ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

الغريبــة 
 الكسندر بلوك
ترجمة: د. فالح الحمراني - روسيا

 

عند المساء يخيم على المطـاعم الليلية 
هواء ساخن ثقيل وأصم 
و روح الربيع المُفسد  
تتحكم بصياح السكارى 
 
وفي منأى، على غبار الأزقة  
وسأم البيوت الريفية 
كعكة هلالية مذهبة قليلا ،على واجهة المخبز  
ويدوي بكاء طفل  
 
وفي كل أمسية، خلف حواجز الطرق  
يتنزه مع السيدات بين السواقي 
ظرفاء محنكون 
أمالوا قبعاتهم  
 
و تأز في البحيرة مماسك المجاديف 
وتتعالى ولولة النساء 
وفي السماء تلوى من دون معنى القرص 
الذي اعتاد على كل شئ  
 
وفي كل مساء نديمـي الوحيد 
انعكس في قدحي 
وعلى شاكلتي وديع أذهلته 
الرطوبة اللزجة وأذهله الغموض 
 
وقريبا من المناضد المجاورة 
يتراوح خدم مخمورون 
ويصرخ السكارى ذوو عيون الأرانب 
“IN VINO VERITAS” 
 
وفي كل مساء، في ساعة محددة 
( أم أن هذا راودني في الحلم وحسب؟)، 
يتهادى في النافذة المظلمة 
قــد فتاة، متشح بالحرير 
 
ودائما من دون أصحاب، وحيدة 
تشق طريقها ببطء بين السكارى 
تضوع بالعطر والضباب 
وتجلس عند النافذة 
 
ويُذَكِر حريرها الناعم 
وقبعتها الموشاة بريش الحداد 
والخواتم بأصابعها الناحلة  
بالمُعتقدات القديمة 
 
حاصرني هذا التماس الغريب  
أُحملق خلف الوشاح الحالك  
وارى شاطئا مسحورا 
و بُعدا مسحورا 
 
عُهدت أسرار غامضة بي 
عُهدت بي شمس ما 
وغاصت روحي بالمنعرجات 
وراحت الخمرة اللزجة تؤرقني 
 
وريش النعامة، المائل على قبعتها 
يهتز في دماغي 
وعيون زرقاء من دون قاع  
تزهر على شاطئ بعيد  
 
في روحي يوجد كنز 
عُهٍِِِدَ بمفتاحه بي فقط 
أنت على حق أيها المسخ المخمور  
أنا أعرف : إن الحقيقة في الخمرة.

**

الكسندر بلوك وقصيدته –الغريبة

ترجمة وتقديم :فالح الحـمراني
 
تشكل قصيدة الغريبة منعطفا حادا في مسيرة ابداع الشاعر الروسي واحد اقطاب المدرسة الرمزية الكسندر بلوك( 1880 ـ 1921). فعقب مرحلة قصائد " السيدة الجملية" التي كرسها لحبيبته وزوجته ما بعد لوبوف ديمتريفنا مندلييفا، ذلك المثال الذي لاوجود الا في تصورات وخيالات الشاعر، انه في السماء، يظهر مثال جديد ارضي انه " الغريبة" الذي يمثل الكمال ويعارض تفاهة الحياة اليومية، ذلك الافق الساحر لعالم مضيء جديد.وكتب بلوك القصيدة في 1906 لكنها رافقته لفترة طويلة وكتب بعد سنوات ايضا مسرحية بنفس الاسم، ليصب فيها افكارا فلسلفية وشعرية جديدة وليعمق فكرة وروح قصيدته التي اعتز بها. 
ويجري حدث القصيدة وأجواءها في ضواحي بطرسبورغ حيث كان الشاعر يرتاد المطاعم في مرحلة حياته البوهيمية، فيسخر فيها في البداية من تلك الأجواء التافهة حيث السكارى والسام الذي يخيم علي بيوت الاغنياء الريفية، ولانسمع فقط النفور والرفض في بداية "الغريبة" بل نغمة تراجيدية  
" ودوى بكاء طفل"وتسبغ صورة السماء وعقم القمر الليلي المعقوف بعدا كونيا على الاحداث توسع من حدود القصيدة.ان ماساة البطل في ثنائية وعيه وانشطاره، وكأن هذا ياتي نتيجة الوقوع تحت تاثير الخمرة بيد ان من الجلي ان هذه الحالة نتيجة العجز واستحالة الخروج من الدائرة المغلقة لعبثية الوجود ولاجدواه، ولهذا نسمع التهكم المرير من "المسخ المخمور". 
ويصعد الحلم من الاعماق الخفية للروح .ويتجسد في صورة البطلة : الكائن الغامض، وليس من الواضح تماما هل انها امراة حقيقية ام رؤية "ام ان هذا يراودني في الحلم"، وعلى الاغلب انه امتزاج بين المرأى من جهة والمرتقب والهاجس من جهة اخرى. ويرسم الشاعر صورة رومانسية للغريبة. حيث يضفي عليها ابعاد سماوية وكونية ما فوق عالمية وضبابية، "بالمعتقدات القديمة والعيون الزرق التي لاقاع ولاقرار لها". فالغريبة بالنسبة للشاعر رمز الجمال الخالد. ان تفرد البطلة وعدم تشابهها مع كل محيط بها وغربتها والحزن الشاعري الذي تخلقه هلاميتها، يرتقي بالصورة على اليومي التافه. 
ان " الاسرار الغامضة" و " شاطئ" الحياة الاخرى، والافق المسحور نابعة من كنز قلب انسان يبحث عن الجمال لخالد ، ورصده في خضم حياة السام والتفاهات. 
تظهر الغريبة الغامضة كل مرة لتخطف كينونته إنها تظهر له وحده وحده يراها لانها عصارة روحة وفكره.تحمل معها أجزاء الطقوس القديمة وأدوات العالم الغامض، فتقرب الشاعر من الحقيقية. انها مثل أغلبية قصائد بلوك في تلك المرحلة مشحونة بعالم " صوفي" عالم ما وراء الواقع. 
 
 
24 ابريل 1906 . اوزيركي . ( منطقة بيوت ريفية في ضواحي بطرسبورغ كانت مشهورة في 70 و 80 القرن 19 ولكن انحسر الإقبال عليها في بداية القرن العشرين)

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا