ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

البياتي وسطوة المقدس - رؤية نفسية

شوقي يوسف بهنام - العراق

 

ينبغي ان لا تبهرنا الكلمات على حساب منطقها ، فالكلمة قبل ان تكون مثيرا جماليا هي خطاب ومعنى وهدف . وهذه هي نقطة انطلاقنا لدراسة جانب مهم من شخصية البياتي إنسانا ، وهذا قبل كل شيئ . الشعر هو خطاب موجه إلى الآخر . هو خطاب من الأنا إلى الآخر .  يقول البياتي في هذا المعنى بعد ان زار " دلفي " :-

 

منحتني آلهــــة الشعر الصافي

 

وأنا في درب العودة من " دلفي "

 

البركات ْ

 

وسلاح الكلمات

 

                                                   ( ديوان البياتي ، مجلد 3 ، ص 481 )

 

                                                *************

إذن فالكلمات هي السلاح الذي سلمته الآلهة لشاعرنا . و لا أريد ان اعلق على مشاعر النرجسية التي تعذب البياتي عذابا أليما لدرجة جعلت من الشاعر ان يكون    في حرب  مع العالم . وعلى هذا الأساس فأنه لا ينبغي أن يبهرنا جمال وسحر الكلمات ويجعلنا ان نتغاضى من خطابها . في تقديرنا لم يتمكن البياتي من الخلاص من ارثه المقدس والخروج منه ، على الرغم من تبنيه ارث آخر . كل خطاب .. كل أيديولوجيا لها رموزها ... لها مقدساتها .. البياتي لم يتمكن من حل إشكالية مقدسين متناقضين كل التناقض . هذا الاتمكن ، على المستوى النفسي ، يعد شرخا عميقا في شخصية البياتي . ويعد على المستوى ذاته صراعا يعشعش بين جوانح البياتي . وهذا الصراع هو الذي جعل من الشاعر رجل اغتراب وثورة . يمكن ان يكون البياتي قد قرأ أحد المقدسات في ضوء الآخر ، مثل قراءته لكتاب الطواسين للحلاج على ضوء المنظور الماركسي وجعل من الحلاج والذي تماهى به شاعرنا أبا ً للفقراء ... للجياع .. للمشردين وباختصار أبناء البروليتاريا ....  ضحايا هذا العالم  الذي لا تسوده إلا رياح باردة وثلج  . وكثيرة هي الشواهد التي تعج بها أمثال هذه المفردات . القراءة ليست خلاصا أو خروجا  من مقدس والدخول إلى مقدس آخر . انها صراع لا غير . ضغط المقدس الأول وهيمنة المقدس الثاني . وكل محاولة لتبرير فعل القراءة يعني تعاطف مع ذلك الفعل ... اعني مع فعل القراءة . تبقى الحيرة والانشطار والتبلبل قائمة وحاضرة على المستوى النفسي والجواني . لا يهمني ، على الإطلاق !! ، خطابات الشاعر وبهرجة كلماته .. بل ما يهمني هو الانتماء إلى مقدس واحد لا الالتواء بين مقدسين . من المؤكد ان فقراء الحلاج ليسوا هم بروليتاريا البياتي . هؤلاء شيئ و اؤلئك شيئ آخر . وعلى هذا المستوى ينبغي ان ننظر إلى تجليات كلا المقدسين . لقد درس الناقد ( عزيز السيد جاسم ) الخطاب الشعري عند البياتي وأدرجه ضمن خطاب الالتزام (1) . ويفهم من هذه المفردة ان البياتي شاعر تقدمي ... ثوري .. مؤمنا بقضايا الإنسان المعاصر وهمومه . وفي نفس الوقت يستعرض هذا الدارس الجوانب الصوفية في ذلك الخطاب . ويفسر هو والبياتي التصوف على انه ثورة ، وهو يلتمس رؤى ماركسية لحركة تلك الثورة .  صحيح ان بعض الدارسين ؛ أمثال أستاذنا الدكتور ( علي زيعور ) عقد  مقارنة بين مفهوم البطل وفقا للمنظور الماركسي والديني . وقد استنتج هذا الباحث ان هناك تقاربا بين المنظورين في رسم صورة البطل . وقد أدرجه ضمن مفهوم البطل وفقا للتصور الشيوعي . وفي تقديرنا ، ان لا ضير من ان ننقل هذه المقارنة المذكورة .. لكي تكون لنا دليلا يساعدنا في تحديد الأطر المرجعية المفاهيمية للشاعر والناقد معا . يرسم لنا هذا الباحث صورة البطل في هذين التصورين على النحو الآتي :-

 

          البطل في المنظور الشيوعي                       البطل في المنظور الصوفي                   

 1- المادة في اساس الكون . واليها ،                  1- الله في اساس الخلق والطبيعة            

سبحانها وامتلأ اسمها نعمة ، المرجع                   واليه جل ثنائه المرجع والمآب  

والمآب . المادة اولا ثم "الله " أي الوعي                الله اولا  ثم المادة

اولا  والفكر ثانيا  .

2- ان أكرمكم أعملكم لماركس . اتبعوا                                    

ما تقوله لكم المؤسسات : اطيعوا  .                 2- أكرمكم أتقاكم ، وأكثركم تقربا

                                                           اتبعوا ما تقوله لكم المؤسسات .

                                                           انصهروا في الجماعة . اطيعوا .

3- عقيدتنا هي النور والحياة والطريق         3- الدين هو الخلاص وهو سفينة

انها الخلاص                                             النجاة

4- الجنة في نهاية تطور المجتمعات ،          4- الجنة نعيم أبدي ، خالدون فيها

فيأتي يوم  لا أجر فيه ولا حاجة إلا                 لا حاجة فيها إلا مقضية بمجرد 

ومشبعة .                                                الرغبة .

5- في بداية البشرية تصور للمجتمع             5- كان في بداية البشرية جنة ،

المشاعي ، والعائلة المشاعية ، والملكية          وسعادة تامة وملكية مشتركة

العامة . والى ذلك سنعود ، وعلينا               والى ذلك سنعود ، وعلينا العمل

العمل للوصول .                                    للوصول .

6- للماركسية أنبياء مهّدوا لها ،                6- القطب الصوفي يحيي الدين   ،       

أيضا ً مجددون يحيونها من حين               وللدين أولياؤه  ، ومجدده المئوي .

إلى حين .                                                                                   

7- الماركسية وحدها الحقيقة ، وهي           7- في الدين وحده الحقيقة . وهو

دعوة للبشر كافة ، وحدها تؤمَّن الأمن          عالمي ، موجه للبشر كافة دون

والحماية . ترفض انها نتاج زمن معين         النظر إلى عرق أو طبقة أو عمر 

تدمر لتقيم بناها .                                     أو حضارة .             

8- دعوة كلية ، تشمل الإنسان والمجتمع      8-  ’ينظم كل شيئ في الإنسان

والطبيعة والمستقبل .                                والطبيعة والمستقبل . شمّال

                                                       وشامل وشمولي جميعي وأجمعيني .                             

9- تفسر كل ما ’خلق ، وما لم يوجد بعد .     9- يفسر كل ما خلق الله وما لم يخلق

تبشيرية ، دعائية . تدعو إليها .                    بعد . التبشيرية والدعائية أواليتان 

                                                            أساسيتان . احتكارية للحقيقة  .

10- ’مَمجد هو خالقها ، ونبيها ، ومؤسسها    10- يمجد نبيه ومؤسسه . ويحمل

الذي أخذت اسمه . لا تأمن إلا لمن اتبعها .         الدين اسم صاحبه .               

11- المؤمن يقدس عقيدته ، ويقاتل أعداءها      11- يهيم المؤمن هنا بمجلوبات

ويمنحها روحه ، ويتدَله َّ بها .                          الدين  و’يخضع لأوالية تقديس 

                                                                  كل ما يعود للعقيدة وكبارها .

12- الصراع مع غير المؤمن به ضرورة .          12- الصراع  لا يتوقف مع غير

شيطانها هو البرجوازي ، القومي ، المتدين .           المؤمن . وللدين شيطانه .

المنشقون هو ضالون و’محرفون وأصحاب           وأبالسة . ’محرفون وضالون

بدع .                                                              هم المنشقون .

13- يسعى لإقامة حكم ينفذ العقيدة ويحقق               13- يسعى لإقامة دولة توفر

 اطارتها . وتكون الدولة تلك فضلى ، هادية ،               للمؤمن تحقيق رغباته وفي

مهدية ، مختارة ، والمهيأة لقيادة العالم وتوحيده              جماعة منسجمة مهتدية

في دارها الخاصة .                                                    ومختارة .

14- النقد داخلي فقط او ذاتي ، وضمن النظم           14- النقد تعديل وتطوير

والعقيدة او النظرة المسبقة والمحددة المسار                ضمن النظرة المسبقة

والانطلاق .                                                        والمستنفذة .

15- الحاكم مقيد بنصوصها لكنه كثير                     15- الحاكم مقيد بنصوصها

الصلاحيات .                                                      لفظا لكنه كثير الصلاحيات

 16- العقيدة واحدة ووحيدة ، كافية ونافية                   16- العقيدة واحدة ووحيدة

، تفسر كل شيئ من الذرة حتى المجرة .                   شمالة  نفاذة طويلة عريضة

وهي في مأمن من كل تكذيب . تفكر لنا وعنا                 تطال كل شيئ . ولا

                                                                         يطالها 

قوالبها مسبقة ومطاطة .                                          تغيير جذراني  (2)

 

                                   ****************

  إذن من حق الشاعر ومعه الناقد ان يرى ان هناك علاقة عميقة بين النظرتين . النظرة الماركسية  والنظرة الدينية للعالم . ولكن العجيب ان الناقد كان متحمسا أكثر من الشاعر في تأويل النظرة الماركسية على ضوء النظرة الدينية . وهذا يعني سايكولوجيا ان الناقد كان أكثر تحمسا  لنصرة ذلك التأويل . مما يجعلنا ان نؤمن ان المقدس لا زال يهيمن على كليهما .. اعني الناقد والشاعر معا  . ومع ذلك فأن الناقد لم يشر ، ولو على مستوى المرجعيات إلى كتاب أستاذنا ( زيعور ) وهو الذي استطرد كثيرا في تناوله للمنحى الصوفي في شعر البياتي .   نحن من جانبنا ، نعد هذا التأويل بقية من بقايا أثر المقدس وهيمنته  لدى الشاعر أولا والناقد ثانيا . وهذه الهيمنة ، عندما تكون حاضرة هذا الحضور فإنما تكون دليلا على وجود صراع وشرخ في الذات لم يتمكن الشاعر ومن بعده الناقد من الخلاص منه . الصراع بين نظرتين ... بين بنيتين ، على الرغم من التشابه والتقارب بينهما ، فهما على طرفي نقيض وهما في حالة تطاحن وصراع من اجل فرض خطاب كل منهما على الآخر . الضحية هم هؤلاء الذين لا يتمكنون من تبني نظرة والمضي بها إلى نهايتها . ومنهم شاعرنا الذي سنتناول عينة لا غير، من نصوصه لكي نرى إلى مدى كان للرمز المقدس حضوره وهيمنته على ذات الشاعر ومن ثم  على خطابه الشعري . لا يفوتنا ان نقول ان الناقد حصر رمزية المقدس لدى البياتي بالبطل الصوفي  تقريبا . الرموز المقدسة لا تقف ، في الذاكرة العربية عند هذا البطل فقط .  سنحاول ان نمسح ، ما أمكن ، كل الرموز التي تماهى بها البياتي ، سواءا أكانت تلك الرموز تخفي في جنباتها هموم البياتي واحتراقاته ... أو هو أولها على النحو الذي يشتهيه . وهنا ينبغي ان ندرك مسألة في غاية الخطورة عندما نعالج هذا الجانب .. أعني جانب المقدس ، عند هذا الشاعر أو ذاك ؛ وهي الحلة التي يلبسها هذا الشاعر أو ذاك لهذا الرمز أو ذاك  .. ومن ثم مقارنتها بالرواية التاريخية للرمز . هذه المقارنة من شأنها ان تكشف لنا ثقافة الشاعر وإسقاطاته وميوله ، إعجابا أو نفورا .. حبا أو كراهية وما إلى ذلك من ثنائيات . هذه النقطة تساعدنا على كشف عن ذكاء الشاعر وقدرته على التلاعب في مفردات اللغة ومعطيات التاريخ على حد سواء . و أريد ان أسجل هنا  ... انني لم اجد شاعرا ، إلى هذه اللحظة ، يمتلك حضورا ومساحة في جانب معالجة الرمز المقدس مثلما وجدته عند أدونيس . فمقاربات هذا الشاعر لا تشبهها مقاربات شاعر آخر . لا يكتفي البياتي بمقاربته للرمز العربي المقدس ويبقى في هذه الدائرة . بل يقفز .. إذا جاز لنا قول هذه المفردة  إلى رمز المقدس في الخطاب الآخر . أنه معجب بالأثنين . لا يرد ان يغادر الواحد ويمضي مع الآخر . البياتي يريد ان يمسك بالتفاحتين في يد واحدة ، كما يقول التعبير الدارج . أليس هذا هو المستحيل بعينه . على المستوى الفعلي هذا هو المستحيل بعينه . على المستوى النفسي هو التذبذب والبلبلة والتناقض في المشاعر والمعتقدات ويمتد حتى يشمل السلوك الماثل للآخر . أريد ان اطرح  بعض الأسئلة  على البياتي ما علاقة الشافعي ب( جيفارا ) . قد يفهم البياتي هذه العلاقة أنهما ثائران . هذا في مجال السياسة وذاك في مجال الفقه . وما علاقة ( لارا ) والعذراء الغجرية التي استوقفت ذلك الغجري الشهيد ب ( عائشة ) التي أصبح البياتي من اجلها ومن اجل ( لارا ) مجنونا تائها في صحراء التتر الحمراء !! . ما علاقة الشيخ الأكبر ( محي الدين بن عربي ) الصوفي الكبير ب (كومونة باريس ) وهو المجمع المقدس الأول للثوار الماركسيين الذين أصدورا بيانهم الشيوعي الأول . الجواب على هكذا اسئلة من شأنه ان يكشف جوانب التذبذب والبلبلة النفسية عند البياتي . ما هو المقدس ؟ .  لن نناقش في ما إذا كان مفهوم المقدس إشكالية أم مفهوما قدم له التفسير النهائي من وجهة نظر العلوم الإنسانية عموما  ( 3) . فقط سنكتفي عند التعريف الانثروبولوجي . حيث يفهم مفهوم المقدس sacred على أنه " صفة يطلقها المجتمع على أشياء ، وأماكن وأعمال ، يعتبرها واجبة الاحترام ، فيقيم لها طقوسا دينية لاعتقاده باتصالها بعبادة الإله ، أو الآلهة ، أو المعبودات ، أو القوى فوق الطبيعية ، أو لأنها ترمز إلى القيم الأساسية للمجتمع ، ولذا فهي مصونة من العبث أو التخريب . والمصطلح نقيض مصطلح غير مقدس . ويختلف تصنيف الأشياء ،  والأماكن ، والأعمال إلى مقدس وغير مقدس ، باختلاف الجماعات ، ووفقا لما تتواضع عليه (4) . ومن الممكن ، انطلاقا من هذا التعريف إدراج الشخصيات التي لعبت دورا في البنية الدينية للمجتمعات أيضا ، لأن هذه الشخصيات تعد ، وفقا لهذا المعنى وسيطا بين الجماعة وتلك البنى ؛ مثل النبي والولي والصديق وما إلى ذلك من تسميات يطلقها المجتمع على هذه الشخصية أو تلك . والمهم في هذه الشخصية هو اعتبارها علامة أو شاهد على حضور المقدس بصورة عيانية بين أفراد الجماعة . ولهذا نلاحظ هذا الاهتمام بهذه الشخصيات على شكل طقوس احتفالية بمولدها أو وفاتها لتثبيت رمزيتها في الذاكرة الجمعية . وتعد هذه الطقوس بمثابة إلزام أخلاقي إزاء القيم التي توحي بها الشخصية من قبل أفراد الجماعة . والبياتي أو غيره ، عندما يعيد كتابة سيرة لهذا الولي أو ذاك  على شكل نص شعري فأنه يعبر عن إلزامه لهذا الولي وامتصاصه لقيمه ومنظوراته مما يعني رسوخها وثبوتها ، في وجدانه أو في لا وعيه . وتكرار هذا الرمز أو ذاك يدل على شدة ذلك الثبوت وجموده وتصلبه . ويتمكن الدارس بالملاحظة الدقيقة  ان يتعرف على مدى ذلك التكرار . ولنأخذ ؛ مثلا الرسائل التي بعث بها إلى الأمام الشافعي ، لكي نرصد صورة هذا الأمام كما يتخيلها البياتي . يقول الشاعر في الرسالة الأولى :-

