ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

من أغاني الإسكيمو

 

 ترجمة د. محمد قصيبات - سورية

 

يمتاز شعر الإسكيمو ببراءة كلماته وغرابة صوره ، فهو يجوب تاريخًا قديمًا مفعمًا بالتقاليد و الخرافات. لكن بدأ هذا الشعر، وتحت وطأة الحضارة المعاصرة، يفقد الكثير من حِسّه ، فلم يعد رجل الإسكيمو يقضي أوقاته في الصراع مع الطبيعة من أجل سلّةٍ من الأسماك يغذي بها أطفاله ، فهو قد شرع في استهلاك  "الهمبرجر" الأمريكي ولم يعد في أوقات فراغه يحدّق في القمر المعلق في السماء خلف صحاري الثلج باحثاً عن "غزالة" قلبه ولكنه يقضي المساء بعينين نصف مغمضتين أمام الشاشة المرئية وبصحبة زجاجات الجعة التي شرعت تفتك بكبده.

 

 

1ـ أغنيةُ الصيّادِ العجوزِ

 

هذا أنا في فراغِ السنين

واقفٌ في أعالي جبال الجليد

منتظراً، وسط الظلامِ، مجيء "الغزاله"

ترى هل تجيءُ لقلبٍ عجوز؟

 

لأين تمر السنون

وتذهبُ بعد الغروبِ "غزالةُ‎" قلبيِ؟

ترى هل تراني

مثل يوم الصبا

يوم كانت ذراعاي مثل الرياح

وهي تطلق سهمي

لأبعد ممّا تراه عيون الشبابِ؟

ترى هل تعود

"غزالةُ" قلبي

لشيخٍ عجوز؟

 

 

2 ـ أغنيةُ طائرِ الوقواق

 

انهضوا الآن

استيقظوا

من سبات الشتاء الطويل الذي

أثقل فيكم عيون الصباح

 وأثقلكم

 

من الشرقِ تشرقُ شمسُ الحياة

فانهضوا الآن يا أخوتي

لقد بدأ طائر الوقواق في الغناء

بدأ الآن…ألا تسمعون؟

انهضوا، ولا تتركوا الصيف يهرب

منكم

انهضوا قبل مجيء الشتاء

ألا تسمعون

عبر فجرِ الكلامِ أغاني الطيور؟

 

 

3 ـ أغنيةُ الخوفِ

 

رأيتُ ذئبين

ذئبين أبيضين كبيرين

اقتربا منّي

وطفقا يبحثان عن رائحتي

لكنّي هربتُ بجلدي

 

قتلتُ واحدًا منهما

وذهب الآخر، هرب بجلده

رأيته في صحارى الثلج يجري

كان خائفًا

وكنت خائفًا   

لكنّي بكيت

حين عرفت أنّي كنتُ بلا رائحة

 

 

4 ـ أغنيةُ المغنيةُ العجوز

 

للأسف كان صوتيَ متكسرًا متصدعا

حين رغبتُ في الغناء

لمّا سمعتُ بمجيء الأحبة من بعيد

أردتُ أن أغنّي لهم أغنيةً

حول النار

" آيا ياى!

  آيا ياي! "

 

ها أنا أنسي النارَ التي تستيقظ

                  في صدري

وأنسى حشرجات الصوتِ التي

               تخرج من رئتَيْ

حين أتذكر أيّام الصبا و أغنّي

 

في ذلك الوقت، لم يقدر أحد

على سلخِ عجولِ البحرِ مثلي

ولا علي سلخِ "الغزلان" في لحظة

هكذا في أسرع من البرق

أمّا الآن فإنّ صوتيَ متكسرٌ متصدعٌ

الآن تحرق النار رِئَتَيْ

وأنا أغنّي فوق الجبلِ

محدّقة في الشمس التي تختفي

          في السماء بلا نهاية             

           ***

 

مرايا النص

 

كيف يمكننا حساب سني القلب ِ ، وهل ذلك الذي يرتع في أعماقنا ما زال قادرًا على مصارعةِ زمن ٍ كل شيء فيه يهرب بنا آلاف السنين إلى الوراء لفرط سرعته… كيف يمكننا تقدير زمننا الداخلي نحن الذين نشعر بانتمائنا إلى أزمنة ِ براءةٍ أولى يتلهف فيها قلبُ الصيّادِ الطفل رغم هروب السنين إلى غزالة ٍ لن تأتي في غير ِ الحلم…كيف يمكننا المصالحة بين زمن ٍ شائكٍ يحاصرنا وزمن ٍ آخر بعيدٍ يملؤنا حدّ الذوبان… أيا ياي آيا ياي ما الذي يجعل الصوتَ يتكسر والذاكرة َ تحترق والأوجاع تنهمر في كل الفصول ِ التي صارت تأبى أن تعطي أسرارَها ..ما الذي يجعلنا بلا رائحةٍ..ما الذي يملؤنا بالخوفِ من المجهول ِ ومما نعرف من الذي يأتينا مخاتلا لكل الرؤى الصافية…
كلما مررتُ بمثل ِ هذه العوالم الصافيةِ حدّ الدهشة يكبر في
ّ البكاءُ وتنهمر دموعُ قلبي ، ذاك أنها تغنينا مهما نأت بنا المسافات…أليس من سمات الفن الحقيقي أنه أغنية الإنسانية جمعاء…

الأديبة التونسية آسية السخيري

 

 

 

نشرت الترجمة بصحيفة "أخبار الأدب" مارس 1997

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا