![]() |
شعر مترجم |
(1) هرولت نحوه جدته وهي تولول كقطار الصباح ، داهمت الصغير ولسعته على ظهر كفه السمراء، قهقه النسوة، وانفجر هو بالبكاء فبلل وجنتيه السمراوين ، وساقيه أيضا. ( الأطفال المؤدبون لا يرفعون ثيابهم هكذا ليبولوا في باحة الدار أمام الضيوف)
(2) هرولت نحوه جدته وهي تولول كقطار الظهيرة ، تدق صدرها ، وتشد شعرها من فروته. ( يا عيب الشوم ، يا عيب الشوم ). (صفعته ، فتفتقت منابت شاربه ) ( الصبية المؤدبون لا يـُقبـِّلون صبايا الجيران خلف صومعة الغلال.) (عفراء ) ابنة الجار ، تلك الحية اللذيذة السمراء ، خائنة ككل البنات ,حاولت التلذذ معه بالتمر الشهي ، فلما صدها ، راحت تشكوه لجدته ، أقسم أني لن أفلتها )
(3) (لم يخلف التمر أبدا موسمه، ولا القمح هجر قلب الصومعة ، ولا الهمس انقطع خلفها، ولا القبلات، وما اشتكت بعدها (عفراء ).
(4) جاءته جدته مهرولة تولول كقطار الأصيل ، صفعته على وجهه الذي ابتدأ لتوه فاتحة الرجولة ، اهتز شاربه في غضب . (الشباب المؤدبون لا يقطعون أرحامهم من أجل حطام الدنيا.) (أرض أبي وعرقه بلل عروقها) ( أتقايض خالك بحفنة من تراب؟) ( لص ولا يسوى شيئا ) صفعته ثانية . ( ما زال طعم اللسعة الأولى في عمق ضميره مع مرور السنين) ( قهقهة النسوة تصم أذنيه ) (لاذ بالصمت كتل من الطين).
(5) دقت الطبول وارتفع صداها ، فصحت العصافير فوق الشجر والأفاعي في طلع النخيل ، ورقصت النسوة وطارت العباءات، واهتزت الدفوف وأشياء كثيرة جميلة. وقفت جدته ترصده بفخر واعتزاز ، شابا رائع السمرة شاهق بياض الثياب ، زاهي العمامة . لا غرو ففي النجوع الأسوانية العابقة بالسحر ، ينادون العريس بالأمير. (مبارك أيها الأمير) مشى متبخترا وهي معلقة بذراعه ، في موجة من الزغاريد والعطور ، وزحمة النسوة والأطفال ودقات الدفوف ، وترنيمات أغاني الجنوب ، والغبار. (لطالما كنت بارعا في تسلق واعتلاء النخلات ، لاقتنص لذيذ التمر ) ( لماذا أحس اللحظة بالذات ،بلسعة جدته فوق ظهر كفه السمراء ؟) ( لماذا أحس اللحظة بذات الصفعة فوق وجهه الذي ابتدأ فاتحة الرجولة ؟)
(6) كومة من الشبق والمسك والحسن ورائحة الحناء ، كانت (عفراء ). شهق وقلبه يقفز بين جنبيه : ( يا ألطاف الله ). ( يعرف النسوة الخبيثات كيف يشعلن الجنون بطرائق زينتهن !!) (الآن هو على بعد شبرين من التمر اللذيذ، حاول الإمساك بأطراف السعف ليعتلي نخلته ، لكن جسده انزلق في قنينة العرق كخيط من حرير ، وانكفأت هي بين دموعها ووسائدها الحريرية ، وأشياء أخر) .
(7) ظلت النخلة تراوح جدائلها في الأفق مع الريح والغبار.وصارت دقات الدفوف ، نبضات قلب جريح وأغاني الجنوب أصداء أنين مكتوم.) وأكلته البراري ، فصار لا يعتلي سوى النخل الشارد، ولا يشعل انطفاءه سوى التمرات المسمومة في كل ميناء.
(8) يبتلينا الله ببشر ، رؤوسهم كطلع الشياطين، كي يمارسوا فوقنا أمراض الرئاسة وشهوة الزعامة . - اقصر الشر يا علي. - لا أقبل أن يركبني رجل. - إنه سيد المؤسسة وقريب للوزير. - طظ - كلنا وقـَّعْـنا دون تمحيص. - كلاب مثله ولا تسووا شيئا. - ستودي بنفسك للتهلكة. - البلد فيها قانون. - سيخصم راتبك. - محدش بيموت م الجوع.
(9) (أدار القانون وجهه بعيدا عنه ، وانفض عن صاحبنا الجميع، واستمرأت لحمه الكلاب) ( سأهاجر .. فأرض الله واسعة ...) (البشر هم البشر والشياطين هم الشياطين ... والكلاب أيضا .) تركوك الآن تعزف لحن التمرد على أوتار أعصابك ، تجمع في حلقك الغصة وفي ضميرك اللسعات والصفعات، وهم يجمعون المال والحظوة ، ويتصدرون الشاشات والصحف ).
(10) ( أخلف التمر اللذيذ موسمه ، وهجرت الحنطة قلب الصومعة، وانقطع خلفها الهمس وماتت القبلات وأحلام المساء). (داهمه الوقت ، كان عليه أن يدرك قطار المساء ، هاجر صاحبنا ، أكلته الموانئ، والمضارب، والدروب ، والفنادق، ومفارز التفتيش، والوجوه العابرة، أدمن تسلق الأشجار الشاردة ، وفاكهة الطريق الفاقع لونها ، رحلت جدته وهو بعيد ، فوقــَّـعَ على بياض، وصار كلبا سمينا.) ************************
|
|
|
![]() |
![]() |
|