 

قوارب الصيد وبرتقالة الشمس على الأمواج

 

محفورة بالنار

 

وطائر من ذهب يغمس في الموج جناحيه ويهوي ميتا ً

 

                                 عبر رمال الشاطئ الحمراء

وطرق موحشة للبؤس فيها مدن تهيم في الليل غراما ً

 

                             ومن الحب نهارا ترتدي قناع

 

تستر عريها وتبكي في انتظار الليل والنهار

 

وقفت’ في أبوابها ملتاع

 

قال دليلي : انها مدائن الإبداع

 

فخذ مفاتيحك َ وافتح كل باب وانتظر في آخر الابواب

 

ولنغتصب بوردة الحب نهار العالم النائم في الأعماق

 

و لا تبح بالسر ، فاليراض في " شيراز "

 

مغسولة باللازورد  ودم  العشاق

 

والفجر في أعماقها في عتمة الاوراق

 

قال دليلي ، واختفى بين كنوز مدن تذبل ’

 

   في الشمس وصوت العاشق الفقير  في

 

                                  الصحراء

 

لكنني عرفت أسماء النجوم ورحيل البحر في قوارب الصيد

 

                                                      وأبجدية الضياع    

 

ولغة المطر

 

وأربعاء النار والرماد

 

وصرخة العاشق في وحدته مستنجدا ً  بقوة الأشياء

 

                                                  ( ديوان البياتي ، مجلد 3 ، ص 59- 61 )

 

تلك هي الرسالة الأولى التي بثها البياتي إلى الأمام الشافعي . والشافعي كما يرسمه البياتي في الشطر الثالث من القصيدة على انه طائر من ذهب !! . ومن المؤكد ، كما يبدو لنا ، ان صورة الذهب لا توحي بالمعنى المباشر للذهب . انه رمز من لقيمة الشافعي في الذاكرة العربية ، كونه صاحب قراءة للنص الديني . والشافعي يطير بين عدد من القارب التي تريد ان تصطاد برتقالة الشمس .. هي الحقيقة الكامنة والمحتجبة في ما وراء النص . الشافعي هو وحده ذلك الطائر الذي حظي بهذه الجوهرة .. جوهرة المعنى . الجوهرة يحيط  بها الموج المتلاطم  اعني القراءات التي لم تستطع اكتشاف كنه هذه الجوهرة . هنا يبرز سؤال هل هو إعجاب من قبل البياتي لفقه هذا الإمام وبالتالي بشخصيته وأسلوب تفكيره في تناول الأمور ؟؟ . كل القرائن تدل على ان البياتي يريد ان يصور لنا الشافعي على انه صاحب قضية . علاقته بواقعه وإيديولوجيته وصراعاته مع ذلك الواقع .. مثله مثل البياتي يحمل هما هو تغيير الواقع . وبناء ارض جديدة هي " شيراز " المدينة الفاضلة للشاعر . لا ادري ما علاقة البياتي بمدينة " شيراز " ؟؟ . شيراز مدينة يتكرر ذكرها  عند البياتي في أكثر من موضع . هي عنوان لمجموعة شعرية تسمى " قمر شيراز " . كان من المفروض ان يتجول البياتي في مدينة الشافعي التي حاول بنائها هو أو كما تخيلها البياتي . لقد نسي البياتي نفسه وراح يزور أو يتجول في رياض " شيراز " فوصفها على النحو الذي رأيناه .. فهي مغسولة باللازورد .. ذلك الحجر الكريم الذي يأتى به من مدينة " نيسابور " والذي يستخدم ،إذا سحق ، لأمراض العين ( 5) . فهو حجر له أهميته . فهو بهذا المعنى وسيلة  للتطهير وللتقديس معا .  فمدينة " شيراز " إذن مدينة مقدسة . علينا ان نتذكر ان الدليل الذي كان يمشي مع البياتي في أزقة هذه المدينة قال له :

 

و لا تبح بالسر          

 

                                                ***************

هذا يعني ان هذه المدينة لا تشبه المدن الأخرى . فهي إذن المدينة العجيبة .. مدينة الأحلام التي حلم بها الإنسان منذ فجر التاريخ . ولم يعثر عليها بعد . وبماذا كان أيضا مغسولة ؟ انها مغسولة بدم العشاق .. ضحايا الحب . ضحايا هذه الحضارة التي لا تفهم  عشق البياتي على وجه الخصوص .. لذلك فهو ضائع وتائه في صحرائها . لقد اختفى ذلك الدليل وصار البياتي وحيدا يجابه القدر مستنجدا بقوة الأشياء . هذا الحزن هو الذي خيم على سطور الرسالة الأولى . لنقرأ إذن الرسالة الثانية . يقول البياتي فيها :-

 

قهرت – في شبابه – الجسد

 

لكنه كان كنهر ٍ هائج مأسور

 

حطم في اندفاعه السدود والجسور

 

                                                 ( المصدر السابق ، ص 62 )

 

                                        ******************

 

سواء أكان هذا الجسد المقهور للبياتي أو للشافعي ، فهناك تماهي الأول بالثاني . وثانيا هناك رمزية لفعل التسامي لغرائز الجنس لحساب القضية . القضية عند الشافعي هي بناء مجتمع قائم على قراءته للنص المقدس . بينما القضية عند البياتي هي بناء المدينة الشيوعية . شتان ما بين المدينتين !!!! . لكن النتيجة من هذا القهر هو الانفجار والتمرد والثورة . هنا   اتفاق بين  الاثنين . وهذه هي نقطة الشبه بينهما ومن دواعي التماهي لدى البياتي . نقرأ في الرسالة الثالثة :-

 

متيم قلبي بكل شيئ

 

بجسد الوردة ، باللحم الطري الحْي

 

بالموت والبحر وروح الليل

 

ومعجزات الفجر

 

                                                    ( المصدر السابق ، ص 63 )

 

                                    *******************

هنا امتداد لذلك الانفجار الذي جاء بعد قهر طويل . هنا كشف عن حقيقة الخفايا البياتية . هنا شره جنسي ونهم لا ينتهي . العاشق المسكين لا يعرف كيف يصّرف حاجاته و لا إلى أين يتجه  بها . نعتقد ان في هذا الإحساس نوع السلوك الاندفاعي المهووس الذي لا يعرف الرضا أو الإشباع أو الهدف . هو ضحية حيرة في السلوك والرغبات والحاجات .  هل استنتج البياتي ، من سيرة الشافعي مثلا ان له نفس ما لديه هو فبث بهذه الرسالة ليشكو له حاله وأحزانه . نقرأ الرسالة الرابعة ، فيقول :-

 

يطن قلبي في قفير النحل

 

                                             ( المصدر السابق ، ص 63 )

 

                             *****************

نعتقد ان هذه إشارة للشرود الأفكار وتطاير الرغبات . فالطنين هو إيقاع غير واضح ومبهم وغامض . قد يكون البياتي قد استعاره للتعبير عن انحباس الصوت والبحة أو الخرس الذي عانى منه بسبب الملاحقة والرقابة وعدم القدرة على التعبير بما يؤمن . فتحول هذا الانفعال إلى طنين والذي يعد محاولة للالتفات على الذات . يقول البياتي في الرسالة الخامسة معبرا عن محنته التي لم يخرج بالنتيجة التي يحلم بها وهو يتجول في مدائن الشافعي . لنصغ إليه وهو يقول :-

 

صرخت’ في منازل مقفرة دارت بها الرياح

 

أكلت برتقالة الشمس وفي دمي توضأت’

 

                          وصليت’ إلى الصحراء

 

عمود  نور  لاح  لي  وواحة خضراء

 

يرتع في قيعانها سرب من الظباء

 

وعندما قوّقت  سهمي كي أَصيب مقتلا منها ومن بقية الاشباح

 

توارت الواحة والظباء في السراب

 

وارتفع النور إلى السماء

 

واكتنفتني ظلمة وصاح بي صوت من القيعان

 

أتيت َ قبل موعد الوليمة

 

تنتظر الموت لكي تموت

 

فعـد’ إلى رياض " شيراز " وبوابات مستحيلها

 

                                    وانتظر المكتوب

 

وسقطت دمعة انسان من الافق  على وجهي

 

                          وغطت مشهد الغروب

 

وكلمات الصائح المجهول .

 

والتمعت كنوز ليل العالم – النجوم

 

تكتب أسماء العصافير على لوح من الطين وسنديانة عجوز

 

تواجه الصحراء والبحر وتبكي كلما مر بها العشاق

 

                                                         في أزمنة السقوط

 

هززتها ، فسقطت أوراقها وغمرت مشارف الصحراء بالرموز

 

: زخارف وكلمات ودم ونور

 

تحرث أرضا ً سحقت جبينها : مجاعة السنين

 

والمطر العقيم

 

                                              ( المصدر السابق ، ص 64-66 )

 

                                 ********************

ماذا يستطيع الدارس ان يخرج من هذه اللوحة ؟ . هي مزيج من الأدب الرؤيوي في بعض الديانات والأدب الفلكلوري وخيال الشاعر المحض . فمثلا التوضأ بالدم إشارة إلى صلاة الحلاج وهو يقطع . والصلاة إلى الصحراء دلالة ، في تقديرنا ، على الشعور بالتيه الذي يستبد بالشاعر . ليس هناك أفق له . يصلي ويسمع صدى الصلاة يعود إليه من جديد . ليس هناك من يسمع !!! . هناك تجليات للشاعر . عمود النور الذي يشير إلى الهداية الكونية .. والواحة الخضراء رمز إلى المدينة الفاضلة التي يرنو إليها الشاعر . الضباء . مؤكد انه له علاقة بالنساء الجميلات في تلك المدينة . فهي رمز لهن . الشاعر يقارن بين هذه الصور التي تجلت له وبين ما في مدينة " شيراز " المتخيلة من قبله . ولكن الشاعر ، على الرغم من هذا الجو العجيب الذي دخل في رحابه ، كان من الملعونين . يا للأسف فالأبواب موصدة بوجهه لأنه قد أتى قبل موعد الوليمة . فلا يحق له الدخول إلى ملذاتها واطيابها . سوف يهزز الشاعر ما رآه من أشياء وجنان ورياض ونساء . الهززة هنا فعل للتحقيق والفحص . وإذا بكل ما رآه هو سراب ووهم وصحراء .. حتى مطرها عقيم لا ينفع للزرع . أريد السؤال ما علاقة كل هذه الصور بشخصية الأمام الشافعي ؟؟؟  . سوف يكرر البياتي الصوت الذي منعه من الدخول إلى الواحة الخضراء لأنه جاء قبل موعد الوليمة . يقول الشاعر وذلك في الرسالة السادسة :-

أتيت قبل موعد الوليمة

 

وبعد أن تفرق الضيوف      

 

                                               ( المصدر السابق ، ص 66 )

 

                                 *****************

وهنا إحساس عميق بالرفض وهذا ما يؤدي إلى الإحساس بالدونية والتقليل من شأن الذات . وهنا أيضا إحساس بالاغتراب وانه ليس من الضيوف . مهما يكن فالصورة واضحة لا تتطلب تأويل عميق . لنرى ماذا حل بالبياتي بعد هذا الرفض والتهميش وسوء الحظ . نقرأ في الرسالة السابعة :-

 

شطرت برتقالة الشمس إلى نصفين

 

وهبت نصفها غراب البين

 

ونصفها الآخر ألقيت به في البحر

 

فاشتعل البحر ولكن حبيبي لم  َيعـد ، لنجمع النصفين

 

                                   

                                                   ( المصدر السابق ، ص 67 )

 

                               ****************

 

الصورة واضحة كذلك لليأس والإحباط الذي استبد بالشاعر . غراب البين دلالة إلى الحظ العاثر . وبقي للشاعر نصف آخر لا فائدة  منه فما كان منه إن ألقاه في البحر . وهذه إشارة أخرى للقنوط واليأس . والرسالة الثامنة صورة  جلية للنكوص إلى المقدس عند الشاعر . وكأني به نسي طموحه الثوري ورسالته البروليتارية التي عانى من أجلها كل هذا الرفض والتهميش . يقول البياتي في نص الرسالة :-

 

قبلت’ شباك " الحسين " وغسلت الحجر الأسود بالدموع

 

نضوت في مواكب  العزاء

 

طفولتي مستنجدا ً بقوة الأشياء

 

بفقراء الأرض ْ

 

ومعجزات  الفجر

 

تهدل  النور على الرياض في " شيراز "

 

وفتحت أبوابها ورفرفت فراشة زرقاء

 

تطير فوق سورها وفوق العاشق الفقير

 

صحا لكي يتبعها ، لكنها اختفت وراء السور

 

تاركة وراءها خيط دم يمتد في خمائل الاصيل

 

ناديتها :

 

               عائشة !

                        عائشة ! لكنها لم تسمع النداء

 

ولم تر العاشق في جحيمه  يزحف نحو النار

 

منتظرا ً في آخر الابواب

 

                                          ( المصدر السابق ، ص 68-69 )

 

                                  *********************

 

أي إشارة واضحة  للنكوص  نحو المقدس هذه  والتي نراها عند البياتي ؟ !  على الرغم من إيمانه بمعجزات الفجر الذي ينتظره . الفجر السعيد لأبناء البروليتاريا .. فقراء الأرض . لا ادري كيف يسمي البياتي الفراشة والتي ترمز إلى البشارة السعيدة عنده .. اعني الثورة التي يحلم بها هو وكل فقراء الأرض ... بعائشة . هل عائشة التاريخ ، عند البياتي ، رمز للثورة والتمرد ضد الطغيان الرأسمالي مثلا .. ؟؟؟؟!! . وكم هي واضحة الإشارة إلى عبارته التي يقول فيها " قبلت شباك الحسين .... " هذا نكوص واضح إلى المقدس عند البياتي . و يحلم البياتي مرة أخرى ب " بشيراز " المدينة  الفاضلة  عند البياتي وهي مفتوحة الابواب . الأ ان هناك أيضا خيبة أمل كبرى يعيشها الشاعر . ف "عائشة " التي طال انتظار الشاعر لها لم تسمع النداء ولم تر العاشق وهو في جحيمه يزحف نحو النار . يا لشقائك أيها الرجل التعيس . كم تعذبت في سبيل سماع صوتها ... وها هي الآن تمضي من دون سماع صرخاتك الحزينة إليها . يعود البياتي أدراجه وهو يتكأ على أحزانه وخطواته العاثرة محموما عاد إلى بابل . يقول في الرسالة التاسعة :-

 

" رحلتنا تمت " دليلي قال : " فالاسكندر الكبير

 

غزا بلاد فارس والهند

 

لكنه لم يجد الينبوع

 

فعاد محموما إلى بابل كي يموت

 

أصابه مس من السحر على تخوم هذا العالم المسحور "

 

قال دليلي وبكى وخضلت لحيته الدموع

 

وسقطت فوق زهور الأرض

 

فأصبحت حمراء َ ، قال : " انها علامة القيامة "

 

" وشارة الامامة "      

 

                                                   ( المصدر السابق ، ص 70-71 )

 

                                      *******************

ها هو ، البياتي ، يرسم ، لنا ، نهاية الرحلة ؛ وعلى وجه التحديد رحلته هو في أزقة هذه المدن الواقعية ، ولكن ذات البعد الأسطوري التي أحاطتها بعد ذلك . والبياتي ، هنا ، يعيش ، أزمة العالم السحري ؛ فهو مفتون بهذا العالم . ونعتقد ، سايكولوجيا ، ان هذه الفتنة ، هي دالة الهرب إلى عالم غرائبي نتيجة الفشل في تحقيق ما ينشده في بناء الفردوس الأرضي الأحمر . ان لحية الدليل قد خضلت بالدموع وسقطت فوق زهور الأرض فأصبحت حمراء . و لا داعي إلى التكرار في أهمية رمزية اللون الأحمر عند البياتي . ان صيرورة الزهور حمراء ، يعني الدخول في عصر الخطاب الأحمر ، ولكن ما علاقة هذا العصر بيوم القيامة !!!؟؟؟ . وأيضا ما علاقة ذلك كله ب( شارة الامامة ) . هذا يقود الناقد إلى استنتاج مفاده ، ان الشاعر ، ينقل لنا ، هنا لا وعيه  الجمعي وارثه العقائدي في ما يخص صاحب الزمان ، أعني  ظهور المهدي المنتظر في نهاية الزمان واستلامة شارة الامامة لملء الأرض قسطا وعدلا . الصورة واضحة لا تحتاج إلى تقويل  أو تأويل مغرق في التجريد للوصول إلى هذا الاستنتاج . وهذا يعني ، من ثم ، ان البياتي لا يزال يرزح تحت هيمنة المقدس بشكل صارخ بحيث كيف الخطاب الماركسي لمنطوقات الخطاب الديني الذي يستلهمه البياتي هنا ، خصوصا ، وانه يربط هذه المنطوقات بنهاية رحلة الشاعر التي تمثل ، رحلة في البحث عن الحقيقة في مختلف الخطابات التي ظهرت في حضارات متبعادة في الزمان والمكان .  الرمز الآخر والمهم الذي يتمحور حوله البياتي وفي اكثر من موضع هو عائشة . وفي المنظور الإسلامي ؛ عائشة تعتبر أم المؤمنين في هذه الأمة . والبياتي عندما  يبحث عن عائشة ، فهو كمن يبحث عن رمز هذه الأمة . وهو لا يبحث عنها بحث الرجل المتعطش إلى المعرفة .. بل بحث الإنسان المتعطش الى الحب .. وكأني به قد ظمأ من فرط التجوال والبحث والسؤال والاغتراب ، ولم يجد في رموز العالم الدنيوية والمقدسة ما يروي ذلك الظمأ ، فعاد القهقرى إلى ذلك الرمز المقدس في لا وعيه الجمعي .

في مجموعته المعنونة " قصائد حب  على بوابات العالم السبع " نراه يعود إلى تمرده على هذا الواقع وأمنيته بأن يكون مخلصا للعالم !! . يقول في النص الخامس من الديوان :-

قدمت’ أوراق انتسابي لرسول الرب     }     هوية الرسول مجهولة

 

وقوميسار الشعب

 

من أجل تشرق شمس الله

 

على الغد المسكون بالخوف والأشباح

 

لكنه سلمني لغرف التعذيب والسجون والبوليس

 

والنفي والتشريد

 

فالعملة الرديئة

 

قد طردت في مدن الأزمنة الحديثة

 

العملة الجيدة الجديدة

 

وعور " روما " طردوا أشرافها وطردوا الثوار والعشاق

 

ونصبوا الأحذية المثقوبة

والرمم الصلعاء والأبواق .

 

                                          ( الديوان ، 84-85 )

 

                                      *******************

إذن هذا هو الواقع الذي يرسمه لنا البياتي ويرفضه في آن واحد . نرى في المقطع السابع صورة يرسمها لنا البياتي عن نفسه . فيقول :-

 

أحمل كل ليلة من جبل " القفقاس " هذي النار

 

أصرخ بالابواق

 

ومدعي الثورات

 

في الوطن الغارق في البؤس من المحيط للخليج

 

والنوم والصلاة " :

 

أسعد حالا هذه الدواب

 

وهذه الطبيعة الصامتة الخرساء

 

من فقراء المدن المرضى ومن حثالة الاموات في الارياف

 

لكنني أ’صلب عند مطلع الفجر على الاسوار

 

                                                       ( الديوان ، 87-88 )

 

                                ******************

نرى ان هناك خلطا في التفكير والتوجهات في هذه الصور الشعرية عند البياتي . فتارة نراه يندمج بواحد من الأولياء مثل الشافعي أو متصوفة مثل الحلاج أو محي الدين أو عائشة  والنصوص كثيرة مبثوثة هنا وهناك في الديوان . و لا أريد الوقوف عنده جميعا وبشكل مفصل حتى لا أقع في دائرة الملل والتكرار . والصورة التي يمكننا استخلاصها هو البياتي منشطر التوجه في عقائده وتوجهاته المعرفية ، فعندما يحصل على ما يريد يكون مناضلا ثوريا يريد ان يغير العالم وفق منطوق خطابه .. وعندما يفشل في هذه المهمة ينكص إلى مقدسات لا وعيه الجمعي ورموزه .. عله يجد بعض العزاء لما واجهه من فشل وإخفاق .

 

الهوامش :-        

1- جاسم ، عزيز السيد ، 1990 ، الالتزام والتصوف في شعر عبد الوهاب البياتي ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، العراق ، ص 225 وما بعدها .

2- د. زيعور ، علي ، 1982 ، قطاع البطولة والنرجسية في الذات العربية ، دار الطليعة ، بيروت ، لبنان ، ط 1 ، ص 77- 79 . 

3- د. طوالبي ، نور الدين ، 1988 ، في إشكالية المقدس ،  ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ،  ط 1 ، المقدمة على وجه الخصوص .

4- د . سليم ، شاكر مصطفى ، 1981 ، قاموس الانثروبولوجيا ، جامعة الكويت ، ط1 ، 873 .

5- شبل ، مالك ، 2000 ، معجم الرموز الإسلامية ، دار الجيل ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، ص 13 .

  

e-mail:-shawqiyusif@yahoo.com                                         

e-mail:-shawqiyusif@hotmail.com                                       

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا