ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

محمد نديم علي - مصرانكسارات أمير جنوبي

محمد نديم علي - مصر

 

(1)

هرولت نحوه جدته وهي تولول كقطار الصباح ، داهمت الصغير ولسعته على ظهر كفه السمراء، قهقه النسوة، وانفجر هو بالبكاء فبلل وجنتيه السمراوين ، وساقيه أيضا.

( الأطفال المؤدبون لا يرفعون ثيابهم هكذا ليبولوا في باحة الدار أمام الضيوف)

 

(2)

هرولت نحوه جدته وهي تولول كقطار الظهيرة ، تدق صدرها ، وتشد شعرها من فروته.

( يا عيب الشوم ، يا عيب الشوم ).

(صفعته ، فتفتقت منابت شاربه )

( الصبية المؤدبون لا يـُقبـِّلون صبايا الجيران خلف صومعة الغلال.)

(عفراء ) ابنة الجار ، تلك الحية اللذيذة السمراء ، خائنة ككل البنات ,حاولت التلذذ معه بالتمر الشهي ، فلما صدها ، راحت تشكوه لجدته ، أقسم أني لن أفلتها )

 

(3)

 (لم يخلف التمر أبدا موسمه، ولا القمح هجر قلب الصومعة ، ولا الهمس  انقطع خلفها، ولا القبلات، وما اشتكت بعدها (عفراء ).

 

(4)

جاءته جدته مهرولة تولول كقطار الأصيل ، صفعته على وجهه الذي ابتدأ لتوه فاتحة الرجولة ، اهتز شاربه في غضب .

(الشباب المؤدبون لا يقطعون أرحامهم من أجل حطام الدنيا.)

(أرض أبي وعرقه  بلل عروقها)

( أتقايض خالك بحفنة من تراب؟)

( لص ولا يسوى شيئا )

صفعته ثانية .

( ما زال طعم اللسعة الأولى  في عمق ضميره مع مرور السنين)

( قهقهة النسوة تصم أذنيه )

(لاذ بالصمت كتل من الطين).

 

(5)

دقت الطبول وارتفع صداها ، فصحت العصافير فوق الشجر والأفاعي في طلع النخيل ، ورقصت النسوة وطارت العباءات، واهتزت الدفوف وأشياء كثيرة جميلة. وقفت جدته ترصده بفخر واعتزاز ، شابا رائع السمرة شاهق بياض الثياب ، زاهي العمامة .

لا غرو ففي النجوع الأسوانية العابقة بالسحر ، ينادون العريس بالأمير.

(مبارك أيها الأمير)

مشى متبخترا وهي معلقة بذراعه ، في موجة من الزغاريد والعطور ،  وزحمة النسوة والأطفال ودقات الدفوف ، وترنيمات أغاني الجنوب ، والغبار.

(لطالما كنت بارعا في تسلق واعتلاء النخلات ،  لاقتنص لذيذ التمر )

(  لماذا أحس اللحظة بالذات ،بلسعة جدته فوق ظهر كفه السمراء ؟)

(  لماذا أحس اللحظة بذات الصفعة فوق وجهه الذي ابتدأ فاتحة الرجولة ؟)

 

 (6)

كومة من الشبق والمسك والحسن ورائحة الحناء ، كانت (عفراء ).

شهق وقلبه يقفز بين جنبيه : ( يا ألطاف الله ).

( يعرف النسوة الخبيثات كيف يشعلن الجنون بطرائق زينتهن !!)

 (الآن هو على بعد شبرين من التمر اللذيذ، حاول الإمساك بأطراف السعف ليعتلي نخلته ، لكن جسده انزلق في قنينة العرق كخيط من حرير ، وانكفأت هي بين دموعها ووسائدها الحريرية ، وأشياء أخر) .

 

 (7)

ظلت النخلة تراوح جدائلها في الأفق مع الريح والغبار.وصارت دقات الدفوف ، نبضات قلب جريح وأغاني الجنوب أصداء أنين مكتوم.)

وأكلته البراري ، فصار لا يعتلي سوى النخل الشارد، ولا يشعل انطفاءه سوى التمرات المسمومة في كل ميناء.

 

(8)

يبتلينا الله ببشر ، رؤوسهم كطلع الشياطين، كي يمارسوا فوقنا أمراض الرئاسة وشهوة الزعامة .

-         اقصر الشر يا علي.

-         لا أقبل أن يركبني رجل.

-         إنه سيد المؤسسة وقريب للوزير.

-         طظ

-         كلنا وقـَّعْـنا دون تمحيص.

-         كلاب مثله ولا تسووا شيئا.

-         ستودي بنفسك للتهلكة.

-         البلد فيها قانون.

-         سيخصم راتبك.

-         محدش بيموت م الجوع.

 

 (9)

 (أدار القانون وجهه بعيدا عنه  ، وانفض عن صاحبنا الجميع، واستمرأت لحمه الكلاب)

 ( سأهاجر .. فأرض الله واسعة ...)

(البشر هم البشر والشياطين هم الشياطين ... والكلاب أيضا .)

تركوك الآن تعزف لحن التمرد على أوتار أعصابك ، تجمع في حلقك الغصة وفي ضميرك اللسعات والصفعات، وهم يجمعون المال والحظوة ، ويتصدرون الشاشات والصحف ).

 

(10)

( أخلف التمر اللذيذ موسمه ، وهجرت الحنطة قلب الصومعة، وانقطع خلفها الهمس وماتت القبلات وأحلام المساء).

 (داهمه الوقت ، كان عليه أن يدرك قطار المساء ، هاجر صاحبنا ، أكلته الموانئ، والمضارب، والدروب ، والفنادق، ومفارز التفتيش، والوجوه العابرة، أدمن تسلق الأشجار الشاردة ، وفاكهة الطريق الفاقع لونها ، رحلت جدته وهو بعيد ،

فوقــَّـعَ على بياض،  وصار كلبا سمينا.)

************************

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

1-

بـــــــدور /العراق

frt.85@hotmil.com

Wed, 19 Dec 2007 14:15:03

 ياللهول على العظمة والجنون
ياسيدي كثير من النساء تبكي لحضن الرجال أما انت فأبكيك لك ولكتاباتك
اعتقد ان ذنبي كثر حين قرأت لك
ياللذنوب عليه بها اذا
سلام مني لك ......دمت بود

2-

Seham

Seham_68@hotmail.com

Sun, 27 Jan 2008 21:14:47

الكاتب الرائع الأستاذ محمد نديم
أسلوب جديد في السرد واستلهام الماضي ، لتشريح الحاضر الذي نكتبه بدماء الذكريات.
لك مني خالص التحية.
د. سهام راضي

ضع إعلانك هنا