ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

"حارة ضبعة" تصدر عن شمس للنشر

 

ندوة - هونج كونج - 4 فبراير 2009

 

اضغط هنا لمشاهدة الإصدارات

 

عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدر للكاتب والإعلامي "إبراهيم الجارحي"، روايته الأولى بعنوان "حارة ضبعة". تقع الرواية في 144 صفحة من القطع المتوسط. تصميم الغلاف: محمد جابر.

على الغلاف الخلفي للرواية؛ نقرأ المقطع الذي افتتح به "الجارحي" روايته:

( واقع؟..
  ليس ثمة واقع!
  فما الحياة إلا حلم في دماغ لا يفيق منه إلا الموتى
  وأكثر رعب الإنسان أن يعيش في حلم إنسان آخر
  ليجد نفسه مضطرًا للحياة داخل ضعفٍ ليس له،
  وألمٍ ليس عليه، وضميرٍ ليس من حقه )


يدخل إبراهيم الجارحي إلى "حارة ضبعة" في لغة قهرية رومانسية مباغتة، حاملاً على عاتقه جناية السرد نيابةً عن سكان الحارة الذين أصابهم الصمت، والذين يحرك خيوطهم ببراعة "شعبان" الشخصية المحورية في الرواية، والمسؤول عن خلق مساحة للتواصل فيما بينهم، ليصبح هو والمكان نقطة انطلاقة الرواية.
وعبر فضاء زمني فسيح يقبض الجارحي على النص ساردًا فاعلاً مؤثرًا في الأحداث.
فمن مربع محدد في أرضية أستوديو بابل بالقاهرة، وعلى الحائط المقابل؛ يرسم الجارحي أربعة خطوط رئيسية وخط أفقي يتقاطع فوقهم، وهي نفس الخطوط التي رسمها (خضير السرساوي) خالق الرعب في قلوب سكان حارة ضبعة والتي أنهى بها عدد أيامه في السجن .
- ترى هل تعمد "الجارحي" وضع مقارنات بين حاله وحال "خضير" ؟، وهل رأى أنه في سجنٍ كبير، فوضع في شخصيات الحارة جزءًا من خفايا شخصيته الكاملة ؟

أسئلة كثيرة تحلق في فضاء النص، يجيب عليها إبراهيم الجارحي في روايته الأولى "حارة ضبعة".

إهداء الرواية جاء على نحو غير مألوف، بقدر غرابة شخوص الرواية ذاتها :
( أهدي روايتي الأولى.. أو لعلها الثانية.. لا أدري، إلى مربع محدد في أرضية أستوديو بابل بالقاهرة.. ذلك المربع الذي احتوى بصبرٍ جميلٍ كلَّ وحدتي، وكل إرهاقي، وكل جنوني، وكل كوابيسي المزمنة، وكل دخان سجائري، وحلمي الجميل... إلى مجرد بقعة عارية من خشب الأرضية احتضنتني حتى أتممتُ هذه الرواية.
وإلى الحائط المقابل لهذا المربع الذي حوّلتُه بالقلم الرصاص إلى سجل لأيامي المتشابهة، أربعة خطوط رأسية، وخط أفقي يتقاطع فوقهم يساوون خمسة أيام. وللتصحيح ولمن لا يعلم.. سنة السجن بألف سنة مما تحصون.

ولا أعرف إذا ما كان ذلك مألوفًا، ولكنني فكرت أن أهدي هذه الرواية إلى أحد شخوصها فلم أجد بين الشخوص من يقبل أن يتلقى هديةً تُعري؛ بهذه الجرأة؛ جزءًا من خفايا شخصيته الكامنة، ففضلتُ أن أهديها لنفسي، تحيةً لها على شجاعتها في تحمل هذا التعري المقصود ).

 


• كاتب وإعلامي مصري من مواليد التاسع من نوفمبر 1975
• درس في كلية الحقوق وأتم دراساته العليا في النظم السياسية الإسلامية.
• بدأ كرسام للكاريكاتير في صحيفة الوفد ونشرت له رسوم في صحف: الأهالي، صوت الأمة، روزاليوسف، ومجلة النقاد اللبنانية.
• اتجه إلى العمل الإعلامي حيث عمل في عدة مؤسسات إعلامية دولية مثل: هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"،  ووكالة رويترز للأنباء، لما يزيد على ثماني سنوات، عمل خلالها كمراسل في عدة دول من بينها مصر والجزائر والسودان وغانا وبريطانيا، كما عمل كمذيع ومعد ومخرج للبرامج.
• تولى رئاسة تحرير لمحطة أون تي في التليفزيونية.
• أسس إذاعة شبابية حرة على شبكة الإنترنت باسم تيت راديو في بداية عام 2008

• إصداراته :
        - حـارة ضبعة : رواية ، شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2009م
        - دفتري الأزرق (قيد النشر) : مجموعة قصصية
 

- البريد الإلكتروني : garhi@teetradio. com

 

مقاطع من رواية

حـارة ضبعة

تُشرق شمس اليوم الجديد، ويدب النشاط في حارة "ضبعة" التي تصحو كل مفرداتها معًا، يصحو الأطفال للمشاركة في سيمفونية الزحام التي تختلط فيها أصواتهم الحادة بأصوات أخرى خشنة تنادي على بضائعها، وبأصوات تلقي التحيات أو القفشات الصباحية المحفوظة، وحتى أصوات الطيور المنزلية التي تخرج إلى الشارع تلقط بمناقيرها الفتافيت التي تسقط من بين هذه الأصوات المتناغمة معًا في بصمة صوتية هي الشفرة السمعية لهذا المكان.

"العربي" يستيقظ مبكرًا، رغم سكره إلى ساعة متأخرة ليلة أمس، ويزحف بصعوبة من داره إلى الشارع العمومي مرورًا بأسوار دار السرساوي، بينما يلهج لسانه بعشرات الشتائم التي يوزعها بأقصى ما تمكنه نفسه من العدالة على سكان "ضبعة"، فينال جاراه: "عبد المجيد ضرغام" و"سلطان الحرامي"، أول شتائم اليوم؛ فهما من وجهة نظره السبب الرئيسي؛ وربما الوحيد؛ في تضاؤل بيته إلى أن وصل إلى هذه الدرجة من الضآلة إذا ما قورن بالبناءين الذين يملكهما "عبد المجيد" و"سلطان".

"عبد المجيد" هو الصعيدي القحف الذي ابتلانا به الله ليختبر صبرنا على الوضاعة، طريد العدالة الإلهية التي لو تمكنتْ منه لأعادته على الفور إلى صورة المعزة السوداء التي فرّ منها بحكمة الله التي لا يدركها البشر ولا يملكون حق الاعتراض عليها.

ويصحو "عبد المجيد" أفندي فجرًا – كعادته – لينادي على أبنائه الثلاثة بأسمائهم في نداءات متتالية ومتكررة لدرجة توقظ البؤساء الثلاثة، و"العربي" الذي تقع قاعة نومه في بقعة لا تحميها من مأمأة "عبد المجيد" باللهجة السوهاجية القحة.

أما "سلطان الحرامي"، فهو حرامي بالوراثة، اشترى من "عربي" معظم أرض داره ليضمها إلى حديقته، وكي تستمتع زوجته – ذات الأصول الثرية – بمساحة من الخضرة والخصوصية، انتهتْ دار "العربي" إلى صحن ضيق وغرفة نوم حقيرة تُقابل غرفة نوم "عبد المجيد" القحف، التي يفيض منها صوت شخيره ليلاً وصوت مأمأته فجرًا.

أما "دار السرساوي" فهي لعنة قائمة، لقي بانيها حتفه مقتولاً في جريمة بشعة على يد ابنه الوحيد، وظلّ يدور في كافة أرجاء البيت الكبير وهو يحمل في جسده الضخم ما يزيد على عشرين طعنة، ويجأر بالسباب لابنه المجنون الذي قتله انتقامًا لموت أمه، بعد أن ظن الفتى أن "السرساوي" قتل أمه واستولى على مالها بعد عام واحد من ولادتها له، وظلَّ "السرساوي" يُعاني من جنون ابنه ويتفادى قَدَرَه الذي شعر الجميع في حارة "ضبعة" أنه قادم لا محالة، إلى أن أتى هذا القدَر في ليلة حالكة تربص فيها "خضير" لأبيه في مدخل البيت وطعنه في كل مكان من جسده تقريبًا.
ويبدو أن ضعف بنيه "خضير" مقارنة بوالده، الذي كان في حجم وقوة ثور بلدي، جعلتْ طعناته غير نافذة ولا قاتلة بذاتها، فظلّ "السرساوي" يجوب داره الفاخرة وهو يترنح تدريجيًا تحت تأثير النزف، ويترك آثار دمائه على الجدران وعلى الأفرشة. ويقول بعض الأطفال العفاريت، الذين كانت لديهم جرأة اقتحام الدار في غيبة وريثها الوحيد، إن آثار الدماء ما زالتْ ترسم على الجدران قصة هذه الأسرة المجنونة، بعد أن تجلطتْ، واكتسبتْ بعد خمس عشرة سنة لونًا أسودًا بديلاً للأحمر القاني الذي كانت عليه الدماء عندما كانت دافئة.

أما "خضير" فقد وجد طريقه مباشرة من المحكمة إلى سجن القلعة، بعد أن حكم عليه القاضي بالإعدام شنقًا، وعاد إلى تخفيف الحكم إلى الحبس خمس عشرة سنة بعد أن اقتنع في الاستئناف بخلل عقل المتهم الشاب.

ويواصل "العربي" سيره البطيء بينما تشي عيناه باكتئاب الكحول الذي يلازم صاحبه طوال النهار حتى يعود إلى الشرب مرة أخرى في الليل، وما بين هذا وذاك يوم طويل من العكننة والحموضة وتهيج الأعصاب، واحمرار العينين وزيغهما.
البدلة الصفراء الكالحة، ودفتر التذاكر ذو القاعدة الخشبية التي لوّنها العرق وطين الشقاء تحكي الكثير عن مهنة "عربي"، وهو في الواقع كمساري ترام تقليدي جدًا، يفقد عدوانيته المستديمة بمجرد الخروج من حارة "ضبعة"، ويتحول إلى رجل في منتصف العمر يتمتع بخفة ظل غير منكرة، وتتحول لعناته الجارية على لسانه طيلة وجوده في "ضبعة" إلى سلسلة من النكات والقفشات، وربما المعاكسات الخفية التي يُطلقها إذا ما شرُف الترام بأنثى طرية من النوع الذي يستحق المعاكسة.

و"العربي" ليس الوحيد الذي يتغير طبعه وحاله عندما يخرج من "ضبعة"، فهذه هي الحقيقة الغريبة في هذه الحارة المستطيلة الضيقة، ربما كان تأثيرًا وتأثرًا جغرافيًا أو هندسيًا يُكسب بعض الأماكن صفات تغير من أخلاق وطبائع سكانها، حتى ولو كانوا يعيشون حياتهم خارجها بشكل مختلف.
لا أحد يعرف، ولا أحد يفكر، ولا يبدو أن أحدًا في "ضبعة" أو خارجها يهتم أساسًا بالتحولات الغريبة التي تتلبس سكانها بمجرد دخولهم من بوابتها الضيقة التي تفتح فمها على الشارع العمومي، وتبتلع فيه سكانها الذين يعيشون جوها المسحور باستسلام، أو بحب لا يمكن تفسيره.

"عبد المجيد أفندي" السّمج في تعاملاته مع أبنائه الثلاثة، ومع زوجته السمراء العجفاء، ومع جيرانه جميعًا، ومع كل شخص وحيوان وحشرة تسكن حارة "ضبعة"، يتحول تحت التأثير السلبي للخروج إلى الشارع العمومي إلى شخص رزين وطيب ومتعاون، ويصير صوته الذي يكرهه "عربي" ويشبهه بصوت الماعز – دون أن يتغير عن نغمته الخنفاء – علامة على الرقة والتبسط في معاملة الناس، وهو المعروف في "ضبعة" بأنه يكره حتى نفسه ويستكثر عليها النعمة.

"سلطان الحرامي" يعيش في بيته بلا وظيفة غير الصمت، الصمت المطبق بمعناه المثالي ومعناه الفلسفي ومعناه التطبيقي، فهو لا ينطق حرفًا واحدًا ما دام في "ضبعة"، وكثيرون من صغار الحارة وشبابها يظنونه أبكمًا، ويحكي بعض من كبار السن أنهم رأوه يتكلم عندما كان صغيرًا، لكن أحدًا لا يستطيع التأكد أو التأكيد، خاصة وأن زوجته التي لا يعرف سكان حارة "ضبعة" لها اسمًا لا تنطق هي الأخرى، وتفضل الاختلاء بكتابها في مساحة خالية بالجهة الشرقية لحديقة بيتها، هي الجزء الذي اشتراه "سلطان" من "العربي" في صفقة يجهل الجميع تفاصيلها.
أما في دكانته – التي يُصرُّ على الاحتفاظ لها بلقب الوكالة – فهو يمارس مهارات بيع الكلام التي ورثها عن جده الحرامي الكبير، ولا يتوقف عن الرغي مع زبائنه القلائل، ربما إلى درجة يكرهها بعض الزبائن الذين يستعجلونه في الوزن وعدِّ النقود وإعادة الباقي.

كل سكان الحارة يعيشون بين عالمين مختلفين تمامًا، وربما متضاربين في أغلب الأحوال، عالم يبدأ عند باب الحارة، وعالم آخر ينتهي عند نفس الباب.

وحارة "ضبعة" عمومًا لا تعرف الزّوّار المؤقتين، فوجوه سكانيها ثابتة لا تتغير، يولد من يولد ويموت من يموت ولكنها تظلُّ دائمًا وجهَة لا يخطر برأس أحد أن يزورها من باب الزيارة أو التسكع أو التطفل، فــ"ضبعة" محمية بقوةٍ ما، لها قدرة خارقة على إبعاد هذا الصنف من المؤقتين.

تكيف "العربي" تمامًا مع علاقته بحارة "ضبعة" التي لا يدخلها إلا سكرانًا، ولا يخرج منها إلا مكتئبًا شاتمًا لاعنًا كل ما فيها ومن فيها، ولم يفكر يومًا في الانتقال من هذا المكان الذي لا يحفظ له أي جذور، ولا يشعر تجاهه بأي قدر من الانتماء أو حتى القبول أو التجاوب الإنساني بالحد الأدنى اللائق بما يسميه الإنسان بيتًا.
والأغرب أن الدار العفنة تبعد عن مكان عمله مسافة تقارب الخمسة كيلومترات، يمشيها "عربي" يوميًا على قدميه بلا ضيق أو تململ أو تعب أو تفكير في جدوى ومنطقية إقامته في هذا المكان البعيد عن مكان عمله، وكل ما يعرفه الكمساري القديم هو أنه عاش أغلب عمره وسيعيش ما بقي له من العمر في هذه الحارة، حتى لو عدم الأسباب والمبررات المنطقية لذلك.

ومثل "العربي" مثل الجميع في الحارة، فكلهم أتى إليها قادمًا من مكان آخر، واستقر بها كل سكانها الذين يشكل جيلهم الأكبر مؤسسي هذا المكان. والجميع يعتبر الجميع واردًا غير مرغوب فيه، ولكن حالة كراهية المكان التي تعم حارة "ضبعة" تحول دون تبين الأصيل في الحارة من الوارد، ولكن أغلب الظن يرجح أن يكون الجميع واردًا ثم أصبح أصيلاً بقوة المغناطيسية الكامنة في هذا المكان...

 

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا