![]() |
شعر مترجم |
صادق الصائغ ،، في قصائد
الحب والوطن
خلاصٌ من وحدة تفترس
الغصنَ اليابس
ندوة -
هونج كونج
حوار:
وفاء عبدالرزاق - العراق
صادق الصائغ أحد أبرز
شعراء الستينات ، سيصدر له عن دار المدى اربعة دواوين مجموعة في اصدار واحد تحت
عنوان( أعمال شعرية ) والدواوين هي " انا التراب" حجر يبكي" قصائد الحب" قصائد
الوحدة" بالإضافة الى " نشيد الكركدن ، وطن للروح ، و حيث هو القلب" ويمتد صادق
الصائغ الذي اشتهر بشاعر " نشيد الكركدن" ديوانه الاول ، يمتد الى المسرح والسينما
والتشكيل والخط والنقد المسرحي ومساحات أخرىما تزال اجراسها تطرق الذاكرة. نصه "
الملك والسائق" المقتبس عن بريشت والذي حاز على جائزة مهرجان " دمشق المسرحي عام
73" مازال في نظر المسرحيين احدى العتبات الرئيسة في المسرح ، و" برنامجه الثاني"
في التلفزيون الذي أمر الرئيس السابق "احمد حسن البكر" باغلاقه لأنه لا يحمل نفَساً
بعثيا كما قال ، يعتبر فاتحة تجديد وحداثة في عالم الكتابة التلفزيونية . أما في
السينما فله سيناريو" المنعطف"وأفلام وثائقية كتبها للتلفزيون التشيكي منها " مفتاح
للوطن" و " صهيونية عادية" وكلاهما مقاربات لتجربته في ساحة المقاومة
الفلسطينية يوم كان لاجئاً الى بيروت . وعبوراً الى محاولاته في تجديد الخط العربي
ونقله الى عالم الحداثة فان معارضه في أكثر من بلد أوربي أُعتبرت لقاحات كثّرت على
يد آخرين، وتخرج على يده جيل من الخطاطين اجتذبتهم مدرسته الفريدة.
صادق الصائغ بروحه التي
لاتهدأ خطا عتبة وزارة الثقافة ليعمل مستشاراً ثقافياً ، ألا يحق لنا ان نقول :
الرجل الصحيح في المكان الصحيح؟
كان يرى بغداد تحت الماء
، وكان محموماً في النشوة ، في هذا الحوار نتصفح نشوته ونرى بغداده الحقيقية.
س - المشروع الثقافي عبر
تسارع الأحداث مازال كما يبدو محاصراًباشتراطات السياسة ولحد الآن لا يبين في الأفق
مشروع ثقافي يرفع الحاجز ، لقد عملتم كمستشار ثقافي هل ترون ان هناك امكانية لقيام
مثل هذا الأمل؟
ج – هذا سؤال يحمل طموح
دولة مستقرة وثابتة، وحسب علمي لم يكتمل بعد تشكيل مفهوم نظري حول هذا الموضوع ،
ولا يوجد لحد الآن" اعتماد متبادل" بين الدولة والمثقفين اضافة الى عدم تشكيل جسم
ثقافي مدني يكون وسيطاً بين الدولة وبين الجمهور ، وللأسف لم تتم الاستفادة من
الطاقات التحشيدية التي تبلورت بعد سقوط النظام والتي تبدو الآن فاترة . المشروع
الثقافي كما تقولين كان دائما محاصراً باشتراطات السياسة ولهذا السب انتجت العقود
السابقة ثقافة فجة تؤله العنصرية والحروب . الآن ينتج تعقيد إضافي يشترط نظام
محاصصة يجعل السياسي محاصراً هو الآخر بنظام مركب تقتسمه العشيرة والطائفة والعائلة
والعِرق وأشكال أخرى من العصبيات القائمة .
هل يوجد أمل ؟ نعم أنا
متفائل وهذا الأمل يتمثل بشكل عام وخاص في كسر الاحتكار الثقافي لصالح الدولة ، مما
يعني كسر نظام تبعية الثقافة للسياسة ، وطبعا يتطلب مثل هذا المشروع مجهودا وكلفة
ومنناً وفي الوقت الحالي يجري التركيز على الأرهاب باعتباره تناقضاً أساسياً وهذا
متفق عليه ، لكن لا يجب طمس المشروع الثقافي بهذه الحجة فهذا المشروع هو المولد
الحقيقي لديمقراطية لا تقتصر على السطح السياسي فقط بل على سطوح أخرى منها
الاجتماعية والاقتصادية والفكرية . ليست الد يمقراطية مجرد آلية اجرائية أي ليست
ضوء يُستحضربمجرد وضع الاصبع على زر الكهرباء ، انها عملية معقدة تقتضي توفير ظروف
مادية وفكريةعلى الأرض ولها زمن يمتد من زرع البذرة حتى حصاد ثمارها ، والبذرة هنا
تأخذ شكل" البيئة الثقافية" وبالتالي فان الديمقراطية لا تتحرك الا بحجم الطاقة
الثقافية والمخزونة في الوجدان الجمعي لأي بلد.
س - لكن مثل هذا الدور
لعبته سابقاالأحزاب التي كانت في المعارضة وبعضها الآن في الحكومة ، فلماذا لا
نتلمس تغييراً يوازي ما اسميته انت الطاقة التحشيدية أو الطموح الذي تقول عليه دولة
في مرحلة التأسيس الديمقراطي ؟
ج – أوافق على ان الأحزاب
الوطنية لعبت مثل هذا الدور في السابق ، لكنه كان دوراً ناقصاً ، مشروعها الأساسي
كان اسقاط النظام ، دون ان يتعدى ذلك الى تأسيس ثقافة من موقع ديمقراطي ، وخلال
تاريخ الاحزاب السياسية وأغلبها ايدلوجية لم يظهر الا في الفترة الأخيرة من يطالب
بديمقراطية بنيوية تصلح لتنفس الآخرين بقدر ماتصلح لتتنفسه هو نفسه .
س – وعلى ماذا يراهن صادق
الصائغ لانتاج مثل هكذا ديمقراطية ؟
ج - أراهن على تأصيل
الثقافة في المستويات التي تديرها الحكومة ، أي المدرسة والجامعة وكل الهياكل
التعليمية والثقافية العليا ، وهذا يقتضي اعادة النظر في مسألة الأمية التي زرعها
النظام السابق عبر عقود أربعة .
أراهن كذلك في مستويات
أخرى على انتلجسنيا تتعامل مع الدولة من موقع مستقل وتتداخل مع ما هو سياسي
من موقع المشاركة لا
الصدام . وأراهن كذلك على نخب مدنية تنشأ من صلب النسيج الاجتماعي وتكون حاملة
ووسيطة بين الدولة وعموم المجتمع وتعتمد على المعونات التي توفرها لها هياكل
الاقتصاد الوطني وليس الدولة . وأراهن كذلك على أطروحة اطفاء التناقض المصطنع بين
العلم والدين وعلى اداء عقلاني يتجنب الاصطدام بالنصوص المقدسة . كما اراهن على
تطور فكر ديمقراطي يُغلب ابستمولوجية الثقافة على ايديولوجيتها او عقيدتها الراهنة
. هذا جزء مما اراهن عليه وساسترسل اذا طلبت ذلك .
س – لم تذكر للمرأة دورا
ً ، فهل ....؟
حديثي بالطبع يشمل
المرأة ايضاً باعتبارها نصف المجتمع ، وقد تقصدت الاشارة الى دور اجتماعي يشمل
الجنسين وليس دورا ً بايولوجياً يسيّد جنساً على آخر . وللأسف مازلنا نعيش
ثنائية عالم علني يسيّد الرجل وآخر سراني وغامض يمنعها من التعرف على ذاتها
ويجبرها على التواجد في الهامش الاجتماعي مختزلا دورها بالعناية المنزلية او
الزواج . وبسبب من تراكم تاريخي لمثل هذه الثقافة فقد صدّقت المرأة الصورة
التي رسمها لها الرجل فاستعارت ذكوريته لتتساوى معه في اضطهاد جنسها .
ولا يمكن القول على صعيد
الأدب ان المرأة خلقت نصّها الخاص الا في حالات نادرة .
س - اليس هذا بعض اجحاف ؟
ج - اعترف بما حققته
المرأة من انجازات لكنها الآن في نكوص . لقد أُعطيت 25 بالمئة من المقاعد التمثيلية
واعتبر البعض هذا " منّة" على المرأة ان تعتمد على نفسها وباسناد من الرجل لتحصل
على حقوقها كاملة ؟
س – يتداعى في الذهن عند
ذكر قصائد الحب نموذجان " عمر ابن ابي ربيعة ونزار قباني" فأي التداعيات تتداخل عند
الحاقها بقصائد الوحدة ، وهل لهذه القصائد منطلق مختلف عن النموذج الأول ؟
ج - النموذج الذي ذكرته
لا يتحدث عن الحب الا على مستوى ظاهري ومن منطلق ايروتيكي او قريب من الايروتيكية ،
الرجل في هذه القصائد على اعجابي بها يكتب عن نفسه وعن مزايا ذكوريته وليس وجود
المرأة في مثل هذه النصوص الا مرآة ينعكس عليها غروره و نرجسيته ومصلحته ، وهذا ما
يجعل المرأة مجرد شي
تتحقق عبره" دونجوانية"
كارتونية ، وبالتالي ، فان جعل المرأة موضوعا للذة الرجل ولهوه ينفي وجودها
الاجتماعي . نساء من مثل هذا النوع يمثلن دمى انثوية مستسلمة ، وهن من جانبهن
يستمرئن هذا الموضوع معتقدات ان هذا يضعهن في موضع المعبودات وربما الآلهة ، واذا
كان هناك اي احتمال لوجود مثل هذا التاويل عند البعض فلا بد من القول انه غير موجود
في تصوري على الاقل انهن آلهات امتاع ولهو فحسب او انهن آلهات يتنقلن من مخدع الى
آخر .
س – اذن الى ماذا ترى
رؤيتك او قصائدك اذا ما توخينا امتلاك تصوّر آخر ؟
ج – أعتقد ان هذا ما يجب
ان يستنتجه ناقد أو قارئي من مستويات النص الفنية والفلسفية ، وقد يكون لي الحق في
اشارات اولية تفيد بأني اكتب عن المرأة باعتبارها كائناً اجتماعيا لا بايولوجياً
فحسب ، كما ان تجربة الحب التي تتقصى جدلية الحياة والموت ومحاولة الانصهار بالآخر
هي تجربة وحدة ايضاً .
س - هذا يعني ان الحب
يعني الوحدة، ما السر الذي في داخلك ؟
ج – عندما نصف او توصف
اغانينا بانها حزينة فذلك لأنها مسكونة بالوحدة وبشكل عام فان الانسان لا يتحمل
وحدته في حالة الهجران او في الحالة التي يظن ان لا احد يستطيع انقاذه . ولدى تعميق
هذا المعنى البسيط الى مستوى فلسفي فان الولادة والموت تجربتان في الوحدة وفي
الحالتين يعيشها وحيدا . والعراقي الذي وصف حياته بانها المسافة القصيرة " من رحم
امه الى القبر" كان يعبّر بمفهوم خاص عن ازمة وحدته . ان حياته درساً يومياً في
الموت والوحدة على اغلب المستويات . اما الشاعر وهو مخلوق ذو حواس مضاعفة فانه
يلتقط هذه اللعبة القاسية بطريقته ، الموت يعني الانبعاث ، يعني خلق فنتازيا لحياة
جديدة ، يعني محو الضدين( الموت والولادة) او صهرهما في عالم واحد ولدى الانسان
الغريزي تتحقق هذه العملية بالانصهار بالجنس حيث يكون الانسان في اكمل حالاته ، اما
لدى الشاعر الانسان( لا اعني من يكتب الشعر فقط) فالحياة الاكمل تصنع بالشعر ،
بالفنتازيا ، بالحب ، بالرغبة العنيفة في الاتحاد بالآخر والغاء الفرق بين الحياة
والموت. اظن ان عالم الوحدة الموجود في قصائدي ليس عالماً بسيطاً انه آهل بالحياة ،
عالم مركب لذا تستطيعين القول انني عندما اكتب عن الموت فانا اكتب عن الحياة في
وجهها الآخر ، يعني انني موجود في حالتي الانبعاث والزوال معا ، اي في اكثر من حياة
واحدة .
س – اذن ما تكون قصائدك
اذا ما توخينا المقارنة؟
ج – هذا ما يجب ان يكتشفه
الناقد والقارىء وبمعزل عن اية مقارنة اقول ان قصائدي حتى في حالة الحب مسكونة
بجدلية الانصهار بالآخر ، بالحياة والموت معاً ثم اني اكتب عن المرأة باعتبارها
كائنا اجتماعيا وليس كما لُقنتُ عنها من تصورات وهذا فرق آخر ، فرق جوهري بالطبع ،
وباختصار فان محاولتي تقدم بعض اجابات عن اسئلة الحب عبر تجربة خاصة وعامة ، وليس
انتقالا من مخدع الى آخر .
س – اين صادق الصائغ في
فراقين ، فراق بغداد وفراق لندن ؟
ج – لا ادري من قال ان
الحداثة هي حالة اعدام للزمن الجغرافي ، من جانبي اضيف : انها احياء لزمن روحي
. الحركة بين لندن وبغداد تمثل فعلا مزدوجا يحتوي على تواصل واعتكاف ، نجاة والم ،
شفاء وفراق ، عافية وتحرراً من سجن الزمن . ليس موضع البر ابداً براً، ولا موضع
البحر ابدا بحراً ، كما يقول المسعودي امام المؤرخين .
س – وهل يعني هذا تماهيا
بين الوطن وغيره؟
لا اعتقد فالوطن هو
العافية الاكمل وهو الخلاص الاخير من وحدة تفترس الغصن اليابس وفي النهاية فانا
على رأي المثل القائل :
بكل تداوينا فلم يُشفَ ما
بنا
على ان ترب الدار خيرٌ من
البعدِ
س – وما هي اكثر اللحظات
سعادة في حياتك كشاعر ؟
ج – هي اللحظة التي امتلك
فيها سلطة مطلقة على القصيدة ، فاحس انها مكتملة مئة بالمئة واني طوّعتها لغةً
واسلوباً .
في لحظة مثل هذه يفارقني
القلق ولا تعود الحيرة قادرة على تدمير قدرتي على الاستمرار .
س – اي الالهامين اقوى ،
المرأة ام القصيدة ؟
ج – الاثنان معا
س – واذا اُلزمتَ باختيار
واحدة ؟
ج – سالتزم بالقصيدة طبعا
ربما لانها الهام الهي لايقدر على انجازه البشر ، ولأنها اللحظة الوحيدة الصادقة في
حياة تفسدها الشكوك والمصالح والاوهام وعدم اليقين .
س – وهل حدث ان امسكت
بهذه اللحظة؟
ج – لا بد فحياة الشاعر
هي محاولات للامساك بهذه اللحظة ، واعتقد إنه لو امتلكها لكف عن الكتابة . وهذه كما
يبدو كانت مشكلة سيزيف وجلجامش معاً . وقبلي قال" ريلكة " :
وكل ما امد له يدي
يهجرني ويغيب
س – الا تكون سعيدا بنقد
يمتدحك ؟
ج – ليس اي نقد ، الامر
يعتمد على عمق معرفة الناقد بطبيعة الشعر وبشكل عام انا حذر من المديح وافضل الناقد
الذي منه يتعلم الشاعر.
س – الا تُسعد اذن عنما
يردد شخص آخر قصيدتك؟
ج – احيانا ، فكل انسان
يجب ان يُكافأ على عمل مرموق خاصة عندما يكتب اولى قصائدة ولا يكون متأكداً منها ،
لقد حدث لي مرة في موسكو وكنت انتظر مصعداً في احد الفنادق ، ان سمعت من شخص لا
اعرفه كان يقف خلفي يردد من قصيدة لي كنت نشرتها في " مجلة الاداب " في الستينات
ونسيتها ، واذ التفت مندهشاً ضحك وقدم نفسه لي قائلا : - انت لا تعرفني شخصياً ،
انا احمد دحبور . اذكر اني امتلأت غبطة من هذه الطريقة في التقديم وبدا لي انها
احلى هدية يستلمها شاعر . ومع ذلك فلم انشر هذه القصيدة في دواويني لانها كانت تمثل
احدى مراحلي الرومانسية والتي كنت فيها اول شعراء آخرين . اليوم لا يغريني المديح ،
وما اهتم به هو النقد واعني النقد المنهجي العميق . اما السلطة العليا التي يخضع
لها الشاعر فهي سلطة الشعر نفسه ، والشعر في خلوته هو شاهد العالم الصامت .
Comments 发表评论
Commentaires تعليقات
1
روان - السعودية
daloo3a_girl_13_2003@hotmail.com جوزي انا بحب وبدي
اتزوجة ايدا عندو زوجي بدور على قيرو |
|
|
![]() |
![]() |
|