق الصورة الشعرية المركبة الإطارية التي يتوالد بعضها من بعض: تصعدُ فقاعةٌ من فم سمكةٍ/ فترتسمُ دوائرَ/ يحفُّها طائرٌ/ يعرفُ كيف يرسمُ ظلَّه بحنكةِ التأثيريين/ وبلاغةِ الغواة وفي المجمل يعد هيكل الزهر تطويرا عميقا في منحي التجربة الشعرية الجديدة من حيث تضفيره بين المرجعي والعجائبي واستلهام محرضات اللاوعي في نسق الكتابة.

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا