ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

بولس آدم - العراقأصوات جديدة لمطحنة قديمة

بولس ادم - العراق/النمسا

 

 

افواه فاغرة تطلق صرخات تصم الآذان، يفهم منها كلمات..يارب يا مار.. اصوات هلوسة كورال اناس محاصرين داخل قاعة ضخمة تحت القصف!..امراة في الطرف الآخر ، وكما تحمي الدجاجة فراخها بجناحيها،تلف المراة طفليها وتشدهما الى صدرها، اسماء قديسين ..بكاء رقصة الأسنان..عرق يتصبب من على الجدران! وزوايا الحدقات تترقب شروخ عميقة تتسع في السقف..يختلط الدخان والغبار وتزداد العتمة..
اجساد تحتمي باجساد اخرى تلتصق وتترك الأظافر اثارها في جص الجدران! اخاديد السقف المرتج تنفث دخان ارجواني يقتنص الأنوف وتلتف الأيادي حول الرؤوس..
يقف يوحنا بقامته الفارعة مسمرا ناظريه في السقف ! تنهمر دموع عينيه، بينما تتصاعد ضوضاء القاصفات الطائرة وفرقعات القنابل وصفارات الأنذار..شعر يوحنا للحظة خاطفة بان مهد خشبي كالذي يستخدم في القرى الجبلية تجرفه حدبة الشلال المتساقط بقوة! ..يهوي جزء من السقف..يتصاعد صوت ملكو مغني ( راوي) القروي...
تتقدم نحو القاعة ( كروان) بغال ودواب،تدخل اليها محملة باكياس جوت سوداء مليئة بالحنطة! تساق من قبل عازفي (روك´اند روووول) بملابس جلدية سوداء واحذية ثقيلة لجنود يتقدمهم قارع طبل،دم..دم..دم!!
ثم يتغير الصوت قويا ومدويا، طق..طق..طق..صوت مطحنة قروية !..يلمح يوحنا جده ( مندو) ..
- يوحنا ؟ يايوحناااااااا،اين انت؟ هيا اتبعني ،لقد فات اوان الطحن! فلنسرع نحو قرية (كواني) فرحى المطحنة دائرة و ...ومن يتاخر اول النهار هو حمار اخر النهار !..يوحنا..يا يووووو....
تقطع قافلة الحنطة جسد القاعة..في طريقها الى المطحنة..طق ..طق..طق..
 اي سقف يلجا تحته يوحنا الآن ومواشير الحرب تلاشي الوانها طيف الشمس في عينيه؟
يتناهى الى مسامعه صوت مقام بغدادي حزين تؤديه المطربة الأميركية (تينا تورنر) التي تقف بعري ذراعيها
وهي تربت على كتفه لكانها تنفض غبار الحرب !..يخفي الضباب كل شئ ..وتنقل ريح القاعة رائحة رز يحترق!
يستمر دوي المطحنة،طق ..طق..تعوي الثعالب وتنظر ذئاب نحو القمر..والجد يطحن حنطته..ثم يتغير صوت المطحنة فجأة الى تك..تك..تك! يفتح يوحنا عينيه ذاهلا يواجه سقف الغرفة الصامت..يخرس الساعة المنضدية .. يرفع رأسه بتثاقل دوائره الحلزونية عن الوسادة المغرقة بضجيج الكابوس..يضعه..رانك ..رينك..رانننننن..قرع ناقوس الكاتدرائية وجها لوجه امام الحقيقة الأكيدة ..حقيقة انه في الفراش داخل غرفة النوم في شقة الغربة!
سال نفسه..هل كل شئ على مايرام ؟! نظر الى السقف نحو مصدر دربكة منتظمة جديدة..ولكن هذه المرة
لم تكن سوى سرير عسل الحب في الطابق اعلى !
شعر يوحنا في هذه اللحظة بانه قد نام الف سنة وان ايام السنين مثل خيوط العنكبوت تشده الى سريره وبدأ بروية في مداعبة خصلات امرأة وهمية! بأنامل راعشة.. وقعت عيناه الدامعتان على مزهرية فارغة محشورة في زاوية الغرفة امامه..أعجبته فكرة شراء زهور هذا الصباح!..فكرة سعادة غامضة تطرد من الغرفة..سقوف،اسياد، سجانين ، مخبرون، جنرالات،عاهرات،مقاهي،حانات، مجرمون على كرسي الرئاسة وقديسون بعد التقاعد!، طائرات ومدافع، امطار ودخاخين، مغنون ،مجانين،مدن وقحة وقرى موحشة !
يوحنا المستلقي على بطنه ضاغطا بوجهه في بلل الوسادة ..اذ يبدو انه بحاجة الى الفراش لفترة اطول هذا الصباح، على الأقل ليتأمل ذكرى قديمة جدا ، حيث كانت جدته تطبخ على نار الحطب في البستان، يوم قال لها وهو طفل قبل اربعين عاما..

- اشم رائحة رز يحترق !.

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا